أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 27th June,2001 العدد:10499الطبعةالاولـي الاربعاء 6 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

عندنا الزَّاد والراحلة
عبد الرحمن صالح العشماوى
نعم.. الطريق طويل، والعصر ينوء بحملٍ ثقيل، والناس لا يملَّون من الرحيل..
نعم الطريق وَعْرُ المسالِك، كثير المهالِك، ولابد للناس من العبور، سعياً الى ما يريدون، فماذا يفعلون؟!
نعم.. الطريق جبالٌ شاهقَةْ، وحواجز سامقة، ورمالٌ تبتلع خطوات السائرين، ومحيطات تلتهم عزائم المبحرين، وغابات تشعل رُعْبَ السالكين، وجفافٌ يحرق أكباد الظامئين، وجوعٌ يفترس أحشاء الجائعين.
نعم.. في الطريق متاهاتٌ، ومنعطفات، ولصوص يترقبون الغفلات، يقتلون الأحياء، ويأكلون الأموات.
عذراً أيها القاريء عَذْراً.. فللكلام المسجوع أحياناً رونقٌ وجمال، يمسك بطرف ريشة القلم السيَّال، وقديماً قالت العرب، لا بأس بالسجع غير المتكلَّف، الذي يأتي عَفْوَ الخاطر، ولا يجني على الأفكار والمشاعر.
عذراً، عذراً، فالطريق الطويل، الذي أشرتُ إليه قبل قليل، أثار في نفسي ذُعْرا، ورأيت في جنباته خَطَرا، فأمسكت القلمَ بكف الألم.. وقد رأيت كثرة التائهين، وسمعت صرخات المذعورين، وزفرات الجائعين، وغمغمات الظامئين، ونظرت الى ما حولي، فرأيت بساتين وَحدائق ذات بهجة ورأيت منابع ماءٍ تتدفَّق، وثماراً يانعة تتدلى، وسمعت بلابل تشدو، وقوافل للخير تروح وتغدو، وأمناً وإيمانا، وعطفاً وإحساناً، فأحببت أن أدلَّ أولئك التائهين، وأزيل وحشة الخائفين، وأسعد قلوب الجائعين، فكتبت بالقلم ما تراه الآن بعينك، ورفعتُ عقيرة الحرف النابض منادياً كل تائه حيران، الى خير زاد، وأقوى راحلة تحملهم الى الحدائق الغنَّاء، والبساتين الخضراء، وترفعهم من حمأة الأوحال الى مدارات الجوزاء.
عذراً أيها القارئ عذراً.
فها هو العصر التائه يتلاعب بالناس كما تتلاعب الأمواج بزورق البحَّار، وكما يتلاعب بجذوع الأشجار الإعصار.
عَصْرٌ موحشٌ بالرذيلة، متهم بإهدار الفضيلة، مسكونٌ بوحشة المعصية المكشوفة، التي تشتعل بها الأجواء، وتضيق بدخانها القاتل الآفاق، وتنتقل بكل ما تحمله من «الجراثيم، والغبار، والأمراض» الى بيوتٍ مستورة، فتخرجها من سترها، وتقتلعها من كرسي عفتها، وهدوئها ووقارها ليلحق أهلها بالتائهين الحائرين، الجائعين الخائفين.
رأيت ذلك أيها الأخ الكريم ورأيت آلافا مؤلفة من أبناء المسلمين ينطلقون عبر ذلك الطريق الطويل الموحش، وهم لا يلوون على شيء، يرون بريقاً، ويسمعون صخباً وضجيجاً، وما علموا أنهم في وقت قصير، سينضمون الى ر كب التائهين وأنهم سيجوعون فلا يجدون هنالك غذاء، ويعطشون فلا يجدون هنالك ماءً، ويخافون فلا يجدون هنالك أمنا.
هنا، أمسكت بقلمي، وأطلقت له العنان يكتب ما أملي عليه مسجوعا وغير مسجوع، فالمهم عندي أن يصل صوت حروفه الى آذان أولئك الراكضين، ليقول لهم، عودوا إلينا فإنَّ «عندنا الزاد والراحلة» وعندنا المأوى والمكان الآمن الجميل..
نعم.. إن جوع الأرواح، وظمأ القلوب، وحيرة العقول هي التي تقتل الإنسان، ولن يزيلها مثل الإيمان.
نعم.. الإيمان بمن خلق الوجود بكل ما فيه ومن فيه، وشرع الشرائع، وبث في الكون الوسائل، وأودع فيه الأسرار ومعها الدلائل التي ترشد إليها.. ولا يوجد ذلك الإيمان الذي يغذي الأرواح الجائعة، ويروي القلوب الظامئة، ويرشد العقول الحائرة إلا في المنهج الحق «منهج السماء» في دين الإسلام العظيم.
نعم.. «عندنا الزاد والراحلة»، وإنْ أنكر ملحدو هذا العصر، وتحامل علينا المتحاملون، وسخر منا الساخرون الذين هم في غيهم سادرون».
نعم.. عندنا هذا الصرح العظيم، والمقام الرفيع «بيت الله الحرام» وعندنا مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، وعندنا دعوة «التوحيد» التي جددها «محمد بن عبدالوهاب الإمامْ، وناصرها وأعان على نشرها «محمد بن سعود» الإمام.
عندنا الزاد الذي لا ينقطع أبداً كتاب الله الكريم الذي حمل من الخير العظيم ومن المعجزات والمواعظ والعبر ما جعله حياً في القلوب باقياً على مر الأزمان حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
«عندنا الزاد والراحلة» أفلا ندعو المحتاجين إليها، وندلُّ التائهين عليها، ونحن مأمورون بذلك لأن الله قد جعلنا أمةً وسطاً، وجعلنا خير أمةٍ «نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر».
نعم.. نرفع أصواتنا بها في كل مكان : أيها التائهون، الحائرون، الجائعون الظامئون، أيُّها المخدوعون ، هلمُّوا إلينا فإنَّ عندنا بفضل الله «الزاد والراحلة».
مع التحية إلى وزير الداخلية:
ما زالت اللقاءات الصحفية التي تجرى مع صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وفقه الله لكل خير ، تؤكد تميز بلادنا بمنهجها الإسلامي الصالح لكل زمان ومكان، وما زال يعلن في كل مؤتمر صحفي يعقد داخل المملكة أو خارجها ان الشرع الإسلامي فوق الجميع، وأن عقيدة الإسلام الخالدة هي أساس كيان المملكة العربية السعودية، ومصدر أمنمها واستقرارها، وأن الثبات عليها أمر محسوم لا مجال فيه لاعتراض معترض مهما كان.
وما زلنا نسعد بهذا الطرح الواضح المتميز من سموه الذي يجسد للآخرين بصورة واضحة الشخصية الفذة للمملكة العربية السعودية التي تخفق رايتها بكلمة التوحيد «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وهو استمرار لتجسيد هذه الصورة المشرقة منذ توحيد هذه البلاد على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي أعلنها دولة إسلامية صريحة لا غبش فيها ولا اضطراب، وكذلك الأهداف الكبرى تكون واضحة المعالم، ثابتة الأركان، لا مجال معها لقبول أية مساومة من أحد على الأسس والأصول الثابتة.
وإذا كنا في منظومة دولية كبيرة لها قواها ومراكزها وتطورها المادي المذهل، فإن استمرار التأكيد على «صلابة ثوابتنا» الإسلامية المستوعبة لكل ما تحمله الحياة من جديد هوالذي يحتفظ لنا بالتميز في تلك المنظومة الدولية.
تحية لهذا الطرح الواضح من سموه، ودعاء صادقا أن يحفظ الله بلادنا من مؤامرات أعداء الحق والخير والسلام.
«وسائل الدعوة إلى الله»:
شيء رائع أنْ يقام مثل هذا المعرض، وأن تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية ، وأن يحظى بعناية الإمارة في المنطقة الشرقية، وشيء جميل أن تصدر بمناسبة إقامة هذا المعرض مجلة «كن داعياً»، وأن تحمل من التوجيه الى أساليب الدعوة الى الله ما يؤتي الثمار الطيبة في وقت كثرت فيه منافذ الفكر والثقافة، ومصادر المعلومة، وتعددت.
وتحية خاصة الى وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح، الذي ألقى محاضرة بعنوان «ضوابط الدعوة وأسباب نجاحها»، وكم يكون نافعاً لو أن «التلفزيون القناة الأولى» يعنى عناية خاصةً بهذه المناشط الدعوية والثقافية التي تقام في كل المناطق والمحافظات، فيعرض على الناس دون بخل في الوقت ما يجعل نفعها أعم، وفائدتها أشمل.
ألم أقل لكم أيها الأحبة: إن عندنا الزاد والراحلة؟!


إنما يسمو الى العلياء حُرٌّ
جعل القرآن في الدنيا إمامَهْ


أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved