| الاخيــرة
ليست زيارتي في الأيام الماضية إلى دولة الامارات العربية بدعوة من )ندوة الثقافة والعلوم( في دبي لإلقاء محاضرة فيها عن )تجربة الأندية الأدبية في المملكة العربية السعودية( هي الزيارة الأولى، فقد زرتها أكثر من مرة، كان أحدثها المشاركة في )مؤتمر الرحالة الغربيين إلى الخليج( والذي دعتنا إليه مؤسسة جمعة الماجد في دبي منذ حوالي أربع سنوات مع كل ما حفل به المؤتمر من نجاح. إلا أن زيارتي الأخيرة إلى إمارتي دبي، والشارقة، منتصف الشهر المنصرم... أتاحت لي فرصة أوسع وأغنى في الجانب الثقافي، حيث أكرمني القائمون على )ندوة الثقافة والعلوم( مشكورين بجولات ممتعة على عدد من المراكز التراثية والثقافية والتي وفرت لها الحكومة أروع المباني والمنشآت والتأثيث الفاخر، والأجهزة الحديثة، وجميع الامكانات المطلوبة لخدمة الأدب والثقافة وسواء كان تفاعل الأدباء والمثقفين مع هذه الامكانات العظيمة جاء على المستوى المأمول أم لم يكن.. إلا أن الدولة قد بذلت كل ما يطلبه المهتمون في هذا الجانب.. وليس الحكومة وحدها.. بل الأثرياء والمؤسسات الأهلية كذلك.
أما تفعيل هذه المؤسسات واستثمار هذه الامكانات فهو مهمة الأدباء والمثقفين..
* * *
لقد زرت دولة الامارات المتحدة عدة مرات.. كانت الأولى بدعوة من وزير المواصلات السعودي السابق الأستاذ الأديب محمد عمر توفيق رحمه الله بمناسبة افتتاح الخط البري الذي عملته المملكة بين إمارتي رأس الخيمة والشارقة )120 كيلاً(.
ومع أننا أخذنا جولات على جميع الامارات ما عدا أبوظبي لبعدها إلا أنني شخصياً لم أستطع أن أكون انطباعا عن الجانب الثقافي في هذا الجزء من وطننا الخليجي.. لأن الزيارة لم تكن لهذا الغرض.. كما أن العناية بالمدعو في نشاط ثقافي يخصه غير المدعو ضمن جمهرة كبيرة وضمن برنامج عام للجميع.
لذلك وجدت الفارق كبيراً بين زيارتي الأولى الى دبي ضمن وفد متنوع قبل ربع قرن وبين زيارتي الأخيرة ليس لكرم الضيافة والحفاوة فهذه صفات للعربي في الغالب أينما كان.. ولكن للبرنامج الثقافي الخصب الذي غمرني به المسئولون في ندوة الثقافة والعلوم، حيث زرت بصحبة بعضهم عدداً من المؤسسات الثقافية والتراثية والجمعيات.. كجمعية الصحفيين في دبي وجمعية اتحاد كتاب وأدباء الامارات التي تقع في الشارقة.. وبعض الآثار القديمة قبل عصر النفط كبيت الشيخ سعيد بن مكتوم، والآثار الموجودة فيه كالنقود والتحف والأواني.. التي عرفنا عليها مدير المتحف الاستاذ عبدالله بن جاسم المطيري وغير ذلك كدعوات بعض الشعراء لي على حفل عشاء وإنشاد شيء من الشعر.
* * *
لقد قر في أذهان الناس أن دبي هي إحدى المدن الرئيسة في العالم للتجارة والتسويق.. والحال أنها كذلك.. ولكنها الى جانب شهرتها التجارية فهي ايضا مدينة عامرة بمظاهر الحضارة العصرية وفي طليعة هذه الحضارة: الكليات الجامعية. وندوة الثقافة والعلوم، وجائزة سلطان العويس، ومؤسسة جمعة الماجد الثقافية. والتي توجد فيها مكتبة لا اعتقد بوجود مثيل لها في دولة الامارات وهي تشتمل على عدة اقسام وتخصصات ومبرمجة جميع محتوياتها في أشرطة التسجيل الالكتروني. وقد تعبنا من التجوال في بعضها فما بالكم لو زرنا جميع أقسامها في جميع طبقات مبناها الكبير.
حقا إن دبي ليست مركزا تجاريا دوليا فحسب.. بل هي كذلك مركز من مراكز العلم والأدب والثقافة. وتضم بين جنباتها مئات الرجال الذين تعتز بهم في الجوانب العلمية والثقافية والفكرية.
كان الفضل في كل مازرت وماشاهدت في دبي للاستاذ الأديب بلال ربيع البدور أمين السر العام لندوة الثقافة والعلوم وبتوصية واهتمام من رئيس مجلس الادارة الاستاذ الاديب محمد المُرّ. والاستاذ الدكتور سعيد حارب نائب مدير جامعة الامارات. والاستاذ الفاضل المؤرخ النسابة عمران سالم العويس. وجميع اعضاء مجلس ادارة الندوة.
لقد سعدت بإلقاء محاضرتي في ندوة الثقافة والعلوم مساء الأربعاء 14 ربيع الأول 1422ه الموافق 6/6/2001م والتي أضاءت جوانب من حياتنا الأدبية الثقافية في المملكة.. كما أضاءت جوانب من )تجربة الأندية الأدبية في المملكة( وآثارها الايجابية الواسعة والتي يعود الفضل فيها الى توفيق الله تعالى، ثم الى العناية التي اولاها اياها مؤسس الأندية وراعيها الأول الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام السابق لرعاية الشباب رحمه الله ثم رعاية سمو الأمير سلطان بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب وسمو نائبه الأمير نواف بن فيصل بن فهد.
وكانت سعادتي أكبر للمداخلات والأسئلة الكثيرة التي تجاوزت العشرين ما بين سؤال ومداخلة حول الشعر في المملكة خاصة والأدب بعامة وكان يدير الأمسية الأستاذ بلال البدور.
وقد نشرت جميع الصحف في دولة الامارات الخبر عن المحاضرة في صفحاتها الأولى.. ثم نشرت مقتطفات مطولة في صفحاتها جميعا.. وهي )البيان( و)الاتحاد( و)الخليج( وبعض المقتطفات استغرقت اكثر من 5 اعمدة من صفحات الجريدة.
وفي هذا دليل قاطع على الاهتمام بالادب والأدباء في المملكة التي هي الشقيقة الكبرى لدول الجزيرة والخليج العربي. زاد الله هذه الأخوة قوة ومتانة ودواماً.
يتبع
|
|
|
|
|