| الاقتصادية
ساهمت الطبيعة الجغرافية والمجتمعية والثقافية بقدر وفير في احداث حال «يعد فريدا من نوعه» من التشابه، مابين المملكة العربية السعودية واليمن السعيد، كما وفر جوارهما وتشابه نمط الحياة بين شعبيهما ثقة متعاظمة لدى القيادتين الحكيمتين بأن كلا من البلدين يبدو وكأنه يتمم الآخر بل ويوشك هذا التتميم، وبفعل عوامل أخرى مساعدة مثل المصالح المشتركة والمصير الواحد ومقتضيات التضامن الثنائي والإقليمي، أن يجعل منهما بلدا واحدا متكاملا على مستوى المشاعر الشعبية الصادقة وعلى مستوى الرؤى السياسية والاقتصادية التي يجسدها الاتفاق والتعاون السياسي الذي يمثل مرتكزا اصيلا تنطلق منه جميع المبادرات المشتركة بين شعبي البلدين في مجالاتها المختلفة.
والتقدم المستمر منذ عقود في العلاقات بين البلدين كان ثمرته فتوحا جليلة على مستوى المبادلات الاقتصادية التي رعتها حكومتا البلدين بكثير من الاهتمام والعمل والمواظبة. مما جعل منها قاعدة مركزية ومثالا يحتذى في كل تعاون بين شعبين.
وما يدعو الى السرور ان التلاحم تجسد مؤخرا بتوقيع معاهدة جدة التاريخية لترسيم الحدود الدولية «البرية والبحرية» في الثاني عشر من يونيو 2000م، وما تبعها بعد ذلك من التعاون العميق بين البلدين سواء على المستوى الحكومي او على المستوى الشعبي.
والزيارة السامية التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام وترؤسة للجانب السعودي في لقاء مجلس التنسيق السعودي اليمني والتي جاءت بعد زيارة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني تمثل خطوة اخرى مهمة تسهم بلا شك في دعم العلاقات السياسية والتجارية وتطورها وعلى نحو خاص بين قطاعي الاعمال بين البلدين، خاصة وانه قد ترافق مع الزيارة انعقاد مجلس رجال الاعمال السعودي اليمني في دورته الأولى الذي بحث وسائل تسهيل التبادل التجاري والصناعي وتيسير اجراءات عبور صادرات البلدين الى كل منهما، وكذلك المشروعات الصناعية والتجارية المشتركة.
وقد بلغ حجم الاستثمارات السعودية خلال الستة اشهر الماضية اكثر من 600 مليون دولار، نتوقع ان يتضاعف هذا المبلغ مع التطور المتلاحق لجهة المبادرات الجديدة التي طرحها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان على الجانب اليمني الشقيق الذي عبر عن استعداده للتعاون غير المحدود معها.
ومن المؤكد ان السوق اليمنية تعد الأكبر والأقرب للمنتجات السعودية الصناعية والغذائية مما يوفر فرصا جديدة في تسويقها الخارجي في المرحلة المقبلة .
كما ان انسياب المنتجات الزراعية اليمنية سيكون ميسورا اكثر من أي وقت مضى في ظل التيسيرات الجمركية والإدارية التي ابرمت بين الطرفين، وفي ظل الخبرة الواسعة التي تكونت لرجال الأعمال هنا وهناك، عبر السنوات الطويلة، فإن المأمول ايضا ان تنتعش حركة النقل والركاب بين البلدين في المستقبل القريب.
إن حكمة القيادة اليمنية والسعودية هي التي ستترجم آمال ورجال الأعمال إلى واقع ملموس ينعم الجميع بثماره بما يجعله نموذجا في المنطقة بكاملها، والذي نأمل أن ينفرج قريباً بإنشاء منطقة تجارية حرة.
وهناك ضرورات أخرى ملحة جدا تجعل من تكامل المملكة مع اليمن امراً متوقعا ومحتماً، ذلك ان العولمة الاقتصادية التي باتت امرا واقعا، والتحديات التي تواجه الدول النامية اصبحت تمثل عنصرا عظيم الأثر على مستقبل الشعوب ووجودها كمنافسة في السوق العالمية .
كما ان الظروف الإقليمية والدولية تتطلب هي الأخرى بذل الجهود على المستويات كافة لأجل تسريع خطوات التقارب السعودي اليمني حتى يتحصنا من مخاطر الاستقطاب الاقتصادي والسياسي.
* رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض
|
|
|
|
|