| الاقتصادية
في النظرية الادارية هناك تياران عريضان حول أساسيات التنظيم وممارسات الادارة الاول هو النمط الميكانيكي )من الماكينة والآلة أو الآلية( الذي يحاول ايجاد وممارسة طريقة للتنظيم تكون عالية الوضوح وصارمة المعالم وشديدة التمسك بالمعايير والاجراءات، والتيار الثاني هو النمط العضوي في التنظيم الذي يمنح مرونة اكبر للتنظيم تقديرا للظروف الانسانية والديناميكية البيئية المحيطة ويوجد كل من هذين النمطين بدرجات متفاوتة في كل منشأة ولدى كل مدير ولكن يظل للنمط الميكانيكي عجائبه التي لا تنقضي بسبب الخصائص التالية: 1 العقل الميكانيكي يقدس الاجراءات والمعايير على حساب الاداء والنتائج بمعنى آخر يعتقد الذين يعتنقون هذا النمط ان الامور يجب ان تسير بخطوات وطريقة نظامية فيها الكثير من المتطلبات الورقية والتصاديق والتمسك بالمرجعية الادارية مثل كلمة )موافقة الرئيس( ولتذهب النتيجة او الاداء الى الجحيم وكمثال في احد الاقسام العلمية في جامعتنا العريقة تم تأخير اعلان تخرج واحدة من ألمع الطالبات من برنامج الماجستير سنة كاملة لأن ملفها تنقصه ورقة واحدة يعني )خلاص( الطالبة اجتازت البرنامج بنجاح لماذا العودة الى معايير القبول، 2 العقل الميكانيكي يتصور وجود طريقة مثالية واحدة للعمل او اسلوب واحد يتم التعسف في تطبيقه حتى لو كانت الظروف المحيطة غير مواتية وفي ذلك نقص مرونة وضعف تكيف وتحيز كبير لهذه الطريقة التي يحفظها صاحب العقل الميكانيكي عن ظهر قلب ويمارسها بحرفية مقيتة لا تعطي تقديرا مناسبا للعوامل الانسانية والاختلافات الجوهرية في الاحوال والظروف، عندما امر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإلغاء حد السرقة في عام المجاعة كان يرسل تنبيهاً شديد اللهجة الى هواة النمط الميكانيكي يقول فيه ان الانسان ليس آلة صماء والعالم ليس نمطاً واحداً صارماً، 3 لا يستطيع العقل الميكانيكي الخروج من عنق الازمات وديناميكية المصير الا بالرجوع الى والبحث في دليل الاستخدام القديم ويفتقد الجرأة لابتكار مخرج جديد لانه يبدع فقط في تقييد نفسه بما حفظه سابقا، نقص الابداع والابتكار لدى عشاق التفكير الميكانيكي ليست الخاصية الأسوأ ولكن أسوأ منها التمسك العجيب بالحرف والمنهجية الحرفية في التعامل مع الأمور والمشاكل التنظيمية وهي حتما لا تحتمل، 4 تقديرات والتزامات صاحب العقل الميكانيكي دائما ما تكون مادية بحتة وتهتم بصرامة المقاييس وليس فائدتها فالميكانيكي مثلا يطلب انهاء عشر معاملات في اليوم او العمل من الساعة كذا الى الساعة كذا )جرينتش( بغض النظر عن امور اخرى مثل جودة العمل او مستوى التطوير او الاهداف الاستراتيجية اذن هناك قصر نظر معين في التفكير الميكانيكي يجعله يفضل التعظيم الجزئي للنتائج والتحقيق المنقوص للمصالح على حساب تعظيم النتائج على المستوى الكلي للتنظيم او تحقيق مصالح استراتيجية ورؤية بعيدة المدى، 5 ثم ان العقل الميكانيكي يتمسك حتى الموت بالهيكلية الادارية ويثمن المصادر الهيكلية للقوة داخل التنظيم لذلك تنتشر في اوساط الميكانيكيين التراتبية والنظر رأسيا الى المستوى التنظيمي الاعلى بحثا عن الاوامر والقرارات وتقل تبعا لذلك روح المبادرة وتكاد تنعدم الاتصالات الطرفية والتداخلات الافقية التشاورية بين اجزاء التنظيم فتكون كالجزر المعزولة وبطبيعة الحال يختفي دور المستويات التنظيمية الاقل في التأثير على القرارات المصيرية والسياسات العامة، عجائب العقل الميكانيكي لا تنقضي والمنشأة التي تكون اسيرة هذا التفكير ستكون تقليدية وبطيئة في العمل ومتخلفة في التقنية الادارية وتعاني من مشاكل تنظيمية مثل الترهل الهيكلي وانخفاض الروح المعنوية ونقص حوافز التطوير والتطور ما يعني حاجتها الى نوع من الانتفاضة التنظيمية لعل وعسى،
|
|
|
|
|