| مقـالات
كانت السياحة في وقت مضى جواً لطيفاً ومناخاً بارداً، وسطحاً تزينه المساحات الخضراء والأنهار والشعاب والأودية ، وبعض بقايا العصور السابقة ليزورها الناس للعبرة وللاستفادة. أما في هذا العصر فإن هناك مدناً ودولا ليس فيها مناخ معتدل ولا تتمتع بسطح تزينه الأشجار والخضرة ولا حتى ثقافة متميزة تضم حضارة تزار. ومع هذه اللاءات نجد أن عشرات الآلاف بل مئات الآلاف يحرصون على السياحة فيها بل وتكرار زيارتها بهدف السياحة مرات ومرات. لماذا هذا الإقبال على السياحة في بلد تتمتع بنصيب وافر من عوامل عدم الجذب السياحي لأن لها عكس نصيب الأسد من المناخ والسطح والتراث الثقافي، لماذا نجد الأطفال والشباب والكبار من الجنسين يتسابقون على الحصول على مقاعد في الطائرات المغادرة إليها وغرف في فنادقها وشققها المفروشة. وحتى شركات السفر والسياحة تسارع إلى تنظيم الرحلات الشاملة إليها، وتقوم بحجز طائرات إضافية وغير مجدولة رغبة في الاستجابة لبعض طلبات الناس الكثيرة جداً للسياحة.
الإجابة بسيطة جداً فالسياحة في زمننا هذا مساوية للخدمات، لقد أصبحت المعادلة الجديدة للسياحة هي )السياحة = الخدمات(، أي أعطني خدمات متميزة وأعطيك سياحة ناجحة، السائح لم يعد يكتفي بجو لطيف وجبال خضراء وأنهار جارية وآثار تاريخية موغلة في القدم. سائح هذا العصر يبحث أولاً وثانياً بل وعاشراً عن الخدمات وبالسعر المعقول والمنطقي والمقبول وبعدها يمكن أن يبحث عن الأشياء الأخرى.
سائح القرن الحادي والعشرين يهتم كثيراً بالمعاملة الحسنة والطيبة من كل الذين يتعامل معهم في البلد الذي اختاره للسياحة، إذ إنه ليس على استعداد للدخول في مجادلات صوتية مع هذا وذاك للمطالبة بحقوقه لأنه ببساطة جاء ليرتاح، وليغير الجو العام والروتين اليومي له ولأسرته وليس من أجل تغيير الطقس أو المناخ فقط. انه يبحث عن الخدمات منذ ان تطأ قدمه الأرض التي يسافر إليها سائحاً حتى لحظة مغادرتها بحراً أو جواً أو براً عائداً إلى مكان استقراره، والخدمات السياحية اسم شامل لكل ما يحتاجه الإنسان السائح ومن ذلك على سبيل المثال خدمات السفر من حجز وإجراءات وصول وعودة، وخدمات الإقامة أو السكن بحيث يكون نظيفا وبسعر غير قابل للتفاوت بين نزيل وآخر، أي لا يعتمد على شطارة النزيل في التفاوض مع الاستقبال، وخدمات المواصلات بين مقر الإقامة فندقاً أو شقة مفروشة وأي مكان يريد السائح الذهاب إليه وفي أي وقت وبأسعار معقولة ومحددة وغير قابلة للتلاعب من السائق أو من غيره، وتكون وسيلة النقل نظيفة وتتحرك وفق زمن محدد ويمتنع فيها السائق عن التدخين، وخدمات الترفيه السياحي وتشمل المطاعم والمقاهي والمسارح والمعارض ومراكز التسويق والمتاحف وملاهي الأطفال وملاعبهم والمنتزهات وغيرها يجب أن تلتزم بأوقات محددة لمواعيد الافتتاح والإقفال وتعلن هذه المواعيد للجميع بحيث يعرفها السائح نفسه وسائق سيارة الأجرة وموظف الاستقبال في كل مقرات سكنى السياح عن طريق مطويات تحتوي على كل التفاصيل المطلوبة. ومن ضمن أهم الخدمات التي يبحث عنها سائح هذا القرن خدمات المعلومات والتي يجب ان تقدم له مكتوبة على شكل مطويات خالية من كل أنواع وأشكال التوقع أو الظن بل يجب أن يعرف وبكل دقة أين يذهب وما هي المناطق أو الأماكن الجديرة بالزيارة ولماذا وهل هي مخصصة للصغار أو للكبار أو لكل أفراد العائلة وأين يجد هذه السلعة أو تلك الخدمة التي يبحث عنها ومتى يذهب وكيف يذهب وكم هي المسافة إلى الموقع المستهدف وكم تكاليف سيارة الأجرة وهل هناك وسائل أخرى للوصول. هذه بعض الخدمات التي تؤكد أن السياحة خدمات ثم بعدها تأتي الأشياء الأخرى من طقس وسطح وآثار، فنجاح السياحة مرتبط اليوم بتوفير الخدمات.
|
|
|
|
|