أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 26th June,2001 العدد:10498الطبعةالاولـي الثلاثاء 5 ,ربيع الثاني 1422

محليــات

لما هو آت
دين ودنيا ... وأمن النَّفس )1(
د. خيرية إبراهيم السقاف
كيف يتحقق للإنسان أمن النفس كي يتحقق له الأمن كلُّه، في عقله وما يفكر، وفي قلبه وما يحوك، وفي سلوكه وما يفعل، وفي قوله المعبِّر عن كلِّ ما يدور في ذهنه، ويختلج به قلبه، وتتجه إليه جوارحه ...؟
الإنسان في هذه الحياة الدنيا جُبل على اللهاث وراء كلِّ غيبيٍّ لا يعلمه، والله تعالى علم في الإنسان ضعفاً، فمنحه القدرة في حدود، كي لا يسطو بجهله، ولا يقتحم بضعفه ما لا طاقة له به...، ومع ذلك فإنَّه يكابر، ما لم يكن على درجة عالية جداً من الإيمان..
والإيمان هو ما تَعقد عليه النفس وتشاركها فيه بقية مكونات الإنسان، ... والنفس عادة لا تَعقد على شيء أو على أمر ما لم يصادقها العقل ...، فقناعة النفس منوطة بوعي العقل... لذلك يتحقق للإيمان في الإنسان «درجات» هي بقدر عقل العقل فيه، وقناعة النفس منه...
من هنا فإنَّ الإيمان بالله يتحقق بالتعليم والتوجيه وسرد الحقائق، وتقديم الأدلة، وبسط البراهين... وأولها هذه الآيات الكبرى: الإنسان ذاته، ومحسوسات الخلق الإلهي العظيم فيه، وفي السماء، والأرض وما فيهما من العلامات التي أكَّدها العلم الحديث في حياة العامة من الناس قبل الخاصة.
ولعمري إنّ هذا العصر هو عصر الدعوة للإيمان بالله تعالى بأكثر مما كانت في العصور السابقة، ذلك لأنَّ معطيات العلم الحديث بسطت الأدلة بوضوح وحجج أقوى مما كانت عليه بالتمثيل اللفظي...
والإيمان بالله تعالى يقتضي الإيمان بكلّ ما تأتي به شريعة الإسلام في الاعتقاد، وفي القول والفعل، فمن يوحِّد الله تعالى لا يتحقق لتوحيده الكمال ما لم يتّق الاشراك به تعالى...، وما لم يمتثل لأوامره ونواهيه تعالى...
وأوامر التشريع ونواهيه جلية للخاصة كي يعلموها للعامَّة...، مفصلة بأدلتها وبراهينها، ونماذجها ومنافذها، وأشكالها وأنواعها...، كما أنَّ سبل تنفيذها أو الامتناع عما تمنعه مرتبطة بمعرفة كافَّة ما نهى عنه منها، وما أمر به أو ترك منها...
فمناط التنفيذ مرهون بالاعتقاد المنبثق عن الإيمان، المتعلق بإدراك العقل ووعي القلب... من هنا فإنَّ الإنسان كي يتحقق له بلوغ درجة عالية من السلوك الممثِّل لإيمان صادق، وعقيدة قوية عليه أن يتعرَّف إلى كلِّ ما يرتبط بهما من أمور الدين وتشريعاته وما في ذلك من الأوامر والنواهي التي لا يختلف فيها مسلم،...
انطلاقاً من ذلك يأتي السؤال: لماذا يسلك الإنسان والمسلم منه على وجه التخصيص سلوكاً ينمُّ عن بعد عن تنفيذ أوامر الله والاجتناب عن نواهيه تعالى؟
هل في ذلك ما ينمُّ عن : الجهل بها؟ إذن فهناك قصور في التربية والتوجيه والتعليم...
أم عن علم ولكنَّه لم يرسَّخ، ولم يُتَعهَّد به، فأصبح كالذي أمامه النبع وتكبِّله قيود دون أن يصل إليه؟ وفي ذلك تقصير ممن تعهَّدوه بدءاً وعلَّموه ولم يتأكدوا من درجة العلم الذي بلغه، والوعي الذي وصل إليه...
أم عن علم تام طغت عليه طبيعته البشرية المكابرة، فقوي فيه شيطانه وغلبه هواه، ولم يستطع الفكاك من عقالهما؟...
إنَّ اتجاه الفرد المسلم إلى فعل ما لا يصفه بصفات المؤمنين المسلمين من تقوى الله، والخشية منه، والثِّقة فيه، والتَّوكل عليه، واتِّقاء ممنوعاته، واتِّباع مُبيحاته... ليدعو إلى التفكير الدقيق في إيجاد الوسائل التوجيهية التوعوية المناسبة للوقوف به قوياً أمام تيارات عنيفة تتجاذب هذا الإنسان في خضم غرور الحياة الدنيا ووسائلها الطاغية...
ولعلَّ من الظواهر البارزة في المجتمع الإسلامي التي تدلِّل على بعد عن الجادة هي ظاهرة اللجوء إلى المشعوذين، واقتصار السبل إلى تحقيق الغايات الدنيوية بفعل السحر عن طريقهم، الأمر الذي استوجب الحملة الإعلامية المكثفة بل الحملة الأمنية القوية ذات الخطط المدروسة التي تحقق عنها الكشف عن خبايا... احتاج معها الإنسان إلى توعية وتبصير... جاءت في الصحف، وكتابة الكتاب، وخطب المساجد، وحلقات التَّوجيه، والإذاعة المسموعة، والتلفاز المرئي... كانت على درجة بالغة في أهميتها، نتج عنها تضافر الرجل العادي معها وكذلك المرأة بإدراك مضامينها وأهدافها من جهة، وبهدف القضاء عليها من جهة أخرى، ولعلَّ الحلقات التي قدَّمها برنامج دين ودنيا في التلفاز كانت أكثرها تأثيراً وأشدها تبليغاً وأثراً... لا يخفى ما قدمته من براهين، في أسلوب واعٍ صريح، لعلَّ أن يكون له امتداد مجدٍ...
يتبع

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved