أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 27th June,2001 العدد:10499الطبعةالاولـي الاربعاء 6 ,ربيع الثاني 1422

العالم اليوم

د. نزار مدني في كلمة أمام الاجتماع الوزاري لمنظمة المؤتمر الإسلامي:
المملكة تطالب العالم الإسلامي بنصرة القضية الفلسطينية
ما يحصل في الأراضي الفلسطينية تصعيد خطير واستفزاز للمشاعر العربية والإسلامية
76 مليار دولار دعم المملكة الرسمي للدول النامية والأقل نمواً في العالم الإسلامي وأسقطت ديوناً بلغت ستة مليارات دولار
* باماكو واس:
أكدت المملكة العربية السعودية أن الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني يستوجب من العالم الإسلامي توفير كل وسائل الدعم والمساندة لهم في تصديهم لما يواجهونه من اعتداءات سافرة وعدوان غاشم من العدو الإسرائيلي.
وشددت في الكلمة التي القاها معالي مساعد وزيرالخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني الليلة قبل الماضية أمام الاجتماع الوزاري الثامن والعشرين لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي يعقد في العاصمة المالية باماكو أن ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة وما يحدث في القدس الشريف هو شأن إسلامي بقدر ما هو شأن عربي وفلسطيني وعلينا ان ننصر قضايانا قبل أن نطلب من الآخرين الوقوف معنا وان نقف بكل قوة إلى جانب الحق والعدل قبل أن نناشد الآخرين بأن يتخذوا مثل هذا الالتزام مؤكدة أن التضامن الإسلامي ليس مجرد مؤتمر يعقد أو بيان يصدر بل هو فعل يتشكل على ارض الواقع ونقف في وجه من يحاول أن يضعف تضامننا وينشر بذور الفتنة بيننا.
وقال معالي مساعد وزير الخارجية ان المملكة العربية السعودية تعتبر التضامن الإسلامي مرتكزا اساسيا من مرتكزات سياستها ومن هنا كانت دعوة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله للتضامن الإسلامي والتي تبناها أبناؤه من بعده امتدادا منطقيا لحقيقة تاريخية هي أن المملكة ولدت وترعرت في حصن العقيدة الاسلامية.
وطالبت المملكة بضرورة ان يتم التوقف عن اقامة أي علاقات مع اسرائيل والغاء أي نوع من العلاقات أو الصلات التي نشأت في ظل عملية السلام التي استهانت اسرائيل بكل متطلباتها وربط أي استئناف لهذه العلاقات بإحراز تقدم حقيقي ليس فقط على المسار الفلسطيني بل وعلى كافة مسارات هذه العملية.
وقال معالي مساعد وزيرالخارجية ان المملكة العربية السعودية في الوقت الذي تنظر فيه بارتياح إلى التطورالايجابي في العلاقات بين الجمهورية الاسلامية الايرانية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فإنها تتطلع إلى حل المشكلات العالقة وعلى رأسها قضية الجزر الاماراتية الثلاث بالطرق السلمية ووفقا لمبادئ وقواعد القانون الدولي بما في ذلك قبول خيار احالة القضية إلى محكمة العدل الدولية إذا استدعى الامر ذلك.
وشددت المملكة في أن الآثار الضارة والسلبيات المؤسفة التي خلفها الغزو العراقي للكويت لن تزول إلا إذا تمت معالجة الوضع عن طريق تنفيذ العراق تنفيذا شاملا وكاملا لكافة قرارات مجلس الامن ذات الصلة الامر الذي سيؤدي إلى رفع المعاناة عن الشعب العراقي بالغاء العقوبات المفروضة عليه مع ضرورة المحافظة على سلامة العراق ووحدته الاقليمية.
وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
والقائل في محكم التنزيل «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم».. والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.
السيد الرئيس اصحاب المعالي رؤساء الوفود
معالي الامين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي
حضرات الاخوان الكرام
احييكم بتحية الاسلام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واحمل اليكم من مهبط الوحي وقبلة المسلمين تحيات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين وتمنياتهما بأن يوفق الله سبحانه وتعالى جمعكم هذا لما فيه الخير والسداد.
وأود في البداية ان أتقدم باسم وفد المملكة العربية السعودية بالشكر الجزيل لجمهورية مالي رئيسا وحكومة وشعبا على ما لمسناه من حسن الضيافة وكرم الوفادة وحرارة الاستقبال مقدرين الجهد المبذول في الاعدادوالتنظيم لهذا المؤتمر وانتهز هذه المناسبة لاشيد بالرسالة التي وجهها إلى المؤتمر فخامة الرئيس الفا عمر كوناري والقاها بالنيابة عن فخامته دولة رئيس الوزراء السيد مانري سيدي بيه لما تضمنته من معان وتوجيهات تتصف بالحكمة وبعد النظر وسداد الرأي.
كما يطيب لي ياسيادة الرئيس ان أزجي لكم التهنئة خالصة بانتخابكم رئيسا لهذا المؤتمر مشيدأ بحسن الاختيار هذا لما يتحلى به معاليكم من خبرة ودراية وتؤهلكم لشغل مثل هذا المنصب المرموق كما أعرب عن التقدير لسلفكم معالي وزير خارجية ماليزيا لجهوده المثمرة في متابعة اعمال المؤتمر طيلة العام الماضي كما اود ان اتقدم بالتهنئة إلى كل من اصحاب المعالي نواب الرئيس ولمعالي رئيس وفد ماليزيا لانتخابه مقررا عاما لمؤتمرنا هذا.
وأود ان انتهز هذه الفرصة للترحيب بمعالي الامين العام الاخ الدكتورعبدالواحد بلقيز واننا على ثقة كبيرة بأن انتخاب معاليه امينا عاما لهذه المنظمة سيكون بمثابة دفعة قوية للعمل على تعزيز مكانة المنظمة وتفعيل دورها بما يتطلب الارتقاء بآليات العمل فيها وتحديث نظمها لتكون قادرة على مواكبة روح العصر وتطورات الاحداث فتكون بإذن الله عند تطلعات وطموحات قادة وشعوب الدول الاسلامية.
كما لا يفوتني ان اتقدم بالشكر والعرفان لمعالي الامين العام السابق الدكتور عزالدين العراقي على كل ما بذله من جهد وتفان لخدمة اهداف ومبادئ المنظمة.
أيها الاخوة الكرام.
في الوقت الذي يدخل فيه المجتمع الدولي مرحلة تاريخية جديدة بمعطيات وسمات وملامح جديدة فإن أمتنا الاسلامية تعيش وضعا دقيقا وحرجا يتخلله الكثير من اسباب التوتر وعوامل الفرقة حتى بدت بسبب ما أصابها ويصيبها من الخطوب والازمات عاجزة عن ان تتبوأ المكانة التي تليق بها وتتفق مع رسالتها السماوية الخالدة والتي جعلت منها خير أمة اخرجت للناس.. أمة وسطا تصنع التاريخ وتشهد على الناس وحتى لا تصبح أمتنا على هامش التاريخ تاركة زمام الامور لامم اخرى وجدت قوتها في ضعفنا وقدرتها في عجزنا لابدلنا والحالة هذه من وقفة صادقة مع النفس نستخلص منها ومن خلالها الدروس والعبر ونعمل على اصلاح ما أصاب مسيرتنا من أوجه الخلل وما أنتابها من ضعف واضعين نصب اعيننا في الاساس تعاليم ديننا الحنيف ومبادئ شريعتنا السمحة التي تنبذ الفرقة وترفض الشقاق وتدعو إلى التعاون على البر والتقوى وترك كل ما يؤدى إلى الاثم والعدوان، اننا إذا فعلنا ذلك فسنكون قد مهدنا الطريق لكي تستعيد امتنا مكانتها ويعود للمسلمين عزهم ومجدهم.
ان ايماننا بكلمة التوحيد يدعوننا لتوحيد الكلمة وأن نعمل جاهدين على نبذ الاختلافات وانهاء النزاعات لأن استمرارها يعني الركون إلى الضعف والضياع والاستكانة إلى الفرقة والتشتت واستهلاك طاقتنا بخصوماتنا وهدر قدراتنا بنزاعاتنا.
أيها الاخوة الكرام.
ان التضامن الإسلامي ليس شعارا براقا يرفع ولا دعوة سياسية يروج لها ولكنه مبدأ أصيل من مبادئ الاسلام الخالدة فلم ترفع رايات النصر إلا عندما انطلق المسلمون يعلون كلمة الله صفا واحدا كالبنيان المرصوص ولم تسقط الرايات في قبضة الهزيمة إلا عندما تفرق المسلمون ففشلوا وذهبت ريحهم.
ان المملكة العربية السعودية تعتبر التضامن الإسلامي مرتكزا اسياسيامن مرتكزات سياستها ومن هنا كانت دعوة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله للتضامن الإسلامي والتي تبناها أبناؤه من بعده امتدادا منطقيا لحقيقة تاريخية هي ان المملكة ولدت وترعرعت في حصن العقيدة الاسلامية.
لقد أنجزت مسيرة التضامن الإسلامي الكثير ولكن الشوط أمامنا لايزال طويلا ومحفوفا بالمصاعب، ان أمتنا الاسلامية تجد نفسها في هذه المرحلة التاريخية الجديدة في مواجهة سلسلة من التحديات منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو سياسي ومنها ماهو ثقافي وفكري وهي تحديات لا تزال في انتظار الاستجابة الحاسمة.. هذه الاستجابة التي تكمن في أعماق الامة في انتظار تدفقها ينابيع من رجاء ويقين وأمل.
أيها الأخوة الكرام
ما أحوجنا ونحن نتدارس الهموم والتحديات التي تواجه امتنا الاسلاميةان نولي عناية واهتمام خاص لموضوع المتغيرات الاقتصادية المتلاحقة التي تواجه عالمنا اليوم فاقتصاد دولنا الاسلامية لا يمكن ان يعيش بمنأى عن التعامل والتكيف مع مجريات الاقتصاد الدولي فتيار العولمة بما يتضمنه من انفتاح تجاري واستثماري يسير بخطوات قوية وسريعة. ولا يمكن لنا ان نوقف مسيرة هذا التيار مما يصبح معه لزاما علينا ان ننظم جهودنا ونشارك بفعالية في توجيه مسارات النظام الاقتصادى العالمي الجديد.
واسمحوا لي في هذا السياق أن أركز على العناصر الاتية:
اولا/ من الضروري السعي لتحقيق اندماج جميع دولنا الاسلامية في الاقتصاد العالمي على أسس منصفة تتيح فرصا متكافئة للاستفادة من الخصائص الايجابية لتحرير التجارة ومن الضروري ايضا ان تستجيب الدول الصناعية المتقدمة لاهتمامات دولنا وفي مقدمتها التنفيذ الكامل للالتزامات والاتفاقيات التي يتم توقيعها في إطار منظمة التجارة العالمية.
ثانيا: ان زيادة الاتجاه للحد من المعونات والضغوط المالية في الدول الصناعية قد اثر سلبا على قدرة دولنا الاسلامية على جذب تدفقات رؤوس الاموال مما يتطلب ضرورة سعي هذه الدول إلى البحث عن الوسائل والسبل الكفيلة بتحقيق هذه الاهداف ومنها:
تحسين البنية الاساسية وتقوية الانظمة المصرفية والاسراع في تطبيق برامج التخصيص والعمل على رفع مستويات رأس المال البشري اضافة إلى اعطاءالقطاع الخاص دورا اسياسيا في تنفيذ مشاريع التنمية وتكثيف التعاون فيما بين الدول الاعضاء في المنظمة ومؤسسات التمويل الاسلامية وفي مقدمتها البنك الإسلامي للتنمية.
ثالثا: من الضروري مطالبة الدول المانحة الصناعية المتقدمة بتنفيذ التزاماتها تجاه دعم العمل التنموي في الدول النامية والاقل نموا وتحقيق النسبة المطلوبة من الدعم الرسمي وان تبادر الدول الصناعية سريعا إلى تخفيف الديون المستحقة على الدول الاقل نموا وتمكينها من مواجهة متطلبات التنمية المستدامة لديها.
أيها الأخوة الكرام.
أن أمامنا مسؤولية محددة في معالجة مشاكل العالم الإسلامي الاقتصادية وأشير على وجه الخصوص إلى الدول الاقل نموا ودول الساحل الافريقي التي عانت وتعاني من مشاكل القحط والجفاف طيلة العقد الماضي. وفي هذا السياق فإن المملكة العربية السعودية تعتز بأنها كانت ولا تزال تساهم بشكل فعال في مختلف الانشطة التي تقوم بها منظمة المؤتمر الاسلامي وانها على الرغم من كونها دولة نامية لم ولن تالوا جهدا أو تدخر وسعا في تقديم العون والمساهمة في العمل التنموي في الدول النامية والاقل نموا.
لقد بلغ الدعم الرسمي الذي قدمته المملكة لهذه الدول ما يقارب ستة وسبعين مليار دولار خلال الفترة من عام 1973م إلى عام 2000م شكلت ما نسبته 4 بالمائة من المتوسط السنوي من اجمال ناتجها القومي وهذه النسبة كانت الاعلى من بين جميع دول العالم وشمل ذلك الدعم مساعدات غير مستردة وقروضا انمائية ميسرة استفادت منها 73 دولة وذلك عبر القنوات الثنائية ومتعددة الاطراف وقد حظيت الدول الاقل نموا بنصيب وافر من الدعم.، بالاضافة إلى ذلك فإن المملكة العربية السعودية اسقطت ديونا بلغت «ستة مليارات دولار» استفادت منها احدى عشرة دولة نامية.
أيها الأخوة الكرام
اما التحديات السياسية فإنها تتمثل في مظاهر الفرقة التي لا تزال قائمة بين بعضنا ووطأة الاختلافات التي لا تزال مستعرة بين بعضنا الآخر، ان الخلاف في وجهات النظر بين الاشقاء امر طبيعي ومألوف ولكن المأساة ان تتحول الخلافات إلى اشكال من العدوان أو الاعتداء أو الصراع الدموي أو الحروب الإعلامية.
ففي إطار التحديات السياسية فإن هناك بعض الاوضاع التي لا تزال تلقي بظلالها الكئيبة على عالمنا الإسلامي فهناك الآثار الضارة والسلبيات المؤسفة التي خلفها الغزو العراقي للكويت والتي لن تزول إلا إذا تمت معالجة الوضع عن طريق تنفيذ العراق تنفيذا شاملا وكاملا لكافة قرارات مجلس الامن ذات الصلة الامر الذي سيؤدي إلى رفع المعاناة عن الشعب العراقي بإلغاء العقوبات المفروضة عليه مع ضرورة المحافظة على سلامة العراق ووحدته الاقليمية.
وهناك الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والقضية الفلسطينية وقضية القدس الشريف التي تمثل جوهر النزاع العربي الإسرائيلي ومحط اهتمام العالمين العربي والاسلامي والتي لا تزال مسيرة حلها تواجه عقبات بسبب تعنت اسرائيل تجاه الانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة ومنح الفلسطينيين حقوقهم الوطنية المشروعة بما في ذلك حق تقرير المصير واقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف التي تتعرض للتهويد وتغيير معالمها الديمغرافية والتاريخية بهدف تكريس احتلالها، ولا شك في ان ما يحصل الآن في مناطق السلطة الفلسطينية من حصار وعزل وقصف هو تصعيد خطير للوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة واستفزاز للمشاعر العربية والاسلامية كما انه يزيد من حدة التوتر في المنطقة ويعرض السلم والامن الدوليين للخطر.
أيها الإخوة الكرام.
ان انتفاضة الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة جاءت لتعبر بوضوح عن مرارة الاحباط بعد سنوات طويلة من الترقب وانتظار ما تؤدي إليه مساعي التسوية السلمية التي لم تصل إلى مبتغاها ولم تحقق نتائجها بسبب تعنت اسرائيل ومماطلتها وتراجعها عن تنفيذ التزاماتها واستمرار ممارستها واجراءاتها القمعية والارهابية ومواصلة تنفيذ سياسة الاستيطان وتوسيع المستوطنات القائمة ومصادرة الأراضي والممتلكات واستمرار سياسة العقوبات الجماعية ضد المواطنين الفلسطينيين والعرب وحصار مدينة القدس الشريف وانتهاك حرمة الاماكن المقدسة وتنصلها من الاسس التي قامت عليها العملية السلمية وخاصة قراري مجلس الامن رقم 242 و338 ومبدأ الارض مقابل السلام وعدم التزامها بكل الاتفاقات المنعقدة في اطارها.
لقد وجد الفلسطينيون انفسهم وبعد حوالي عشر سنوات من تلك الاتفاقات محاصرين بالمستوطنات اليهودية التي اخذت تزداد اتساعا وتكاثرا حتى بات الفلسطينيون موزعين ضمن معازل جغرافية تطوقها قوات الاحتلال وتفصل بين بعضها البعض وبين محيطها العربي تغلقها متى شاءت وكيفما رغبت. وفي مثل هذا الوضع المذل والذى لا يتفق مع حقوق الانسان بأي شكل من الاشكال ولا يسمح للفلسطينيين بأي قدر من الاستقلال الاقتصادى أو الانفتاح على العالم الخارجي بحرية وامان لم يعد غريبا ان يصبح اخوتنا الفلسطينيون مهددين من كل حدب وصوب.. اراضيهم تصادر لبناء المستوطنات وشق طرق التفافية فيها لا يسلكها إلا الاسرائيليون وبيوتهم تهدمها قوات الاحتلال وبضائعهم توقف عند الحواجز الاسرائيلية حتى تفسد عمالهم يعانون من اغلاقال بوابات أمامهم وصيادوهم يحرمون من الصيد لاطعام ابنائهم وعائلاتهم.
أيها الإخوة الكرام.
ان ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة وما يحدث في القدس الشريف هو شأن إسلامي بقدر ماهو شأن عربي وفلسطيني، لذلك علينا ان ننصر قضايانا قبل ان نطلب من الآخرين الوقوف معنا وان نقف بكل قوة إلى جانب الحق والعدل قبل ان نناشد الآخرين بأن يبدوا مثل هذا الالتزام فاسترداد حقوقنا المشروعة لن يتم بجهود يبذلها الآخرون، ان المسؤولية هنا تقع علينا جميعا وليس من سبيل لتحملها بعد الاعتماد على الله مالم نقف صفا واحدا ونقف في وجه من يحاول ان يضعف تضامننا وينشر بذور الفتنة بيننا.
ان ذلك يقتضي منا جميعا ان ندرك ان التضامن الإسلامي ليس مجرد مؤتمر يعقد أو بيان يصدر بل هو فعل يتشكل على ارض الواقع، وان واقع اخوتنا الفلسطينيين يستوجب منا توفير كل وسائل الدعم لهم ومساندة تصديهم لما يواجهونه من اعتداءات سافرة وعدوان غاشم.
وفي سياق التضامن الإسلامي ايضا فإن من الطبيعي ان يتم التوقف عن اقامة أية علاقات مع اسرائيل والغاء أي نوع من العلاقات أو الصلات التي نشأت في ظل عملية السلام التي استهانت اسرائيل بكل متطلباتها وربط أي استئناف لهذه العلاقات بإحراز انجاز حقيقي ليس فقط على المسار الفلسطيني بل وعلى كافة مسارات هذه العملية.
كما انه من الضروري التأكيد على استمرار المسؤولية الثابتة للامم المتحدة نحو قضية فلسطين حتى يتم ايجاد حل عادل وشامل لكل جوانبها يكفل انهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الوطنية الثابتة بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف، وتأتي في هذا الاطار ايضا اهمية دعوة مجلس الامن إلى تحمل مسؤولياته تجاه تأمين الحماية الدولية اللازمة لابناء الشعب الفلسطيني ووقف جميع اعمال الاستيطان والاجراءات والممارسات الاسرائيلية المخالفة لقرارات الشرعية الدولية المنافية للاتفاقات الموقعة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في هذا الشأن.
وفي الوقت الذي تنظر فيه المملكة العربية السعودية بارتياح إلى التطور الإيجابي في العلاقات بين الجمهورية الاسلامية الايرانية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فإنها تتطلع إلى حل المشكلات العالقة وعلى رأسها قضية الجزرالاماراتية الثلاث بالطرق السلمية ووفقا لمبادئ وقواعد القانون الدولي بما في ذلك قبول خيار احالة القضية إلى محكمة العدل الدولية إذا استدعى الامر ذلك.
واننا اذ نرحب بنتائج مؤتمر عرتا لتحقيق المصالحة الوطنية في الصومال بما في ذلك انتخاب رئيس مؤقت وبرلمان انتقالي لندعو كافة الفصائل الصومالية التي لم تشارك في مؤتمر عرتا إلى الانضمام لجهود المصالحة الوطنية واعتماد اسلوب الحوار والتعاون مع الحكومة الوطنية. كما ندعو بنفس القدر دول الجوار إلى دعم الحكومة الصومالية بما يساعد على استتباب الامن والاستقرار في المنطقة.
وفيما يتعلق بقضية مسلمي جنوب الفلبين فإننا نجدد مساندتنا لاتفاق السلام الموقع بين الحكومة الفلبينية وجبهة تحرير مورو الوطنية بإشراف منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1996م وندعو الطرفين إلى المحافظة على المكتسبات التي تحققت نتيجة لتوقيع اتفاقية السلام، كما نرحب بتوجهات حكومة الفلبين وجبهة تحرير مورو الاسلامية من اجل وضع اتفاقيات التفاهم الموقعة بينهما موضع التنفيذ من اجل احلال السلام في جنوب الفلبين.
ولا يزال الوضع في افغانستان والصراع الدائر بين اذربيجان وارمينيا الذي نتج عن احتلال ارمينيا لجزء من اراضي اذربيجان يمثل علامات قاتمة في عالمنا الإسلامي.
كما ان قضية النزاع الباكستاني الهندي حول جامو وكشمير لا تزال تشكل مصدر توتر وعدم استقرار بين الدولتين الجارتين مما يدعوننا إلى مطالبة الجانبين حل الخلاف من خلال المفاوضات وفقا لقرارات الامم المتحدة التي تكفل لشعب جامو وكشمير حقه في تقرير المصير.
ولانزال نتألم لمشاهد القتال والنزاعات المسلحة بين الاشقاء في افريقيا التي لا تؤدي إلا إلى تعميق الجراح وتوسيع دوائر البؤس والفقر.
واننا نعول كثيرا في هذا الصدد على حكمة قادة هذه القارة العظيمة في تغليب المصالح العليا لبلدانهم وحل المنازعات بالطرق السلمية.
واننا لا نستطيع ان ننهي الحديث عن التحديات السياسية دون الاشارة إلى اوضاع الاقليات الاسلامية في عدد من البلدان مؤكدين انه إذا كان من حق كل دولة ان تطلب من مواطنيها الولاء فمن حق الاقليات المسلمة ايضا ان تعيش في سلام متمتعة بالمساواة في الحقوق والواجبات دون ان تفتن في دينها أو ان يحال بينها وبين ممارسة شعائرها أو ان تسلب هويتها الثقافية المتميزة.
أيها الإخوة الكرام:
أما بالنسبة للتحديات الفكرية والثقافية فإنها تتمثل في آثار ظاهرة العولمة التي اخذت تسود الفكر العالمي والتي لم تعد تقتصر على الجوانب الاقتصادية والتجارية وحدها، ان ما نشهده حاليا في الساحة الدولية من تطورات ثقافية وفكرية يظهر ان هناك توجها لبسط انماط ثقافية ومفاهيم حضارية معينة على سائر المجتمعات، ونحن كأمة اسلامية ذات رسالة حضارية خالدة وكأمة حملة مشاعل المعرفة والفكر وساهمت في نمو تطور المجتمع الانسانى عبر التاريخ لا يمكنها إلا ان تقف على هامش التاريخ.
اننا مطالبون اكثر من أي وقت مضى بأن يكون لنا تصور واضح ازاء الطروحات الفكرية والحضارية وان لا نقف موقف التابع المتلقي بل ان يكون لنا دور بارز في رسم التوجهات الفكرية على النحو الذي ينسجم مع قيمنا ومبادئنا وان نساهم في نشر وتعزيز ثقافة التسامح والحوار وتبادل المنافع والتعاون على البر والتقوى وتكريس مبادئ احترام كرامة الانسان ونبذ العنف والارهاب والتسلط وعلينا ان نقاوم الفكر الذي يقود إلى الانحلال الخلقي واضعاف روابط الاسرة وتفشي الرذيلة في المجتمعات وفي هذا السياق فإننا نرحب ببدء اللجنة المعنية بصياغة مواثيق اسلامية لحقوق الانسان عملها ونتطلع إلى ان تبرز هذه المواثيق الاسس والمبادئ الاسلامية التي تؤكد على احترام حقوق الانسان والحفاظ عليها وفي نفس الوقت تشارك الحضارات الاخرى في تقديم وتوضيح مفاهيم التسامح والعدل والمساواة والتي تتصف بها الشريعة الاسلامية ودورها البناء في إثراء الصكوك الدولية ذات الصلة.
وفي الوقت الذي ندعو فيه إلى الحوار بين الثقافات فإننا ننادي ايضا باحترام الخصائص الدينية والثقافية لكل مجتمع وبالعمل سويا مع القوى المحبة للخير على بناء مجتمع انساني تسود فيه قيم العدل والمساواة بما يحقق الامن والرخاء للجميع.
أيها الإخوة الكرام:
ان مسؤوليتنا في هذا اللقاء تفرض علينا ان نجعل منه مناسبة للتأمل فيما وصلنا إليه وفيما ينبغى ان نفعله وفرصه لمراجعة اعمالنا واستعراض ما سبق ان توصلنا إليه من قرارات في مؤتمراتنا السابقة لنحيلها إلى واقع ملموس يعزز ويدعم مسيرتنا الخيرة التي ارسى دعائمها قادتنا من اجل تحقيق الامن والاستقرار لدولنا والرفاهية والرخاء والتقدم لشعوبنا.
أيها الإخوة الكرام:
كما بدأنا مستنيرين بكلمات الله ننتهي إليها وبها في قوله تعالى «الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم» صدق الله العظيم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved