أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 26th June,2001 العدد:10498الطبعةالاولـي الثلاثاء 5 ,ربيع الثاني 1422

القوى العاملة

مدير إقليمي يعمل في الأرشيف
ما سوف أتناوله ليس استنساخا لسيناريو احد الافلام ولا هو من نسج الخيال كما يتراءى للبعض للوهلة الاولى على الاقل، بل هي واقعه اذهلتني بقدر ما سوف تذهلكم واعجبت بفكرتها واحداثها وابيت إلا ان تشاطروني هذا الشعور، وليس هذا كل ما في الامر بل ربما تكون مناسبة للتذكير بما نغفله من مفاهيم او نتعامى عنها سميه ما شئت.
من سنة تقريبا عاد احد الزملاء من الخارج بعد ان حصل على شهادة عليا في علوم التجارة والاعمال وما هي إلا ايام معدودة عرض عليه احد اصدقائه الذي يملك شركة كبرى ليتسنم منصب المدير الاقليمي لها، لم يخف زميلنا غبطته لهذا العرض المغري والذي قد لا يحلم به من هم اعلى منه مؤهلاً وخبرة واللافت ان موافقته جاءت مقرونة بشروط وقد يتصور الكثيرون وهذا ماتبادر لي بادىء الأمر( أن الشروط عبارة عن راتب عال وسيارة و... و... إلخ قائمة المزايا والتي غالبا ما تستحوذ على جُل تفكير مديري الشركات وغاية طموحهم )وبيني وبينكم( هي مزايا يسيل لها لعاب جهابلة الرجال، ومهما يكن من امر لكم ان تتخيلوا ما هي شروط زميلنا وتحديداً هي شرطان: الاول: إعطاؤه مهلة لمدة ستة شهور قابلة للتمديد لسنة تكون له حرية العمل والتنقل بين ادارات الشركة واقسامها، والشرط الثاني: والذي يعتبر من اهم مقومات اذكاء مهمته ونجاحها وهو ان يكون ذلك سراً بينه وبين صاحب الشركة بحيث لا يدري كائن من كان من منسوبي الشركة بأنه المدير الاقليمي، وقبل أن يأخذنا الحديث اود ان اشير الى مدى رجاحة تفكيره وسعة افقه لقناعته التامة بان مهمته او هدفه ان صح القول لا يمكن ان يتحقق اذا ما علم موظفو الشركة بمنصبه وهذا ما قاله لي بالحرف .. )حين يعلم موظفو الشركة بمنصبي الحقيقي وان وجودي معهم ما هو الا من قبيل التدريب وكسب الخبرات فمن البديهي والمعتاد انهم سوف يسارعون بلبس اقنعة يخفون وراءها شخصياتهم الحقيقية فتأتي سلوكياتهم وتصرفاتهم مغايرة إن لم نقل نقيضه لواقع حالهم والتي ليس أسوأها التملق والتسويف هذا دون الحديث عما سوف اواجهه من اساليب التضليل والمواربة بغية مداراة ما يمكن مداراته من اخطاء وألاعيب والتي ما كان لي ان اكتشفها لو اعلنت عن منصبي من دون اسهاب ممل او اختصار مخل.. فقد تنقل زميلنا بين الاقسام والادارات ابتداء من الارشيف وقسم الاتصالات مروراً بقسم استقبال العملاء وشؤون العاملين والعلاقات العامة، وتالياً قسم المحاسبة وصولا لقسم التسويق والذي يعتبر تحديا حقيقيا قدراته وامكاناته بوصفه عملا ميدانيا يتطلب مهارة من نوع خاص لا يفهمها ويستوعب أبجدياتها واصولها إلا من يمارسها عمليا وان اجتر كل ما تعلمه من نظريات وعلوم اكاديمية ملخص القول: انه اكتسب خبرة في جميع مجالات العمل في غضون سنة تقريبا وعندئذ تسلم منصبه كمدير اقليمي للشركة بكل ثقة واقتدار، وبعد فترة وجيزة حققت الشركة ارباحا تفوق بكثير ما كانت عليه في السابق، وعلينا ألانغفل انه قام ببعض الاجراءات كالتنقلات وتوجيه الانذارات لمن هم دون المستوى المطلوب، وفي المقابل كافأ المجدين في عملهم والذين اظهروا عطاء مميزاً.
وعلى ضوء ما تقدم نصل للقول ان المناصب ليست قفزة او )كبسة رز( كما قد يتصور البعض بل هي عبارة عن سلسلة من الخطوات تتدرج تصاعديا، وختاما اود ان اهمس باذن بعض اصحاب الشهادات العليا بألا يكون هاجسهم اعتلاء المناصب والجلوس على المكاتب الفاخرة بقدر ما يجب معرفة مهام المنصب وحجم المسؤوليات الموكلة. فكم من مدير اصبح موضع سخرية موظفيه لجهله بأبسط الامور، وثمة مديرون )بالاسم( يسيرونهم موظفون عاديون.
علي الزامل
ص.ب 90458 الرياض 11613

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved