| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
بعد التحية
عرف التاريخ البشري، وعلى مر العصور انظمة قسمت المجتمع الى طبقات، وفئات، وظهرت فلسفات ونظريات تؤيد هذه الانظمة، وتصور الحياة على انها صراع طبقي، فالماركسية تقسم المجتمع الرأسمالي الى الطبقة البرجوازية مالكة الانتاج، وطبقة البروليتاريا فاقدة الانتاج، ورأت ان الصراع بين الطبقات او الصراع الطبقي هو القوة الدافعة لنمو المجتمع وزيادة الانتاج، ولاشك ان ماسعت اليه وزارة المعارف مؤخرا من تقسيم المجتمع المدرسي الى طبقات لايعود باصوله الى النظرية الماركسية، او الى اي فلسفة من فلسفات الصراع، وذلك لاننا لانشك ابدا في نزاهة القيادات التعليمية في بلادنا، ولا في تعليمنا الذي يقوم على اصول ثابتة مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، ولكن الحماس وعدم الرؤية احيانا يشطحان بنظامنا التعليمي في هيكله التنظيمي الخارجي، ومن ذلك ماحدث من تمييز بين الهيئة الادارية في المجتمع المدرسي، دون ضوابط لهذا التمييز سوى الانتماء الى طبقة معينة، مثل طبقة المدراء، وذلك بهدف الرفع من الانتاجية، حتى لو ادى ذلك الى صراع طبقي ميدانه المدارس.
ان مامنحته وزارة المعارف لمدراء المدارس من مميزات بادرة جيده لو روعي العدل فيها، ولم يترتب عليها الحاق الضرر بالآخرين وشحن لنفوسهم فمن القواعد المقررة في الاصول ان لاضرر ولا ضرار.
ان الملاحظ ان الوزارة قد الحقت اضرارا نفسية اكثر منها جسمية ببقية الهيئة الادارية في المدرسة، فما ذنب وكيل المدرسة عندما يتحمل طوال العام الدراسي الثقل الاداري، والهم، والتعب الجسدي والنفسي، والحركة لاتتوقف، ثم يكافأ بمثل هذا القرار، ويحرم من هذه المميزات، وخصوصا اننا نعلم ان نجاح كثير من المدارس يتركز في الدرجة الاولى على وجود الوكيل الناجح الذي لايتوقف طيلة اليوم الدراسي عن الحركة والعمل والتخطيط، مع اطلاعه على كل صغيرة وكبيرة في المدرسة تغيب عن علم مدير المدرسة الذي لايكاد يفارق اريكته، ولا يعلم مايدور في المدرسة الا من خلال منظار المقربين، وماجريرة المرشد الطلابي ان يحرم من هذه المميزات، وان يكلف باعمال ادارية بحتة مثل الاشراف على صيانة المدارس في الاجازة الصيفية، بل ويمكن ان يقوم باي عمل يكلفه به سعادة المدير، طبقا للصلاحيات الممنوحة لمدراء المدارس في النظام الجديد، وهل يكافأ من يوصف بالطبيب النفسي في المدارس، وبمن يحمل هم الاصلاح والتربية والتوجيه في مدارسنا بمثل هذه القسوة والحرمان، ماعلاقة المرشد الطلابي بالاعمال الادارية اذا كان المفترض ان يكون اقرب انسان من الطلاب، وان يتعلق عمله بالطلاب يحضر اذا حضروا، ويصرف عن المبنى المدرسي،اذا غاب نصفه الآخر عنه، وهذا انطلاقا من تسميته بالمرشد الطلابي، اما اذا اردنا تكليفه باعمال ادارية، فلنطلق عليه مسمى المرشد الاداري،. او صاحب العشر الصنائع، او حلال العقد الادارية والطلابية، او يلبس باي مسمى ليسد اي نقص يحدث في المدرسة، فيبحث له عن تسمية مطاطة تتوافق مع المهمات الاخيرة التي كلف القيام بهافي النظام الجديد، ولنصرفه عن رسالته السامية في التربية والتوجيه، والارشاد، وليس معنى هذا ان كل المرشدين يستحقون مثل هذه المميزات الممنوحة لمدراء المدارس بل ليس كلهم يستحق ان يطلق عليه مسمى مرشد، وليس معنى ذلك ان كل وكلاء المدارس من الانموذج المميز الذي ذكرناه سالفا، بل ان بعضهم لايستحق ان ينتسب الى سلك التعليم، وليس القصد من المعطيات السابقة ان جميع مدراء المدارس من فئة من يرتقون على اكتاف غيرهم.، وينسبون كل حسنة اليهم، لابل ان من مدراء المدارس من يستحق هذه المميزات واكثر منها، بل ولن يستطيع احد ان يفيهم حقهم الا الله سبحانه وتعالى، فنسأل الله ان يبارك في جهودهم، وان يجزيهم عنا و عن كل من ينتسب الى التعليم خير الجزاء.
اذن فلا بد من ضوابط مقننة لمعرفة من يستحق ان يكافأ، ومن يستحق ان يعاقب، وكان يجب على المنظرين في الوزارة واصحاب القرار دراسة الموضوع من كل جوانبه، واخذ آراء المعلمين في مثل هذه القرارات، وغيرهاحتى لاتكون قراراتنا عشوائية، وحتى لايستوي الصالح والطالح ممن تقدم اليهم مثل هذه المميزات، وحتى لانكسر نفوس المستضعفين الكادحين في الميدان التعليمي فان من الانصاف ان لايظلم بقية الهيئة الادارية في المدرسة.
وان مما يعين على الوقوف على حقيقة مايجري في المدارس الاخذ برأي كافة المعلمين في مستوى اداء الهيئة الادارية في المدرسة، وذلك باعداد استمارات مقننة تشتمل على مهام كل من المدير، والوكيل والمرشد الطلابي وغيرهم حتى تعين المسؤولين على اقامة العدل و الانصاف عند منح مثل هذه المميزات ولانكتفي بملاحظات المشرفين التربويين، والذين لايرون الا بعين المدير، ولايطلعون الا على ماكتب ودون في سجلات تفنن الاداريون في اخراجها، واصبحت تطبع في المطابع والمكتبات، ويكفي هذه الهيئة الادارية مجرد تعبئتها بمعلومات واجتماعات وهمية في الغالب، الا من رحم الله، ولعل مثل هذه الاستمارات ان تطلعنا على حقيقة عمل مدير المدرسة، وكم يقضي في اليوم يستقبل المكالمات الخاصة، وكم يصرف من الوقت في انجاز اعماله المالية ان كان من اصحاب الصنعتين، وكم من الوقت يقضيه مع مجموعة النفاق تعليقا على نتائج المباريات، او لسماع آخر النكتب والطرائف، ولعلها ان تكشف لنا كذلك عن حقيقة عمل وكلاء المدار وهل يستحقون الاستمرار في مثل هذه المهمة، او ينحون عنها، او هل يتم ترشيحهم الى ان يصبحوا مديرين ولعل هذه الاستمارات ان تكشف لنا عن حقيقة عمل المرشدين الطلابيين في المدارس وهل المرشد الطلابي من الفئة المؤهلة للقيام بهذه الرسالة السامية، ام انه يستحق ما أنزل عليه من عقوبات في النظام الجديد، وهل هو من الفئة الهاربة من التدريس والذي رشح للعمل مرشدا نامل ان نرى اليوم الذي نبتعد فيه عن القرارات الارتجالية، وان توخذ آراء كل فرد ممن يمارسون العمل التعليمي في مدارسنا فأمة محمد صلى الله عليه وسلم لاتجمع على باطل، ونأمل ان نرى اليوم الذي لاتكون قراراتنا تحدوها العاطفة، وتسيرها المجاملات ولايسمع فيها الا قول صفوة الصفوة.
ان من المؤسف ان مثل هذا القرار الظالم قد اقر باجماع صفوة التعليم في بلادنا، ومن جوار مدرسة العدل في مدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم في اجتماع مدراء التعليم الاخير، ومن الموسف ان هذه المميزات شملت جميع مديري المدارس، وان من المحزن ان يكسر مثل هذا القرار نفوسا ابية كادحة مخلصة حرمت من اي اشادة او تقدير حتى اصبح حالهم يرثى له، واصبحوا عرضة للشماتة والاستهزاء، ومن المؤلم ان تقضي هذه التفرقة على مبدأ العمل بروح الفريق الواحد، الذي ينادي به المسؤولون عن التعليم في بلادنا، واين هذا المبدأ من حال هذا التنظيم، الذي تحول الى اشبه مايكون بنظام طبقي كما تخيله افلاطون في مدينته الفاضلة؟ فصبرا ايها الكادحون فلن تنالوا هذه الكرامات حتى تصبحوا مديرين او لعل الله ان يأتي بالفرج من عنده.
عبدالعزيز المدني - المدينة المنورة
|
|
|
|
|