أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 27th June,2001 العدد:10499الطبعةالاولـي الاربعاء 6 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

رؤى وآفاق
جزالة لبيد تعجب الفرزدق
د. عبدالعزيز بن محمد الفيصل
يمثل لبيد بن ربيعة العامري قوة الشعر وجزالته في العصر الجاهلي، كما يمثل الفرزدق قوة الشعر وجزالته في القرن الأول. وجزالة الشعر سمة عامة في شعر العصر الجاهلي، ولكن المحافظة عليها في أسلوب الشاعر عامة قد لا تتوافر عند جميع الشعراء، فامرؤ القيس مع تقدمه قد لا ينتقي ألفاظه وإنما تنقاد للعاطفة أحيانا، كما في قوله )ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة( وقوله )فقلت لها سيري وأرخي زمامه( وطرفة ابن العبد يوغل في الجزالة والقوة أحيانا، كما في وصف الناقة في معلقته، ثم يلين أسلوبه في مواضع أخرى من شعره، كما في قوله:


فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي
فدعني أبادرها بما ملكت يدي

وزهير بن أبي سلمى يهتم بالألفاظ الشاعرية، ولكنه لا يلتزم دائما بجزالة الألفاظ وقوة الأسلوب، يمثل ما أشير اليه قوله:


وفيهن ملهى للصديق ومنظر
أنيق لعين الناظر المتوسم

وعمرو بن كلثوم يندفع في معاني فخره، غير عابىء بألفاظه وأسلوبه، فيأتي أسلوبه قوياً في موضع من شعره، ويأتي مشبهاً لحديث في مجلس في موضع آخر، والحارث بن حلزة يشبه أسلوبه أسلوب عمرو بن كلثوم وإن كان أقوى منه عامة، وعنترة يقترب في أسلوبه من طرفة ففيه القوي وفيه قريب المأخذ كما في قوله ) لما رأيت القوم أقبل جمعهم( والأعشى يطبع أسلوبه بالشاعرية سواء توافرت فيه اللين، كما في قوله:
)تسمع للحلي وسواساً إذا انصرفت( وقوله )يضاحك الشمس منها كوكب شرق( أوفي القوة كما في قوله:)هركولة فنق درم مرافقها( والنابغة يشترك مع لبيد في قوة الشعر ولكنه لا يلتزم التزامه، وعبيد بن الأبرص يهتم بالمعاني ويأتي الأسلوب حيث يكون كما في قوله:


من يسأل الناس يحرموه
وسائل الله لا يخيب

هؤلاء أبرز شعراء الجاهلية، والموازنة بينهم قد لا تعطى حقها في مثل هذه المقالة، ولكني أحببت أن أشير الى جزالة شعر لبيد الثابتة والمتوافرة في جل شعره، فألفاظه منتقاة تنحو الى القوة مع ان الغريب لا يهيمن على أسلوب الشاعر، فعبارته تنتظم فيها ألفاظه في تماسك ملحوظ، فتكون العبارات أسلوبا فيه قوة ومتانة، وبما ان الشاعر يطلب شرف المعنى فإن الأسلوب يلبي مطلب المعاني، فتعرض في معارض محبوكة بكل عناية، بحيث تنقل تلك المعارض الاعجاب الى المتلقي بأمانة وصدق، وإذا كان المتلقي ممن يعجب بقوة الشعر وجزالة الألفاظ وإحكام بناء الأسلوب فإنه يرتاح الى سماع شعر لبيد، فالفرزدق من هذه الفئة التي تطلب القوة في الشعر، فإذا استعرضنا شعر الفرزدق فإننا نجد شعرا يسير على طريقة لبيد في القوة من مثل قوله:


ومائرة الأعضاد صهب كأنما
عليها من الأين الجساد المدوف

ومن شدة اعجاب الفرزدق بشعر لبيد انه سجد عندما سمع منشدا ينشد قصيدة لبيد التي منها قوله:


وجلا السيول عن الطلول كأنها
زبر تجد متونها أقلامها

فقيل له: ما هذا يا أبا فراس؟ فقال: إنني أعرف سجدة الشعر كما تعرفون سجدة القرآن. ونحن لا نقر الفرزدق على فعله ولكننا ننقل شدة تأثره بالشعر القوي. وشعر لبيد أشاد به النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى أبوهريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد )ألا كل شيء ما خلا الله باطل( وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمر برواية شعر لبيد، وكانت عائشة رضي الله عنها تروي للبيد ألف بيت. وقد قال لبيد شعره في الجاهلية ولم يقل في الاسلام إلا قوله:


الحمدلله إذ لم يأتني أجلي
حتى لبست من الاسلام سربالا

فعندما كتب عمر بن الخطاب الى عامله بالكوفة المغيرة بن شعبة كتابا يطلب فيه من شعراء الكوفة ان يكتبوا ما قالوا من الشعر في الاسلام ويرسلوه الى الخليفة، كتب لبيد سورة البقرة في صحيفة وأتى بها الى المغيرة، وقال أبدلني الله هذه في الاسلام، فأخبر المغيرة عمر بن الخطاب بما عمل لبيد، فأمر الخليفة أن يزاد في عطائه خمسمائة درهم.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved