| أفاق اسلامية
إن الحسبة من أهم تطبيقات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لذا فقد أولاها الشارع أهمية خاصة.. إلا أن بعض المجتمعات الإسلامية نحت نحو نظم وضعيه ما أنزل الله بها من سلطان استبدلت )الذي هو أدنى بالذي هو خير( بهذه الكلمات ابتدأ المؤلف سعد بن عبدالله العريفي كتابه )الحسبة والنيابة العامة: دراسة مقارنة( والواقع في 120 صفحة من القطع المتوسط وتناول في المقارنة بين الحسبة كنظام إلهي والنيابة العامة كنظام وضعي، ثم تناول في فصله الأول النيابة العامة في النظم الوضعية، وبدأ بنشأتها ونشأة نظم الاتهام حيث عرف الاتهام أنظمة مختلفة منها «نظام الاتهام الشخصي أو الخاص حيث يقوم المجني عليه بالرفع إلى القضاء بطلب توقيع العقوبة على الجاني ويؤخذ على هذا النظام أنه يشترط إصابة المجني عليه دون غيره بالجريمة كما يؤخذ عليه أن المجني عليه قد يتقاعس عن الاتهام لغلبة الجاني وخشية بطشه. أما ما يسمى بطريقة الاتهام القضائي فهو أن يتصدى القاضي للنظر في الدعوة دون الحاجة إلى خصم يرفعها بل مجرد علمه بالجريمة، وما يسمى بنظام الاتهام العام: أن تقوم بالاتهام هيئة عامة مستقلة عن القضاء نيابة عن المجتمع.. وهذا النظام هو الذي جاءت منه النيابة العامة.
ويستعرض الكتاب تطور النيابة العامة واختصاصاتها في الدعوى الجنائية والإشراف على تنفيذ الأحكام الجنائية.
النيابة العامة والحسبة:
وفي الفصل الثاني تناول المؤلف المقارنة بين الحسبة ونظام النيابة العامة، ويبدأ بتوضيح أن المقارنة بين شيئين أو نظامين ليس معنى ذلك أنهما متشابهان أو حتى بينهما شبه قريب.. فقد يكون هذان النظامان على طرفي نقيض أو تجمعهما صفات مشتركة أو معينة تجعل من المحتم دراستها لتبيان حقيقة كل منهما ومعرفة الفروق الجوهرية بينهما.
النشأة والاختصاص:
ولذلك عرض المؤلف الفروق بين النيابة العامة والحسبة من حيث النشأة والاختصاصات وسلطات كل منهما فالحسبة هي التطبيق الحي والحارس الشرعي لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحراسة المجتمع من تفشي المنكرات والمعاصي في جسده وحمايته من كل ما يهدد سلامته.. وأكد المؤلف أن نظام الحسبة يقوم على مبدأ ثابت لا يعتريه النقص أو التغيير بعكس نظم النيابة التي تميل بها الأهواء والاتجاهات.. كما أن نظام الحسبة له من الكمال المطلق ما يجعله صالحاً لجميع الأزمنة والأمكنة.. أما نظام النيابة فهو نظام من وضع البشر ويكفيه منقصة أنه كذلك حيث إن فيه من النقص ما في النفوس البشرية من نقص وعجز من أن يبلغوا الكمال المطلق أو يصلوا إلى ما وصلت إليه الشريعة الربانية ويخلص المؤلف إلى القول لهذا جاء هذا النظام متقلباً ومتغيراً حسب الأهواء والأمزجة وحسب طبيعة البشر وذلك للرغبات والميول السياسية والاجتماعية كما أنه مر بمراحل عديدة وتجارب متواصلة ولم يزل كذلك بعكس نظام الحسبة الذي ظل ثابتاً كما هو منذ فرضه الله سبحانه وتعالى حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
البون الشاسع:
ويشير الكتاب إلى الفروق بين النظامين من حيث الاختصاص.. فاختصاص ولاية الحسبة هو المنكرات الظاهرة وهو نظام رقابة، وهو شبيه بنظام الضبط الإداري الذي يحافظ على أمن وسلامة المجتمع ويمنع عنه الجرائم والأخطار ويحول بين مرتكبي الجرائم لتنفيذ جرائمهم كما يقوم بالأخذ على أيديهم وذلك وفق مفهوم إسلامي.. وفي المقابل نرى اختصاصات النيابة العامة المعطاة لها بموجب القانون وذلك في تحريك الدعاوى الجنائية ومباشرتها ورفعها فهي لاتختص إلا بالمنكرات التي تقع من مكلف وهي ما يسمى في الإسلام بالمعاصي.. أما الحسبة فهي أوسع نطاقاً من ذلك حيث تقوم بتعقب المنكرات سواء التي تقع من مكلف أو غيره.
الحكم:
ويختلف النظامان من حيث الحكم.. فالحسبة واجب إما فرض عين أو كفائي على النقيض من نظام النيابة العامة التي حكمها الإباحة ولا يلحق بتركها ثواب أوعقاب.. أما الحسبة فلا تسقط إلا بالأداء وإذا تركت أثمت الأمة وحق عليها عقاب الله عزوجل.. وفي النظام الإسلامي يوجب الاحتساب على كل فرد علِم بوقوع المنكر. أما في النظم الوضعية فعلى الأفراد إبلاغ النيابة.
|
|
|
|
|