| الاقتصادية
يعتقد البعض بأننا عندما نحذر من المبيدات الكيميائية وما يواكب استخدامها من أضرار كبيرة للبيئة وللانسان والحيوان فإننا نبالغ وان جميع المهتمين بالبيئة والنشطين المعارضين للاستخدام العشوائي لتلك المبيدات انما هم جميعا تخطوا حدود المعقول. أقول هذا بسبب ردة الفعل التي لقيها مقالي السابق والذي وجد تأييدا من قبل المتعلمين والمطلعين على أضرار تلك المبيدات والعكس أتى من أشخاص يؤمنون بأن المبيدات نعمة من الله وأنها اكتشفت لتسعد الانسان وتحميه من أضرار آفات زراعية وطبية وبيطرية كانت سابقا، وبالتحديد قبل اكتشاف المبيدات تفتك بمزروعاتنا وتعرضنا وحيواناتنا للمرض وربما للموت. أنا لا انكر بأن المبيدات تعتبر من الاكتشافات المهمة التي رجحت كفتنا في حربنا ضد تلك الآفات ولكن كما يقال «الشيء اذا زاد عن حده انقلب الى ضده».
عموما لهؤلاء الذين لم يقرؤوا مقالي السابق فإنني اقترحت تقييد استخدام المبيدات خاصة العالية السميّة منها وذلك من خلال استحداث قانون يمنع شراء معاملة المبيدات من قبل المزارعين الا بعد أخذ وصفة بهذا من قبل احد المختصين بالمكافحة الكيميائية للآفات وان يمنع ذلك القانون من رش اي مبيد الا من قبل فنيي مكافحة مرخص لهم من قبل وزارة الزراعة.
وتدعيماً لاقتراحي السابق وليس لنشر الفزع بين الناس فإنني في هذا المقال سأعرض بعض الحقائق عن استخدام المبيدات الكيميائية في المملكة العربية السعودية وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على البيئة والصحة العامة. وهذه الحقائق مستقاة من الاحصاءات السنوية لوزارتي المالية والزراعة ومن كتب الاحصاءات السنوية لمنظمة التنمية والزراعة العربية ومنظمة الاغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ومن بعض الابحاث التسجيلية التي تناولت حصراً لأمراض معينة دون ارجاعها لأسباب والتي تصدر عن المستشفى التخصصي في الرياض وغيرها.
* قدرت المساحة المنزرعة بمختلف المحاصيل في المملكة في سنة 1976م بحوالي نصف مليون هكتار ثم تضاعفت تلك المساحة بدءا من سنة 1980م لتصل الى حوالي مليون هكتار في أواخر الثمانينات واوائل التسعينات.
* قدرت كمية المبيدات والمطهرات التي سجل دخولها الى المملكة في سنة 1976م بحوالي 5000 كيلو طن بقيمة 008.46 مليون ريال وكانت معظم تلك المبيدات جلبت للاستخدامات الصحية ولكن هذا الرقم قفز الى 20 ألف طن في سنة 1990م بقيمة 466.331 مليون ريال. وفي سنة 1991م قدرت قيمة المبيدات التي وردت المملكة بحوالي 400 مليون ريال. مع ملاحظة ان تلك القيم اعلاه تمثل تكلفة استيراد تلك المبيدات وليس قيمة ما يدفعه اصحاب المزارع سنويا ثمنا لاستخدام تلك المبيدات.
* وفقاً لبيانات 1990م فقد بلغ عدد المبيدات المسجلة للاستخدام في المملكة العربية السعودية 1450 مستحضرا تجارياً وهذا العدد كبير جدا ويتضمن العديد من المبيدات التي درست في اماكن عديدة من العالم واظهرت علاقتها بإحداث امراض جينية بما فيها القدرة على احداث تشوهات خلقية في الاجنة وطفرات وراثية وامراض سرطانية.
* سجلت اعداد متزايدة من الناس الذين يشكون من مشاكل صحية حادة او مزمنة كحالات التسمم الغذائي او المهني او زيادة معدلات الاجهاض بين الحوامل وزيادة ضغط الدم او الضغط وزيادة معدلات سرطان المريء والقولون وغيرهما.
وهذه حالات يمكن ان يكون السبب المباشر لها هو تعرض الكثير من الناس لنسب متفاوتة من المبيدات وتراكم تلك المبيدات بشكل بطيء في الاجسام مع ما يتناوله هؤلاء من مياه ومنتجات زراعية ولحوم والبان ملوثة بتلك المبيدات.
* اشارت الاحصاءات ان اعداد مرضى سرطان المريء الذين تم استقبالهم في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز البحوث الطبية قد تزايد بدرجة كبيرة من 930 حالة سنة 1980م الى 1480 حالة في سنة 1983م اي بزيادة مقدارها اكثر من 159% ولربط السبب بالمسبب ومن خلال الاحصاءات المسجلة فإن المبيدات التي وردت الى المملكة قد زادت بنسبة 171% في نفس الفترة اي من سنة 1980م الى سنة 1983م كما اشارت تلك السجلات إلى ان نسبة كبيرة من مرضى سرطان المريء قد قدموا من منطقة القصيم التي تعتبر من اكبر المناطق الزراعية بالمملكة.
لا اريد ان ازيد عن هذا ويمكن للجميع الاطلاع على الحديث عن تلك الاحصاءات والتي سوف تؤكد للجميع ان المبيدات الكيميائية تستخدم في المملكة بشكل خطر وعلى المسؤولين في وزارتي الزراعة والصحة دراسة هذه الظاهرة بشكل دقيق ومتأن وبدون تأخير ودراسة اقتراحي المتعلق بتقييد استخدام المبيدات حتى يتم التحكم والسيطرة على الاستخدام الخاطىء والعشوائي لتلك المبيدات وجعله استخداما مفيدا لا يؤدي معه الى خسائر مادية ولا إضرار بالبيئة او بصحة الانسان او الحيوان.
للتواصل: mdoghair@hotmail.com
|
|
|
|
|