| أفاق اسلامية
*الدمام الجزيرة:
نستكمل اليوم الجزء الثاني من تغطية فعاليات البرنامج الدعوي المقام على هامش المعرض الأول لوسائل الدعوة الى الله الذي نظمته وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في الفترة من 17 - 23/3/1422ه بمقر مركز المعارض بالظهران بمدينة الدمام تحت شعار.. «كن داعياً».
الدعوة عبر التقنية
في اليوم الثالث لفعاليات البرامج الدعوية عقدت حلقة علمية بعنوان: «الدعوة إلى الله تعالى عبر التقنيات الحديثة» ، شارك فيها كل من الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الموسى رئيس قسم الحاسب الآلي ونظم المعلومات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وفضيلة إمام وخطيب جامع عمر بن عبدالعزيز بالخبر الشيخ محمد بن صالح المنجد.
وقد بدأ الحلقة د.عبد الله الموسى مؤكدا أن أساليب الدعوة إلى الله تعالى تطورت بتطور التقنيات، ونحن الآن أمام ثورة «الإنترنت» إحدى الثورات الحديثة في مجال الاتصالات والتي يمكن توظيفها في خدمة الدعوة إلى الله تعالى، معرفاً«الإنترنت» بأنها مجموعة من شبكات المعلومات المرتبطة ببعضها البعض حول العالم، عارضاً لذلك عدداً من الصور التوضيحية التي تبسط كيفية عمل «الإنترنت» ومكوناتها، مبيناً أن عدد المشتركين في هذه الشبكة يبلغ «400» مليون مشترك، وأكثر من «150» مليون شخص يستخدمون البريد الإلكتروني، وكل شهر ينضم أكثر من مليون مشترك، وتتضاعف صفحات «الإنترنت» كل خمسة وثلاثين يوما تقريباً، ويضاف «103» آلاف موقع، ونمو الانترنت في المملكة حوالي «160%»، وعدد المستخدمين للإنترنت في المملكة حوالي «300» ألف مشترك.
ومن جانبه، تحدث الشيخ محمد المنجد عن معنى ظهور الإنترت من الناحية الشرعية، قائلاً: إن ظهور الإنترنت يعني لنا أموراً من جهة المعتقد، ونحن نعتقد ونتيقن أن الله سبحانه وتعالى خلق أفعال العباد ، قال تعالى :«والله خلقكم وما تعملون»، وقال فضيلته ان ظهور هذه الشبكة داخل في قضية القضاء والقدر التي تقوم عند أهل السنة والجماعة على أربعة أركان، وهي: علم الله الشامل والمحيط ، وإرادته ومشيئته النافذة، وكتابته المقادير في اللوح المحفوظ، وخلق أفعال عباده.
وأشار فضيلته إلى أن هذه الشبكة لها ارتباط بأشراط الساعة، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في أشراط الساعة أن يتقارب الزمان ، وهو ما يفسر الآن من تقارب ما بين المدن والأقاليم وقصر المسافة بينها بسبب اختراع الطائرات والسيارات والإذاعة وما إلى ذلك، والإنترنت هذه داخلة في ذلك.
وحذر فضيلة الشيخ محمد المنجد من وجود أكثر من«500» ألف موقع من المواقع الإباحية التي تشجع والعياذ بالله على فعل الزنا والفحشاء في شبكة الإنترنت ، والبطاقات الإئتمانية والالكترونية التي تتعامل بها الشبكة وهي بطاقات ربوية، داعياً إلى وجوب استخدام هذه الشبكة العالمية في الدعوة إلى الله تعالى.
بعد ذلك تحدث الدكتور الموسى عن البريد الإلكتروني وكيفية الاستفادة منه، قائلاً: إن مجالات استخدام شبكة الإنترنت لا تخرج عن كونها وسيلة اتصال، ووسيلة تعليمية، ووسيلة ترفيهية، ووسيلة إعلامية ووسيلة تجارية ، ووسيلة إدارية، ووسيلة بحثية، مبيناً أن هذه الشبكة يمكن استخدامها كوسيلة اتصال أياً كان هذا الاتصال سواء الدعوة إلى الله تعالى أو غيرها، مستعرضاً بعض الخدمات التي تقدمها شبكة الانترنت، وكيفية توظيفها للدعوة إلى الله تعالى.
وشرح الموسى أن البريد الإلكتروني هو أشمل وأكثر مجالات شبكة الإنترنت استخداماً، وهو عبارة عن رسائل ونصوص ترسل إلى شخص من آخر عبر الشبكة، وهذه الرسائل قد تحتوي على صوت، وصورة، ونص ، أو بهما معاً، متحدثاً عن إمكانية توظيف البريد الإلكتروني في الدعوة إلى الله تعالى.
وفي مداخلة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح المنجد، نبه إلى خطورة الكثير من المواقع التي توقع المشترك المسلم في المحظورات خاصة المواقع التنصيرية التي تدعو مستخدمي شبكة الإنترنت من المسلمين إلى الارتداد عن الدين الإسلامي، وفي نفس الوقت بين الفوائد الكبيرة التي يمكن الحصول عليها من هذه الشبكة العالمية، مستعرضاً الكثير من الحالات التي حدثت وأعطت الفوائد الجمة للمسلمين.
وأشار فضيلته إلى الفوائد الكثيرة التي يمكن أن تتحقق من الإنترنت ولاسيما ما يتعلق بالأحداث والقضايا التي مرت بها بعض الدول الإسلامية
واختتم الشيخ المنجد حديثه في الحلقة، مستعرضاً بعض الحالات التي يسر الله وأعلنت إسلامها قبل أربع سنوات عن طريق موقعه في الانترنت، حيث تمت الإجابة على استفسارات وأسئلة كثير من الذين يعتنقون الديانات الأخرى، وعرضت في حينه على سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمهما الله ، وعدد من أصحاب الفضيلة العلماء في المملكة العربية السعودية وأجابوا عليها، مشيراً إلى أنه كان لهذه الفتاوى بتوفيق من الله الأثر المباشر في إسلام الكثير في مختلف أنحاء المعمورة.
البرامج الميدانية الدعوية
كذلك عقدت في نفس اليوم الاثنين حلقة تطبيقية تناولت البرامج الميدانية وطرق تنفيذها حاضر فيها فضيلة الشيخ محمد أمين ميرزا مدير مركز الدعوة والإرشاد بمكة المكرمة.طارحا سلسلة من المقترحات التطويرية بهدف الاستفادة منها في تطوير أساليب الدعوة إلى الله تعالى، ومنها الأساليب البيانية والتي تتضمن التقرير والتلقين، والاستدلال، والوعظ ، والترغيب، والترهيب، والحوار، والتلميح، والتوبيخ، والتعميم، وغير ذلك، أما الأساليب التطبيقية، ذكر أنها تتضمن القدوة، والحكمة والتدرج، والتفاعل، والتأصيل ، والتكرار، والتجريب.
وقسم فضيلته البرامج الميدانية من حيث الوسائل إلى خمسة أقسام، أولها برامج تعتمد على وسائل قولية، وثانيها برامج تعتمد على وسائل كتابية، وثالثها برامج تعتمد على وسائل إعلامية، ورابعها برامج تعتمد على وسائل عملية، وخامسها برامج تعتمد على وسائل مساندة، شارحاً كل وسيلة على حدة وأنوعها.
وتطرق فضيلة الشيخ محمد ميرزا إلى قنوات تنفيذ البرامج، حيث قال: إنها تتضمن مراكز الدعوة ، والمكاتب التعاونية، والخطباء، والأئمة، والمدرسون، ومندوبي الدعوة، والمتعاونين، والأفراد ، والتجار ، والمجلات، والإذاعات، والقنوات الفضائية، وشبكة الانترنت، والكتاب، ورعاية الشباب، والجماعات الخيرية والاجتماعية، وجماعات تحفيظ القرآن الكريم، والجامعات، والمكتبات.
وأورد فضيلته عدداً من النماذج لبعض البرامج الميدانية وطرق تنفيذها، مثل: البرامج الميدانية لتعليم أهل البادية، والبرامج الدعوية الميدانية لمتدربي الدعوة المتعاونين في الأحياء، والبرامج الميدانية النسائية، والبرامج الميدانية في المخيمات الصيفية وفي فصل الربيع، و البرامج الميدانية الدعوية لتوعية نزلاء السجون.
المسؤولية المشتركة
كما نظمت في مساء نفس اليوم محاضرة دينية بعنوان: «الدعوة إلى الله ومسؤوليتها المشتركة» ألقاها فضيلة الشيخ عبدالباري بن عواض الثبيتي إمام وخطيب المسجد النبوي.
وقد استهل فضيلة الشيخ الثبيتي محاضرته مؤكداً: إن الذي يطلع ويرى الواقع الذي نعيشه، وكثرة المغريات والفتن، وتكالب الأعداء على الأمة الإسلامية يعلم أننا بحاجة ماسة إلى أنه يجب أن نحيي في نفوسنا وفي طلابنا وفي دعاتنا وفي كل مسلم الدعوة إلى الله تعالى، لأن بالدعوة تتحقق حصانة المجتمع، وحصانة النفس البشرية، وبها نجاة لنا في الدنيا والآخرة.
وأشار فضيلته إلى أن الإخلال بالدعوة إلى الله تعالى له آثار خطيرة لا تخفى على الجميع، متحدثاً عن عنوان المحاضرة، وقال: إن مفردات العنوان تشتمل على كلمتين، الأولى الدعوة، والثانية المسؤوليات، ثم عرف معنى الكلمتين في اللغة والاصطلاح، تمهيداً للمحاضرة، وقال: إن الآيات القرآنية التي تتطرق للدعوة وتتحدث عنها نجد أنها تخاطب الفرد والأمة والجماعة، قال تعالى:«ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»، وقال سبحانه وتعالى:«يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك»، أما الخطاب للأمة، فقال تعالى:« ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر»، ويقول تبارك وتعالى:«كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله».
وأبان فضيلته أن كل مسلم يستطيع أن يقوم بمفرده بدعوة فردية، وكذا يستطيع أن يقوم بدعوة جماعية ، مؤكداً فضيلته على ضرورة أن يكون الداعية قدوة في نفسه وفي عبادته وفي صلاته، وفي سمعته، وفي أخلاقه، مشيراً إلى أن الكثير من سكان المدن والقرى المنتشرة في دول جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا، والدول الأفريقية قد أسلموا بسبب القدوة لكونها دعوة مباشرة، كما أن القدوة تؤدي إلى اتقان العمل والعمل في أي مجال في المجال الشرعي، أو في مجال آخر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله يجب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»، مبيناً أن الإنسان إذا اتقن عمله يفتح له أبواب كثيرة من الدعوة، ويصبح محبوباً بين الناس ومحترماً بينهم.
أساليب تحديث البرامج
وفي مساء يوم الثلاثاء العشرين من شهر ربيع الأول الجاري عقدت حلقة تطبيقية عن أساليب تحديث البرا مج وتفعيلها حاضر فيها عمر بن سليمان الحميدي مدير معهد الثانوية التجارية القسم المسائي بالدمام.
وقد استهل المحاضر في الحلقة حديثه بالشرح لكيفية جعل البرامج أكثر فعالية والمخرجات أكبر مقابل مدخلات ثابتة مع زيادة إدخال المفردات وكذلك التفعيل فيه والمقصود منه بتحديد الأمور، حيث يمكن أن يحدث تغيير بينما النفس الخاملة لم تحدث أي تغيير.
وأكد فضيلة الشيخ الحميدي على أن الوسائل تتغير حسب الظروف والأزمات، كذلك من العوائق اتجاه التحديد من الأسفل إلى أعلى يجب أن يكون من اللأسف إلى الأعلى ومن الأعلى إلى الأسفل، فالكل يمارس التحديد، إذا كان فقط المسؤول يمارس التحديد والآخرون يسمعون ولا يشاركون فهذه مشكلة، فيجب أن يكون هناك تواصل من الأعلى إلى الأسفل ومن الأسفل إلى الأعلى، مضيفاً أنه كان هناك إهمال وعدم إشراك العاملين والمبتدئين من العمال في تفعيل العمل سيكون هناك عائق من عوائق تحديد البرامج وتفعيلها وبالتالي ستفقد المؤسسة الإبداع والابتداع وبالتالي التطور والتقدم.
واختتم الحميدي شرحه بالتأكيد على أهمية وضع ضوابط للأهداف التي يريد أن يحققها الإنسان أو المؤسسة أن الشركة حتى يصبح إنجاز الغايات والمرامي بكل سهولة ويسر وبالتالي تتحقق المطالب والأماني، مطالباً جميع المؤسسات والجهات المشاركة في المعرض الأول لوسائل الدعوة إلى الله تعالى بوضع رؤية واضحة ومحددة لأعمالها، حتى تستطيع أن تنجز مهامها بكل سرعة واقتدار.
مكانة الدعوة في القلوب
كما ألقى فضيلة الشيخ إبراهيم بن عبدالله الدويش عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين في الرس بمنطقة القصيم مساء يوم الثلاثاء نفسه محاضرة بعنوان: «مكانة الدعوة في قلوب الدعاة».وقد بدأ فضيلته المحاضرة متسائلاً:
كيف لا يكون للدعوة في قلوب الدعاة مكانة، بل وفي قلب كل مسلم، وهو يقرأ قوله الله تعالى:« ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون» ، وقوله تعالى:« قل هذه سبيلي أدعو إلى اله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين»، وقوله سبحانه وتعالى:« ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن».
وأشار الشيخ إبراهيم الدويش إلى أن الناس لا يزالون ينتظرون المزيد من الجهود الدعوية خاصة في هذا العصر الذي يموج بالفتن، وتسيطر عليه الماديات، وتشعر فيه شعوب كثيرة بالعطش الروحي، والفراغ العقدي وانتشرت بين كثير منهم البدع والخرافات، مما يحتاج معه إلى مضاعفة الجهود الدعوية، بل إلى توسيع دائرة الدعوة، ومشاركة كل مسلم ومسلمة قادر وقادرة على أن يقوم بمثل هذا العمل.
وأكد فضيلته أننا في هذا العصر أحوج ما نكون إلى كل جهد وكل وسيلة مباحة نستطيع من خلالها أن نوصل دين الله تعالى إلى كل أحد في شرق الأرض وغربها.
ونبه فضيلته إلى مخاطر ترك العدوة وإهمالها متسائلاً لو ماتت الدعوة إلى الله ما الذي سيحصل ؟، وأجاب فضيلته تتعطل الشريعة، وتضمحل الديانة، وتعم الغفلة، وتنتشر الضلالة، وتشيع الجهالة، ويستشري الفساد، وحينئذ يحل عذاب الله، وإن عذاب الله لشديد، يقول صلى الله عليه وسلم: «مامن قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا فلا يغيروا يوشك الله أن يعمهم بعقاب» كما جاء في النسائي وأبو داود.
واسترسل الدويش قائلاً: لو أن كل مسلم انشغل بمهامه وشهوته، وترك أمته، ما الذي يحصل عندها؟ تتعطل الدعوة، وحينئذ فعلى معالم الإسلام السلام، فويل يومئذ للفضيلة من الرذيلة ولأهل الحق من المبطلين، وويل لأهل الصلاح من سفه الجاهلين، فعندها يظهر أهل الباطل، ويخنع أهل الحق، ويغرقوا في شهواتهم وهمومهم ولذاتهم، لو طوي نضال الدعوة ، وأهملت.
وحث فضيلته الدعاة وطلبة العلم على أن يكونوا واثقين بمعية الله لهم، وأن يكونوا معتزين بعقيدة الله. وقال : إن الأمة التي لا تدعو تدعى، والأمة التي لا تغزو تعزى ، وقوة الأمة بثوابتها وبمبادئها بالدعوة إليها، ولا يمكنها ذلك حتى تتحد في أهدافها وأعمالها، فتكون على دين واحد قولاً وعملاً وصراطاً مستقيماً لله الذي له ما في السموات وما في الأرض.
وتطرق فضيلته في محاضرته إلى الساحات الدعوية الباطلة، والعقائد المنحرفة التي تستهدف المسلمين في دينهم وعقيدتهم في العديد من الدول الإسلامية، مستعرضاً بعضاً من الحملات التنصيرية في دول إسلامية في آسيا وأفريقيا، والوسائل التي يتسخدمونها في تنفيذ أهدافهم التنصيرية، معرجاً في الوقت نفسه على انتشار الإسلام بصورة كبيرة في دول أوروبية وأمريكية، وزيادة أعداد الداخلين في الإسلام وكذا المساجد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم ممثلاً على ذلك بما شهدته روسيا في السنوات القليلة الماضية.
وقال فضيلة الشيخ إبراهيم الدويش في نهاية محاضرته: إن علينا أن ننصر الدعوة إلى الله، وأن يبذل كل مسلم ومسلمة كل ما يستطيع من جهد وعمل، لنصرة العقيدة الإسلامية، سائلاً الله أن يوفق الدعاة والمخلصين وكل العاملين للدين لما يحبه ويرضاه.
دور المسجد الدعوي
وفي صباح يوم الأربعاء الواحد والعشرين منه، عقدت حلقة علمية عن دور المسجد الدعوي، شارك فيها كل من فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان رئيس قسم الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وفضيلة الشيخ الدكتور علي بن محمد العجلان المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة القصيم.
ففي البداية، تحدث فضيلة الدكتور صالح بن غانم السدلان عن رسالة المسجد ومكانته ودوره في الإسلام، وقال الدكتور السدلان: إنه بفضل من الله تعالى وتوفيقه أدرك ولاة الأمر في هذا البلد المبارك وعلماء المسلمين ذلك البعد عن المسجد، فتعددت الدعوات وتنادى الناس من قريب وبعيد داخل الدولة الإسلامية ووجود المسلمين أيضاً في أي مكان من هذا العالم تنادوا إلى إحياء رسالة المسجد، ووجدت جهات تعنى بذلك كوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ورابطة العالم الإسلامي، مشيراً إلى أن المسجد اليوم في المملكة العربية السعودية استعاد جوانبه ومازالت الجوانب كثيرة تحتاج إلى إعادتها إلى المسجد وربطها بالمسجد.
بعد ذلك تحدث الدكتور علي العجلان عن دور الإمام والمسؤول الإداري لرسالة المسجد الدعوي، وأوضح الشيخ العجلان أن هناك عدداً من الصفات التي يجب أن تتوافر في الإمام ليقوم بدوره الذي أوجبه الله عليه ومن ذلك العلم الشرعي، والإخلاص الذي هو شرط قبول العمل، وحسن الخلق، وخفض الجناح، والحلم، واللين، والرحمة ، قال تعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم»، وأن يكون الإمام قدوة حسنة في أقواله وأفعاله، وحريصاً على نفع الناس وهدياتهم، واستثمار أوقات الخير،و أن يعمل على إنجاح دور المسجد الدعوي.
ومن جانبه أكد فضيلة الشيخ السدلان على أن المؤسسات المدنية، وغيرها الأصل فيها أن تكون مرتبطة بالمسجد وبرسالته، ومستفيدة من المسجد، وفيه تعاون بين المسجد وبين هذه المؤسسات مدنية كانت ، أم عسكرية، أم غيرها.
ومن ناحيته قال الدكتور علي العجلان أن هناك أعمالاً يمكن أن يقوم بها الإمام، حيث استعرض منها النشاط العلمي، وتنظيم المحاضرات الموسمية، والدروس العلمية، ووضع المسابقات لجماعة المسجد وسكان الحي من الرجال والنساء، وتوزيع الكتيبات والمطبوعات التي تصدرها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ، لتوعية الناس، وإرشادهم، وكذا بعض الجهات التي تصدر كتيبات دينية، وكذلك توزيع الفتاوى الصغيرة التي صدرت من جهة الإفتاء، وإنشاء مكتبة خاصة بالمسجد توضع فيها مجموعة من الكتب المنوعة، وفتح الحلق لتحفيظ القرآن الكريم، وخاصة بالنساء، وتذكير جماعة المسجد بالأوقات الفاضلة كرمضان، وأيام عشر ذي الحجة ، ويوم عاشوراء.
طرق التأثير والإقناع
وفي مساء اليوم الخامس الأربعاء الحادي والعشرين منه، عقدت ندوة علمية بعنوان «طرق التأثير والإقناع في الدعوة إلى الله»، شارك فيها كل من فضيلة الشيخ صالح بن عبدالله الدرويش القاضي بمحكمة القطيف، وفضيلة الشيخ الداعية محمد بن عبدالله العكاس.
ففي بداية الندوة، عرف فضيلة الشيخ صالح الدرويش معنى كلمة الإقناع في اللغة والاصطلاح، ثم أجاب على الأسئلة التي طرحها بعض الحضور حول القناعة ومعانيها، وهل وردت في القرآن الكريم بهذا اللفظ؟ وقال مجيباً: إن كلمة القناعة أو هذا اللفظ ورد ذكرها في القرآن الكريم بمعنى تنكيس الرؤوس، قال تعالى:«مهطعين مقنعي رؤوسهم» أي قد خفوها من شدة ما أصابهم من ذل، ورأى بعض المفسرين أنهم رفعوا رؤوسهم ينظرون ما سيقضي، وينتظرون الفصل في القضاء، كما وردت في قوله تعالى:«فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر» فالقانع هنا الذي يقنع بما يأتيه.
واستطرد فضيلة الشيخ صالح الدرويش، قائلاً: إن القرآن الكريم كلمة إقناع، وكلام الله سبحانه وتعالى من سورة الفاتحة إلى الناس كله بمعنى الإقناع أي الحجة على البشر ببعثه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو القرآن الكريم، مشيراً إلى أن الله سبحانه وتعالى قد حفظ القرآن الكريم، ووصف الله سبحانه وتعالى بأوصاف كثيرة إذا تأملناها أدركنا أن القرآن كله معجزة، قال تعالى:« وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا».
ثم تحدث فضيلة الشيخ محمد بن عبدالمحسن العكاس عن الفرق بين الإقناع والتأثير، وقال: إن التأثير يعني أن يترك الداعي عند المدعوين أثراً ، أي بتأثير المدعوين بما سمعوا ، وكيف سمعوا، وممن سمعوه، مورداً فضيلته بعض الآيات القرآنية في هذا الشأن، ومؤكداً على أهمية الأسلوب الذي يستخدمه الداعية وقدرته على التأثير.
من جانبه، أجمل فضيلة الشيخ صالح الدرويش أهم أساليب الإقناع التي وردت في كتاب الله تعالى ، وذكر منها مخاطبة ذات الإنسان كاملة«عقله وذاكرته» ، واستئثار الخطاب الكوامن في النفس، وشد الانتباه في العقل، فالقرآن جمع الفصاحة والبيان، وهو بحد ذاته مؤثر، وقال إن المتتبع لحال كثير من الذين اسلموا، وكيف اهتدوا، وكيف أسلموا . يجد أنهم بمجرد سماعهم لبعض آيات القرآن الكريم تنشرح صدورهم، ويهتدون لما سمعوا.
واسترسل فضيلته قائلاً: الأمر الآخر الآيات التي ورد فيها القصص، فكثرة ما أورده الله سبحانه وتعالى من قصص في القرآن الكريم بما فيها من تنوع وتداخل في بناء العقيدة، وبناء الشخصية المسلمة من الصبر والتقوى، وغير ذلك مما ورد في القصص هي بحد ذاتها من الأساليب الإقناعية الكثيرة التي أوردها الله سبحانه تعالى في محكم التنزيل، مستعرضاً بعضاً مما ورد في القرآن الكريم من أساليب في الإقناع ، وهي قضية قوة الحوار والحجة في الاستدلال بالقرآن الكريم لما قرن الله تعالى الوحدانية« وحدانية الله» أجملها سبحانه وتعالى في آيات معدودة، وهو ما يسميه العلماء بدليل التمانع.
ومن جهته ، تناول الشيخ العكاس أسباب التأثير على المدعوين والموضوع الذي يتحدث عنه الداعية، وقال: إن شخصية الداعية تؤثر إذا كان يبدو عليه الحلم، والتسامح، واللين ، واحترام الآخرين، لاشك أنه سيترك في الناس الأثر.
وقال فضيلته : إذا تواضع الداعية للمدعوين فإنهم سيستمعون إليه ويتقبلون منه ، فخلق الداعية في حد ذاته وصفاته يكون سبباً من الأسباب التي يهيئها الله للقبول، كما أن ثقافة الداعية، وما لديه من خلفية كبيرة عن المدعوين وثقافتهم فإن ذلك سيترك أثراً لدى المدعوين، وبالتالي يجد القبول منهم، ويتفاعلون معه، مؤكداً أن الدعوة ليست أسلوباً واحداً، أو منهجاً واحداً، بل تتعدد باختلاف ثقافة المدعوين، وقال: إن مثابرة الداعية وصبره لهما أثر في الدعوة، مشدداً على أهمية أن يعرف الداعي أحوال المدعوين، ويكون لديه خلفية جيدة عنهم قبل أن يدعوهم، مورداً عدداً من الأمثلة والنماذج التي مرت عليه، وتوضح تلك الأهمية.
وعن موضوع أسلوب القصص في القرآن الكريم، شرح فضيلة الشيخ صالح الدرويش أن من أساليب الإقناع في القرآن الكريم هو أسلوب القصص، والقصص في القرآن الكريم كثيرة جداً، كما قال الله عز وجل:«لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ماكان حديثاً يفترى»، وعندنا في الحقيقة معشر الدعاة، معشر المسلمين عندنا ضعف شديد في الطرح الأدبي سواء في القصة، أو في الشعر، أو في الرواية، وغيرها من فنون الأدب التي يمكن أن تسخر لخدمة الدعوة إلى الله تعالى، فتجد أن الأطفال يحتاجون إلى قصص معينة، والنبي صلى الله عليه وسلم يحضهم، ويعطيهم ما يناسبهم، مر عليه السلام على ذاك الصبي ، فقال يا أبا عمير ما فعل النغير يمازحه عليه السلام ويداعبه ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب لهم الأمثلة، كما يسميها العوام الأحاجي والألغاز، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابهم بين الفينة والأخرى بالقصص.أما فضيلة الشيخ العكاس، فيقول في الشأن نفسه : إن إشراك المدعوين في الحديث والحوار أثناء إقناعهم يعطي العملية الدعوية تفعيلا قويا، ويعطي الشجاعة للمدعوين على إبداء آرائهم في الموضوع الذي يدور الحوار حوله، وبالتالي يتم اقناعهم بسرعة، لأنك أعطيتهم الفرصة للمشاركة في غير اعتمادك على التلقين الذي يستعمل فقط للأطفال.
وأكد فضيلته على أهمية ضرب الأمثال، ووصف ذلك بأنه مهم جداً ، حتى ان بعض طلبة العلم يسأل ربه أن يفقهه فيما ذكره الله من الأمثال، فالحاجة ماسة إلى ضرب المثل، حتى الآباء والأمهات في ضرب الأمثال في تربية الأولاد والبنين والبنات فيه ضعف شديد مع أن الحاجة ماسة للأمثلة، حيث انها تقرب المعنى حتى يتضح لهم الأمر الذي تريد بيانه.
|
|
|
|
|