| أفاق اسلامية
أساليب اجرامية أخرى تضيفها إسرائيل إلى سجل جرائمها المتعاقبة على أمتنا الإسلامية، إنها جريمة ليست كالجرائم التي اعتادت إسرائيل ارتكابها في حق أمتنا الإسلامية، ومقدساتنا وإخواننا في فلسطين، جريمة لم تستخدم فيها إسرائيل أي نوع من أنواع الأسلحة المادية التي اعتادت توجيهها إلى صدور الأبرياء من أطفال ونساء وكبار السن، جريمة لم تستخدم فيها إسرائيل طائرة أو دبابة أو مدفعاً، إنها جريمة استهدفت أغلى ما يملكه المسلمون، وهو كتاب الله عز وجل.
فقد طالعتنا وسائل الإعلام بخبر مفاده أن إسرائيل أصدرت طبعة محرفة عن ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة العبرية، غيرت فيها بعض الآيات بقصد تحريف معاني القرآن الكريم، وأضافت بعض الألفاظ والمعاني عليه، وحذفت منه آيات تزويراً لكتاب الله تعالى، ومحاولة منها لتحقيق أهدافها في معاداة الدين الاسلامي وتشويهه، وتعبيراً عن رغبتها في الحط من قدر القرآن الكريم، وطعناً برسالة الإسلام، وتشكيكاً لما نزل على محمد - صلى الله عليه وسلم .
وكعادة المملكة العربية السعودية في دفاعها عن قضايا الأمة الإسلامية، جاء الرد عملياً، حيث أعلن معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد المشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ عن اعتزام المجمع اعداد ترجمة صحيحة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة العبرية، رداً على قيام اسرائيل بطباعة وتوزيع ترجمة محرفة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة العبرية، تتضمن أباطيل وأكاذيب مدسوسة على الاسلام، وعلى كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وتاريخ اليهود مليء بالشواهد على تحريفهم لكتب الله ورسالاته، لأن هذه صفة اليهود التي توارثوها عن أسلافهم، قال سبحانه وتعالى: «فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم».
وتعتبر أول ترجمة عبرية لمعاني القرآن الكريم من إعداد تسفي حاييم هيرمان اليهودي الألماني، والترجمة الثانية أعدها المستشرق اليهودي وكندرن عام 1936م، وثالث هذه الترجمات كانت من إعداد هارون بن سميث، وتعتبر الترجمة التي نحن بصددها هي خامس هذه الترجمات، حيث حذف اليهود منها بعض الألفاظ بقصد الايحاء بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بكتاب من تأليفه، ويمكن الرد على هذا الزعم الباطل بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل أمي، فكيف يمكن أن يأتي بمثل هذا القرآن، الذي به تصلح أحوال الناس جميعاً، ويحتوي من الشرائع والأنظمة ما يصلح للتطبيق في كل زمان ومكان.
وصدق الله القائل: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»، فقد تكفل الله تعالى بحفظ القرآن الكريم على مر العصور والأزمان، ولعل من عوامل حفظه في هذا العصر هذا الصرح العملاق «مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف»، الذي يعتبر أحد المآثر الخالدة لخادم الحرمين الشريفين في خدمة الإسلام والمسلمين، إذ بلغت اصدارات المجمع أكثر من «000.000.165» مائة وخمسة وستين مليون نسخة من المصحف الشريف وترجمة معانيه، اضافة الى ما قام به المجمع من تراجم وبحوث ودراسات حول القرآن والسنة الشريفة.
ولقد أسهم مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف منذ انشائه بسد احتياج أبناء الأمة من نسخ القرآن الكريم، وأصبح في متناول أيدي المسلمين بجميع أنحاء العالم، حيث كان للمجمع أثره الواضح بربط المسلمين بكتاب ربهم عن طريق توزيع ملايين النسخ سنوياً، بعد ما تمر طباعتها بإجراءات دقيقة وصارمة، من حيث الجودة والمحتوى، بواسطة أحدث آلات الطباعة، وبمراجعة علماء متخصصين في هذا المجال، وقد أصدر المجمع ترجمات معاني القرآن الكريم إلى تسع وثلاثين لغة، موزعة على ستة وخمسين إصداراً.
فأسأل الله تعالى أن يجزي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، على ما يقدمه لأمته من خدمات جليلة، وأن يجعلها في موازين حسناته، وأن يبارك في عمره.
alomari1420@yahoo.com
|
|
|
|
|