| محليــات
رحل الزميل إبراهيم بن سعود المسلم مدير مطبوعات مطار الملك خالد بالرياض في هدوء يوم الثلاثاء 5/4/1422ه وفوجئ زملاؤه ومحبوه بموته صباح اليوم التالي منشوراً في الصحف، وهكذا هو الموت ينتزع من يريد من دون استئذان فيقع الخبر على نفوس المودعين موقع المفاجأة التي تجمع بين ألم الحزن وألم المفاجأة.
ظل إبراهيم المسلم رجلاً باسم الوجه، لا يبدي شيئاً من معاناته مع المرض منذ أن داهمه المرض قبل سنوات، ودخل المستشفى العسكري في الرياض، وكان في المستشفى يبتسم، وبعد أن خرج لا تلقاه إلا مبتسماً، ولم يعرف القلق أو الوجوم إلى نفسه سبيلاً.
إبراهيم المسلم ظل حريصاً على عمله، مواصلاً لزملائه، كلما زارني دخل مبتسماً، وتحدَّث مبتسماً، وخرج مبتسماً، لم تخفِ البسمة هموم العمل، ولا ضغوط معاناة المطبوعات، بالرغم من أن معاناة موظفي مطبوعات المنافذ مما ينوء به أقوياء الرجال، وكنت أعجب كيف يواجه إبراهيم تلك المعاناة بابتسامة، مركزاً جهده على تسهيل إجراءات المطبوعات ومساعدة الناس، والحرص على حماية البلاد مما يجلبه بعض ضعاف النفوس من مطبوعات تدمر الأخلاق، وتهدم القيم، وهو يواجه كل ذلك بصبر وجلد يناسب كل مقام، ويواجه أصعب المشكلات بعقلية المثقف الواعي فيصل إلى الحلول الملائمة.
رحل إبراهيم مبتسماً، تاركاً الذكرى الطيبة في عمله، وبين زملائه، وخسر العملُ بفقده رجلاً مثقفاً، انعكست ثقافته الواسعة، وإدراكه للأمور على أدائه للعمل، وذلك ما يحتاج إليه من يعمل في المجال الثقافي.
صلى إبراهيم الظهر، وودع أهله وبنيه ليخرج في مشوار، ولكنه كان الوداع الأخير، فقد حان الأجل، وحل موعد الرحيل إلى دار القرار، بحسن ختام، يبشر بحياة أخرى في ظلال رحمة الله، فقد كان الرحيل بصلاة طمأنت القلب الذي صارع المرض لسنوات، وبكلمات وداعية للأبناء لم يعرفوا قبل سقوطه المفاجئ أنها كلمات وداع دائم.
رحم الله إبراهيم فقد عاش حفياً بزملائه، مما جعل لوفاته وقعاً مؤلماً على نفوسهم، وكان حريصاً على عمله متفاعلاً معه، مدركاً لمسؤوليته، مما جعل مكانه شاغراً، وكان محباً لمساعدة الناس، مبتهجاً بخدمتهم، مما جعل كل من تعامل معه يدرك أنه بارح دنيانا الفانية رجل يُبكى عليه، ولا نملك في لحظات الوداع سوى الدعاء بالرحمة بأن يبعثه الله مبتسماً، كما أحياه مبتسماً، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون.
|
|
|
|
|