| مقـالات
في تقديري أنه لا بأس من الانعتاق من ربقة الالتزامات الحياتية المعاصرة ومن ضغوط العمل، والمسؤولية أيا كانت دراسة، وظيفة، عمل حر، تربية نشء، أو أي إنتاج مادي ومعنوي، ذلك ان هذاالانعتاق والانطلاق يجدد النشاط ويبعث على الحيوية، وحب الحياة والقضاء على رتابة العيش المتواتر..
ويأتي في طليعة التغيير والانعتاق والانطلاق، قضية السفر سواء داخل البلاد أو خارجها يستويان.. فإن السفر يجعل الانسان يدخل يدلف عالما آخر جميلا لا تحدده المواعيد أقصد مواعيد العمل أو الدراسة أو القيام بمسؤولية الأسرة أو الارتباطات العائلية، والصداقات الانسانية.. ففي السفر يشعر الإنسان بأنه طليق، يحكم الوقت ويتصرف فيه، ويذهب أنى شاء وكيف أراد والى أي مكان يريد.. ما يهمه في الأمر سوى أمن المكان واحتواء المحفظة، أو بطاقة الائتمان على ما يكفي للصرف عليه مقابل أنسه ومتعته وترويحه عن نفسه سواء أكان بمفرده أم بصحبة عائلية.
في السفر يرى الانسان وجوها مختلفة وصداقات غيبها الزمن لفترات طويلة ما تلبث أن تلتقي في ردهات الفنادق أو في الطائرة أو صالات الفرح والاغتباط، في السفر يخلو الانسان مع نفسه يتذكر ويتأمل حقيقة شخصيته، وطفولته وماذا عمل في حياته وماذا يريد أن يعمل في المستقبل.
حقيقة في السفر يتفرغ كل إنسان لنفسه وما تهوى وأي برنامج ترغب.. يمارس الإنسان الحياة في السفر ببساطة متناهية سواء في حديثه مع نفسه أو مع سائق التاكسي أو نادل الفندق أو صديق قديم التقاه ولربما يتحدث مع البحر أو النهر عندما يمتطي الماء بين جداول خضراء والشمس آيلة «للمغيب» والقمر يدغدغ مشاعر الحب القديم، والأصوات الخالدة تزف أنواعا من الآهات والعبرات المموسقة والذكريات الجميلة التي تنز «بالفضفضات» الموسمية التي لا تتأتى في كل وقت ومكان، بل عندما يتجلى الإنسان برهات من الزمان.
في السفر يسير الإنسان على قدميه أكثر، يتطارح المزاح مع أصدقائه بصورة أبسط، يسلخ ثوب الجدية وصرامة الشخصية سواء في عمل أو في مجتمع لا يسمح بالتعبير عن كل ما يعلم أو يقال!! ينسى هموم والتزامات الحياة ينسى ألم الطموحات، وكبرياء الذات وكل ما هو آت..
في السفر يكتشف الانسان في داخله المواهب فهذا شاعر، وهذا فنان وذا متحدث وذاك مغن وذلك يضحك الآخرين «ينكت» وآخر يفهم في التاريخ أو الجغرافيا.. وكم هم كثير المتحدثون في السياسة!! وما أسوأ الحديث في السياسة والناس في بحبوحة من الأنس واجتماع الشمل بين الأجباب!! «الله لا يسلطنا ولا يسلط علينا».
في السفر يذكر الناس طلالا ونجاة وعبدالحليم وفيروز وأم كلثوم وفريد وكل يغني على ليلاه!! ويشكو ما فعله الزمان به ويختم الحديث بآه ثم آه..
ويستعيدون قصص الماضي الجميل بإطناب ويعللون أنفسهم بالممكن والمتاح من الفرح وبشيء من النشوة والانشراح.
في ظني لا بأس من هذا كله.. فالحياة صعبة ولا بد من محطات استنشاق الهواء وعبير العمر ونتيجة الكفاح.
أخي المسافر: استمتع قدر ما تستطيع دون ان تسيء الى نفسك وعائلتك ومجتمعك والوطن الذي تنتمي اليه، وافرح ما طاب لك الفرح طالما انه يعطيك آمالا ووجدانات ويملؤ عليك الحياة فهنيئا لك أخي المسافر بما هيأه الله لك من المباحات والترفيه الذي لا يحملك مالا طاقة لك به.. وكل صيف وأنت أخي القارىء ترفل بالسعادة والبشر وبحياة معطاءة.
وتسافر وأسافر وإياك يطول السفر.
وقلوبنا بتتقابل مع كل طلعة قمر. |
alreshoud@hotmail.com
ص.ب 90155 رمز 11633 الرياض
|
|
|
|
|