أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 26th June,2001 العدد:10498الطبعةالاولـي الثلاثاء 5 ,ربيع الثاني 1422

متابعة

سمو ولي العهد في حديث شامل لصحيفة الفايننشال تايمز البريطانية:
ننظر في مجموعة من الدراسات والرؤى الاقتصادية لرفاهية واستقرار الشعب السعودي
خادم الحرمين الشريفين أعلن عن خطة سلام للشرق الأوسط وارتبطت باسمه
* لندن واس :
أكد صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني أن المملكة العربية السعودية قبلت بكل بادرة سلام في المنطقة بغض النظر عن مصدرها وأن للمملكة خطة سلام أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ال سعود وارتبطت باسمه.
وقال سمو ولي العهد في حديث شامل لصحيفة الفايننشال تايمز البريطانية ان المولى جلت قدرته قد اختار للمملكة مكانها ومكانتها في القلب من أمتها العربية والاسلامية وأناط بها مسئوليات ليس بوسع أحد تجاهلها.
وأشار سموه الى أن المملكة بلد يملك مصداقية عالية مع كل الاطراف في العالمين العربي والاسلامى وربما كانت مؤهلة لاقناع الجميع بالجلوس الى طاولة السلام وقال لكننا لا نستطيع القيام بهذا الدور أو تقديم هذه الخدمة الجليلة اذا استمرت اسرائيل في افشال كل مبادرات السلام.
وفيما يلي نص الحديث الذي أجرته صحيفة الفايننشال تايمز مع سمو ولي العهد:
* صاحب السمو الملكي ولي العهد الامير عبدالله أوضحتم قلق المملكة العميق من الوضع المتدهور في أراضي السلطة الفلسطينية. ما هو منطلق اهتمام المملكة بالقضية الفلسطينية؟ أهو منطلق ديني بحكم القدس فقط أم منطلق قومي عربي أم من منطلق مصلحة وطنية أو هومجرد اهتمام انساني؟ وما مدى قلقكم من عدم استقرار ينشب عبر المنطقة كلها؟
* مصلحة المملكة هي أن تكون في اقليم يسوده السلام والطمأنينة والعدالة ويكون لشعوبها حقوق متساوية وطالما فكرت اسرائيل في نفسها كدولة عظمى تحكم المنطقة وتملي ارادتها على شعوبها فلن يتحقق مثل هذا الاستقرار أما القدس فهي جزء من ضمير كل مسلم يتخلى عن الاهتمام به فقط حين يفتقد مثل هذا الضمير نحن اذن لا ننظر الى القضية الفلسطينية من زاوية قومية عمياء ولا من منطلق عاطفي أهوج بل هي نظرة تمليها علينا المصلحة مصلحة المنطقة ويؤطرها الضمير أما الابعاد الانسانية لما يمارس من قهر واضطهاد على الشعب الفلسطيني المحاصر الاعزل فهي أبعاد تهم كل انسان وكل جهة تنادي بحقوق الانسان والشرعية الدولية.
* الى ماذا تعزون التدهور في الموقف؟ وما هو رأيك في أعمال ارييل شارون منذ أن تولى السلطة كرئيس وزراء لاسرائيل في مارس؟
* من الخطأ الجسيم أن نترك القضايا الدولية الخطيرة كقضية فلسطين تحت رحمة الانتخابات المحلية وأنا لا يهمني من يحكم اسرائيل بقدر ما يهمني أن تحترم اسرائيل الالتزامات والاتفاقات التي وافقت عليها أما عن السبب في التدهور فيكفي أن نحيلك الى تقرير لجنة دولية محايدة وهي التي رأسها السيناتور ميتشل.
* هل تعتبر موافقة كولن باول على تقرير لجنة ميتشل وتعيين مبعوث أمريكي جديد يعمل مع الفلسطينيين والاسرائيليين تعاملا كافيا من جانب الحكومة الامريكية؟
* أعتقد أن هذه خطوة ايجابية أولى جيدة وكولن باول حارب من أجل أمن واستقرار المنطقة ابان تحرير الكويت ولا بد أن رجلا في موقعه يدرك جيدا ما يمثله العنف الاسرائيلي على استمرار هذا الامن وذلك الاستقرار.
* يرى بعض المراقبين أن المملكة قد اتخذت خطا سياسيا متشددا فيما يخص الصراع العربي الاسرائيلي. ما هو السبب في ذلك؟
* هذا تقييم غير صحيح جملة وتفصيلا لان المملكة قبلت بكل بادرة سلام بغض النظر عن مصدرها بل ان للمملكة خطة سلام أعلن عنها أخي خادم الحرمين الشريفين وارتبطت باسمه. الذين يمارسون التشدد هم الذين رفضوا كل بادرة سلام اما عن طريق الرفض الصريح أو عن طريق وضع الشروط والعقبات وافراغ كل خطة سلام من محتواها واجهاضها أما بالنسبة لنا فان هناك أمورا تستعصي على فهمنا تماما كيف يصم العالم أذنيه عن أحدث الطائرات وأعتى الدبابات وهي تقصف تحت جنح الليل بيوت وأحياء أناس عزل؟ كيف يطلب البعض من السلطة الفلسطينية أن تتصدى لحفظ الامن والقيام بمهام الدولة بعد أن حرمها الاسرائيليون من السلاح وأوقفوا عنها كل مصدر من مصادر الدخل؟ لا أعتقد أن أحدا غير اسرائيل يستطيع أن يقوم بمثل هذا العمل ثم يجد من يتصدى لتبرير أعماله وتصرفاته.
هذا من جانب أما من الجانب الآخر فإن المولى جلت قدرته قد اختار للمملكة مكانها ومكانتها في القلب من أمتها العربية والاسلامية وأناط بها مسئوليات ليس بوسع أحد تجاهلها ولا أستبعدأن يأتي اليوم الذي يطلب فيه هذا الطرف أو ذاك دعم خطته للسلام فالكل يعرف في نهاية المطاف أننا بلد يملك مصداقية عالية مع كل الاطراف في العالمين العربي والاسلامي وربما كنا المؤهلين لاقناع الجميع بالجلوس الى طاولة السلام لكننا لا نستطيع القيام بهذا الدور أو تقديم هذه الخدمة الجليلة اذا استمرت اسرائيل في افشال كل مبادرات السلام، ثم دعيني أسألك: هل المتشدد هو من يدعو الى سلام قائم على احترام العهود والمواثيق والتفاهمات أم أن المتشدد هو من يتحدث عن تدمير السد العالي ويدعو الى شن الحروب ويصف العرب بالثعابين ويدعو الى اعادة الاحتلال وتدمير السلطة الفلسطينية كما جاء على لسان وزراء ورؤساء أحزاب مؤثرة في اسرائيل.
* هل ترى وتطلب من الحكومة الامريكية أن تمارس الضغط على اسرائيل وتقلل من حدة ردودها العسكرية؟
* نحن نصدق الولايات المتحدة الامريكية حين تقول انها داعية لحقوق الانسان ولحقوق الشعوب وللشرعية الدولية وأنها النظام الذي يتوق الى نظام عالمي جديد ونحن نتطلع الى قيام دور أمريكى فاعل وعادل.
* هل أدى تعامل الولايات المتحدة مع عملية السلام الى الاضرار بالعلاقات مع المملكة العربية السعودية؟ كانت هناك تقارير تقول ان سموكم رفض دعوة لزيارة البيت الابيض هل هذا صحيح؟ وهل سوف تقبلون أن تسافروا الى الولايات المتحدة والى البيت الابيض؟
* علاقتنا مع الولايات المتحدة قديمة وقوية وترتكز على مصالح أساسية مشتركة وليس من السهل الاضرار بها والزيارة التي لا تتم اليوم يمكن أن تتم غدا المهم ليس الموعد، المهم أن تتم الزيارة في مناخ يسمح بنجاحها وهذا ما نسعى لتحقيقه.
* الى أي مدى سيرتبط انتاج البترول السعودي بمسلك الولايات المتحدة نحو اسرائيل؟ وهل من المحتمل أن تستخدم المملكة العربية السعودية انتاجها كوسيلة ضغط في هذه القضية كما حدث في السبعينات؟
* البترول مادة اقتصادية استراتيجية يتوقف عليها رخاء العالم الصناعي والعالم النامي على حد سواء ونحن حريصون على أن تكون سياستنا البترولية منطقية توازن بين مصالح المنتجين ومصالح المستهلكين ولا أرى ضمن ذلك السياق أن من المصلحة الحديث عن البترول خارج هذا الاطار.
* لقد فرغتم توا من زيارة لاوروبا. هل تعتقد أن الاتحاد الاوروبي قام بكل ما يمكن أن يقوم به لمساعدة الفلسطينيين؟
* الدور الاوروبي في المنطقة ليس دورا كماليا ولا هو نشاط خيري، أوروبا تتحمل مسؤولية أخلاقية وسياسية فجذور ما تعاني منه الآن تعود الى مرحلة سيطرة استعمارية أوروبية على المنطقة كما أن الرابط الثقافي والاقتصادي والتاريخى بين المنطقتين أو ما اعتدنا على تسميته بأوروبا الغربية والعالم العربي أكثر تشابكا وتجذرا من أن يوفيه حقه دور أوروبي لايحس به أحد.
* كيف يمكن تحسين سياسة الاتحاد الاوروبي نحو الشرق الاوسط؟
* يتسنى هذا بتقديم المزيد من العون في كافة المجالات للفلسطينيين وباظهار الاستياء بشكل ملموس من القمع الاسرائيلي الدموي واظهار التناقض بين المسلك الاسرائيلي وما تدين به أوروبا من قيم ومن ربط شبكة المصالح الاوروبية الاسرائيلية بمسيرة السلام ونحن نعتبر أن مقاطعة منتجات المستعمرات الاسرائيلية وتقرير سولانا أمورا مشجعة خصوصا اذا ارتقت الى مستوى تشكل معه موقفا أخلاقيا وسياسيا فاعلا ومؤثراً.
* كيف تنظرون يا صاحب السمو الملكي الى المرحلة القادمة من التحسن في العلاقات مع ايران؟ هناك بعض المحللين الذين يرون أن التقارير المنشورة في الصحف الامريكية والتي تزعم تورط ايران في تفجير الظهران يمكن أن تؤدي الى الاضرار بالعلاقات الوثيقة الجديدة التي تربطها مع طهران. ما هو تعليقكم على هذه التقارير؟
* نحن لا نرسم سياستنا بناء على تقارير في الصحف سياستنا تقوم على حماية مصالحنا الاساسية على نحو يخدم شعبنا ويخدم قضية السلام ونرى أن من مصلحة الاستقرار والتنمية في المنطقة أن يكون هناك تقارب مع ايران.
* ما هو في رأيكم موقف الولايات المتحدة من الاتفاقية الامنية مع ايران؟ وهل ترى أن الولايات المتحدة يجب أن ترفع مقاطعتها الاقتصادية لايران؟
* الاتفاقية الامنية مع ايران تمت بناء على رغبة البلدين في محاربة شرور الارهاب وتهريب المخدرات وغسيل الاموال وغيرها من المخالفات التي تضر بمصالح الشعبين وتتطلب تعاونا من قبل كل الاطراف وهي من هذا المنطلق ليست موجهة للاضرار بمصالح أي دولة بل العكس هو الصحيح. أما فيما يخص رفع المقاطعة الامريكية لايران فان هذا شأن ثنائي لكننا بشكل عام نتطلع الى أن يسود الوئام والتفاهم علاقات كل الدول خصوصا تلك التي تجمعنا بها اعتبارات الجوار أو المصالح المشتركة ونتصور أن مزيدا من الاستقرار يمكن أن ينتج عن الحوار الامريكي الايراني.
* تعمل الادارة الامريكية على تطوير عقوبات ذكية على العراق وبموجبها سوف يتم التخفيف من معاناة العراقيين ولكن مع احكام الرقابة على حدود العراق لمنع التهريب. ما هو رد المملكة على المقترحات الامريكية؟
* لقد أعلنا منذ حوالي ثلاث سنوات عن مبادرة سعودية تهدف الى رفع المعاناة عن الشعب العراقي والى حصوله على كل ما يحتاجه من غذاء ودواء وكساء وهذا هو موقف المملكة الدائم من الامر والمسؤولية الآن هي مسئولية القيادة العراقية فهي التي تعيق كل تحرك نحو رفع المعاناة عن الشعب العراقي.
* هل تعتقد أن بوسع الولايات المتحدة أن تقنع الرأي العام العربي بأنها ليست المسؤولة عن الوضع الانساني في العراق؟
* لا أتصور أن العقوبات أو التوجه الامريكي يستهدف الشعب العراقي، العقوبات والمقاطعة هي وسيلة لغاية والغاية هي حماية المنطقة من مغامرات جديدة للنظام العراقي ومن المهم أن لا تغيب الغايات عن أنظارنا وأن لا نصل الى مرحلة تحل فيها الوسيلة محل الغاية.
* هل نجاح الولايات المتحدة في ذلك الاقناع مرتبط بتصرفها نحو اسرائيل؟
* ان نجاح الولايات المتحدة في اقناع الطرف الاسرائيلي بضرورة الاقلاع عن سياساته التوسعية والقمعية والتمشي مع ارادة المجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية هو خدمة للسلام العالمي ولمصالح الولايات المتحدة ومثل هذا العمل لو تم لابد أن ينعكس بشكل ايجابي على مجمل الاوضاع السياسية في المنطقة.
في مؤتمر القمة العربي في عمان في مارس الماضي كانت هناك محاولة لاصدار قرار عن الحالة العراقية الكويتية وقال الزعماء العرب ان كلا من المملكة والكويت قامتا بجهود كبيرة الا أن العراق رفض أن يقدم ضمانات أمنية للكويت.
* هل ترى أن على الحكومات العربية أن تستمر في محاولة ايجاد مصالحة بين العراق والكويت؟
* لا أعتقد أن المشكلة هي بين العراق والكويت فقط بل بين العراق وجيرانه وبين العراق والنظام العربي وبين العراق والشرعية الدولية.
* لمحت المملكة في أكثر من مناسبة أن سياسة البترول يجب أن تكون محل تنسيق بين الدولة المنتجة والدول المستهلكة وأن العبء بأكمله لا يجب أن يقع على الاوبك.
هل تعتقد أن سياسة الادارة الامريكية الجديدة فيما يتعلق بسياسات الطاقة هي أقرب الى تفكير المملكة في هذا المجال؟ وهل الضغط الذي كان يمارس على أوبك في السنة الماضية قد خفف الآن؟
* اقترحت الادارة الامريكية مجموعة من سياسات الطاقة ومنها ما يؤكد على أهمية الحوار بين المنتجين والمستهلكين وهو ما كانت تنادي به المملكة دوما أما عن الضغوط على الاوبك فأعتقد أن الجميع الآن يدركون أن أوبك ليست وحدها المسؤولة عن استقرار السوق وأن دور المنتجين خارج الاوبك ودور حكومات الدول المستهلكة لا يقل أهمية عن دور الدول الاعضاء في الاوبك.
* هل تتوقع أن تكون هناك زيادة في انتاج أوبك في الاجتماع القادم في4 يوليو؟ وهل تتوقع أي زيادة في الانتاج خلال الخريف القادم؟
* في كل هذه الامور فإن أوبك تتحرك ضمن أطر وسياسات محددة يحكمها قانون العرض والطلب ومصالح المنتجين والمستهلكين وليس عندي شك في أن أوبك ستزيد من انتاجها اذا ما شعرت بأن هناك حاجة حقيقية لهذه الزيادة وسجل أوبك يوضح أنها لم تتوان عن زيادة الانتاج عندما تتأكد أن هناك حاجة لهذه الزيادة للحفاظ على توازن السوق.
* ماذا عن مبادرة سموكم نهاية عام 2000 بانشاء أمانة عامة لمنتدى الطاقة الدولي بالمملكة وهل لاقت تلك المبادرة صدى وقبولا من المنتجين والمستهلكين؟
* تنطلق رؤيتنا لاهمية هذا المنتدى من مجموعة حقائق أساسية أولها أن البترول مادة استراتيجية وليست منتجا هامشيا يمكن تركه لتقلبات السوق وأمزجة الوسطاء وثانيا فان السنوات القادمة ستشهد دون ريب زيادة ملحوظة في الطلب العالمى ولابد من التنسيق بين جميع الاطراف للحفاظ على التوازن الذي يحمي مصالح المنتج والمستهلك وثالثا فإن قيام مثل هذا المنتدى سينعكس بشكل ايجابي على مصالح الجميع وسيضمن استقرار الاسعار والحفاظ على التوازن المطلوب بين العرض والطلب.
* لقد ناديتم سموكم بسلسلة من الاصلاحات الداخلية في السنوات الاخيرة وهيأتم المواطنين لحقبة جديدة. هل أنت راض عن سرعة الاصلاحات الاقتصادية؟ هل هناك مجالات مثل التخصيص مثلا تود أن ترى فيها سرعة أكبر؟ وهل تشعر بالاحباط لان هناك مقاومة للاصلاحات من المؤسسة البيروقراطية؟
* إني على قناعة بأن الاصلاحات الاقتصادية تسير حسب البرنامج المخطط لها وبالسرعة المناسبة والامر نفسه يتعلق بالتخصيص، نحن حريصون على ألا يؤدي التخصيص على أي نحو بالاضرار بالمواطنين ولا سيما الفئة محدودة الدخل ومن هنا نرى من المناسب دراسة كل قطاع يخصص بتوسع والاستفادة من تجارب الدول الاخرى. أما عن البيروقراطية فلدينا مثل غيرنا نصيبنا منها ولكن عندما يصدر تنظيم جديد يلتزم الجميع صغارا وكبارا به.
* هل سموكم بالتحديد راضون عن الاستثمار في القطاع الخاص غير البترولي في المملكة، ان القائمة السلبية أي المجالات التي لا يسمح بالاستثمار الاجنبي. يعتبر في نظر بعض المراقبين عقبة محتملة تحول دون اغراء الاستثمار الاجنبي، هل هناك نية لتقليص عدد الصناعات التي يمنع فيها الاستثمار الاجنبي؟
* قلنا منذ البداية اننا مستعدون لسماع آراء المستثمرين الاجانب والاستفادة منها وكررنا القول ان الاجراءات التي نتخذها قابلة للمراجعة واعادة النظر اذا كشفت التجربة عن أي عيوب فيها والقائمة التي تتحدثين عنها ليست نهائية وهي تدرس طيلة الوقت ولا يوجد ما يحول دون اعادة النظرفيها وقد تضمنت لقاءاتنا برجال الاعمال الاوروبيين نقاشا مستفيضا لهذه النقطة وغيرها.
* هل قرار المملكة نهائي في عدم السماح للشركات الاجنبية في الدخول في صناعة استخراج البترول؟ وهل الاستثمار الاجنبي في البترول يقتصر على التكرير أم هناك تطورات أخرى؟
* قرار المجلس الاعلى للبترول والمعادن عدم فتح مجال الاستثمار الأجنبي في قطاع استكشاف وانتاج الزيت نابع من عدة اعتبارات أهمها أن أرامكو السعودية هي واحدة من أكبر شركات البترول في العالم وأعظمها خبرة وهي تملك القدرة الفنية على انتاج البترول وتسويقه ولا نرى من الضروري أن تنافسها في هذا الميدان شركات أخرى كما يوجد لدى المملكة طاقة انتاجية من البترول تفوق عشرة ملايين برميل يوميا وهي قادرة على زيادتها متى استدعت الضرورة أما الصناعات كصناعة التكرير والصناعات البتروكيماوية والصناعات الثانوية التي تعتمد على الغاز أو البترول فجميعها مفتوحة للاستثمار الأجنبي والهيئة العامة للاستثمار على استعداد لاستقبال كافة الاستفسارات والرد عليها.
* لقد أعلنت المملكة الشركات الفائزة في تطوير مشاريع الغاز. كم تتوقع سموكم أن تتلقى المملكة فيما يخص الاستثمار في المشاريع الاساسية الثلاثة التي أعلن عنها؟ وكم عدد الوظائف التي يمكن أن تحدثها هذه الاستثمارات؟
* في اطار سعي المملكة إلى استغلال ما حباها الله من موارد طاقة فقد دعيت كبرى الشركات العالمية للاستثمار في قطاع انتاج وتطوير الغاز الطبيعى وتوفيره لصناعات الكهرباء وتحلية المياه والصناعات البتروكيماوية والمشروعات الثلاثة التي جرى تحديد الشركات العالمية التي ستقوم بالاستثمار فيها تشمل مناطق واسعة في المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية من المملكة ويقدر حجم الاستثمارات في تلك المشاريع في السنوات القليلة القادمة إلى أكثر من عشرين بليون دولار قابلة للزيادة في السنوات اللاحقة إلى أكثر من ضعف ذلك وهذه ستؤدي في المستقبل القريب إلى توفير فرص عمل لآلاف المواطنين اضافة إلى ايجاد فرص تجارية واستثمارية للقطاع الخاص السعودي في أعمال وعقود الخدمات المرتبطة بتلك المشاريع مما سيعمل على زيادة معدلات نمو الاقتصاد السعودي وتنويعه ونقل وتوطين التقنية.
ان مشروعات الغاز المتكاملة تؤكد مرة أخرى الدور الريادي للمملكة في صناعة البترول والغاز ويؤكد تجاوب الشركات العالمية مع مبادرة الغاز على علاقة الشراكة الوطيدة التي تربط المملكة بصناعة الطاقة العالمية ويؤكد أيضا على ملاءمة مناخ الاستثمار في المملكة وقدرته على اجتذاب الاستثمارات المنتجة.
* ان الشركات التي سوف تستثمر في تطوير الغاز سوف تكون أيضا معنية بمشاريع توليد الكهرباء إذا تذكرنا أن أسعار الكهرباء تحظى بدعم من الدولة فهل ستقوم الحكومة السعودية بضمان الارباح للشركات الاجنبية؟
* عملت الحكومة على اعادة هيكلة قطاع الكهرباء واصدار تعرفة جديدة خفضت فيها الاعانة بنسبة كبيرة وأي مشروع لتوليد الكهرباء سوف تسبقه مفاوضات شاملة بين الحكومة والشركة المعنية بحيث توضح بشكل دقيق العناصرالاساسية للمشروع بما فيها تسعيرة الكهرباء.
* يبدو أن ايجاد فرص عمل جديدة يمثل أولوية من أولويات الحكومة السعودية ونحن نعتقد أن البطالة بين الشباب «أولئك الذين ما زالوا في العشرينات» تتراوح بين 15 في المائة و 20 في المائة. هل توافق على هذه الارقام؟ وهل تعتبر أن البطالة هي التحدي الاعظم الذي تواجهه المملكة اليوم؟ وما هي خطط الحكومة الاخرى لايجاد وظائف جديدة؟ وهل أنت راض عن تجاوب القطاع الخاص مع دعوة الحكومة لتوظيف المزيد من السعوديين؟
* نحن نعتقد أن الحق في العمل حق أساسي من حقوق المواطن السعودي وقد كنا في الماضي نعتمد على الدولة اعتمادا شبه كامل في تحقيق فرص العمل للمواطنين أما الآن بعد أن تضخم الجهاز الحكومي فالمجال الطبيعي للراغبين في العمل هو القطاع الخاص وفيما يتعلق بالارقام يصعب تحديد نسبة دقيقة ففي مجتمعنا السعودي المترابط كثيرا ما يتولى الاب القادر اعالة أبنائه حتى بعد بلوغ سن معينة أي أن البطالة الحقيقية لا توجد في حالات كهذه كما أن بعض الشباب يعزفون عن مجالات معينة رغم توفر فرص للعمل فيها ومع هذا لا أود أن أقلل من خطورة المشكلة وهي بالفعل تمثل أولوية كبرى من أولويات الدولة ونحن نعمل على التعامل معها في أكثر من مجال: تمكين القطاع الخاص على توفير فرص عمل جديدة عبر التخصيص وازالة القيود اضافة إلى ايجاد مجالات جديدة للاستثمار أمام رأس المال الوطني والعالمي كما أننا مهتمون على وجه الخصوص بالاستثمار في رأس المال المعرفي وايجاد جيل قادر على العمل تحت ظروف المنافسة العالمية والانفتاح الذي يسود العالم المعاصر.
* لقد كتبتم مؤخرا إلى اتحاد الغرف التجارية السعودية تقولون انكم غيرراضين عن سرعة عودة الاموال التي يحتفظ بها السعوديون خارج المملكة.. هل تعتقد أن جلب هذه الاموال مرة ثانية أمر ضروري للتنمية الاقتصادية في المملكة ؟وهل لدى الحكومة استراتيجية لاغراء هذه الاموال بالعودة؟
* نحن لا نستطيع أن نمنع أي مواطن من أن يتصرف بأمواله على النحو الذي يراه مناسبا ولكننا نستطيع أن نشجعه على الاستثمار في بلده وذلك بازالة أي عوائق تعترض هذا الاستثمار والاستراتيجية التي نتبعها هي مواصلة الاصلاحات الاقتصادية بحيث يقتنع المواطن أن الاستثمار في بلده أجدى وأكثر مردودا من أي استثمار في الخارج؟
* هل لدى سموكم أي نوايا للسماح لمجلس الشورى بمناقشة ميزانية الحكومة؟ وهل هناك نية لاعطاء مجلس الشورى المزيد من الصلاحيات؟
* مجلس الشورى الآن يناقش الخطة الخمسية التي تعتمد على أساسها الميزانيات السعودية كما يقوم بمتابعة دقيقة لاعمال الوزارات وأدائها ولعلكم لاحظتم أنه في التشكيل الجديد زيد عدد أعضاء المجلس وهذا بدون شك يعكس زيادة المسؤوليات والصلاحيات التي يمارسها المجلس وأود في هذه المناسبة أن أشيد بكل فخر واعتزاز بما قام به هذا المجلس من خدمة جليلة من خلال دراسته المتأنية لما يعرض عليه من تقارير واقتراحات ولما أظهره أعضاؤه من مهنية عالية في نقد وتقييم هذه التقارير والاقتراحات بحيث أسهم اسهاما حقيقيا وفاعلا في كل مجال من مجالات العمل الوطني والمسؤوليات الجديدة يحكمها سياق الممارسة وبروز الحاجة الناتج عن ما نلحظه من متغيرات في المجتمع والدولة.
* لكن أي مشروعية يمثلها المجلس ان كان أفراده تعينهم الدولة ودورهم لا يتعدى الاستشارة؟
* سؤال وجيه ولكن يجب أن نضعه في سياقه الصحيح فمشروعية أي قرار سياسي في أي دولة لا بد وأن ترتكز على واقعها المجتمعي مؤسساتها الاجتماعية وثوابتها الثقافية والقيمية. التعيين في سياق المملكة لا يخرج عن المشروعية بينما الذي يخرج عن المشروعية هو أن يكون التعيين للمجلس مبنيا على المحاباة والمجاملة واختيار من لا رأي لهم ولا اهتمام لديهم في الشأن العام ولا فكر لديهم يضيفون به جديدا، أعضاء مجلس الشورى ليسوا من هوءلاء، نحن وراء مشاركة حقيقية بحيث لا يتخذ القرار إلا وقد أسهم في صنعه أكثر من جهة وأثرته أكثر من وجهة نظر.
* هل يمكن لسموكم أن يصف التغير الحاصل في التوجهات الاقتصادية السعودية؟
* لعل من المفيد في البداية الاشارة إلى أن الاقتصاد السعودي ومنذ توحيد المملكة على يد المغفور له الملك عبدالعزيز قد أسس على مبادئ الاقتصاد الحر وقد حرصت الحكومة السعودية وفي مختلف الظروف والمراحل التي مر بها الاقتصاد على ترسيخ هذه المبادئ واتبعت أسلوبا للتنمية منسجما معها فكان من نتيجة ذلك أن نما اقتصادنا الوطني بمعدلات جيدة مكنته من أن يحتل مركزا مهما وقياديا في منطقة الشرق الاوسط، ان أي متأمل منصف لما يجري على الساحة الاقتصادية في المملكة العربية السعودية لا بد أن يلحظ التغير الكمي والنوعي في المناخ الاقتصادي فلقد بدأت وتيرة التغيرات الاقتصادية تتسارع في السنوات الاخيرة تجاوبا مع ما يجري على الساحة العالمية وتلبية لاحتياجات وطنية ملحة مثل توظيف المزيد من الشباب السعودي وادخال صناعات وتقنيات جديدة والرفع من مستوى وأداء الصناعات والخدمات في القطاعين العام والخاص وأخيرا وليس آخرا الاندفاع بكل ثقة وجدارة نحو تحديث بنية المجتمع السعودي لكي يواكب عصر المعلومات التقنية الحديثة بما لا يتعارض مع ثوابتنا وقيمنا الاسلامية.
* ما القرارات والاصلاحات الاقتصادية التي اتخذتموها أو تنوون اتخاذها لتحقيق الاهداف التي أشرتم اليها؟
* ان قيام المجلس الاقتصادي الاعلى والمجلس الاعلى للبترول والمعادن وجذب الاستثمارات العالمية في مجال الغاز وتحديث الانظمة والقوانين المؤثرة في مناخ الاستثمار واقرار نظام الاتصالات وانشاء هيئة مشرفة عليها ليست سوى خطوات في مسيرة تقييم وتكوين رؤية استراتيجية للاقتصاد السعودي، وبهذه المناسبة فإنه يسعدني أن أشير إلى أننا ننظر الآن في مجموعة من الدراسات والرؤى الاقتصادية التي سيكون لها بإذن الله أهم وأجدى مردود على رفاهية واستقرار الشعب السعودي بكل فئاته، ونحن أيضا ننظر في إمكانية اقامة عدد من المراكز المكرسة للدراسات الاقتصادية والبترولية وتحلية المياه وغيرها من المواضيع مما سينتج عنه بإذن الله تراكم مثمر في الخبرة الوطنية في هذه المجالات ومما يفتح آفاقا جديدة للاقتصاد السعودي وللانطلاقة التنموية الواعدة، ونحن عازمون على الاستمرار في اتخاذ كل ما من شأنه تهيئة البيئة الملائمة للاستثمار في المملكة وتعزيز دور القطاع الخاص وإعداد الاقتصاد للانضمام لمنظمة التجارة العالمية.
* أشرتم إلى مشروع رؤية استراتيجية للاقتصاد السعودي ما هي ملامح تلك الرؤية أو المشروع الاقتصادي؟
* إذا جاز لنا أن نقول ان هناك ملامح مشروع اقتصادي أو رؤية اقتصادية سعودية فإنها تقوم على الاسس التالية: استثمار طاقات وقدرات شبابنا الذين هم بعد الله الثروة الحقيقة لهذا الوطن، تنويع مصادر الدخل لكي لا يظل الاقتصاد السعودي عرضة لتقلبات السوق البترولية، استغلال المزايا النسبية للاقتصاد الوطني، تطوير مناخ الاستثمار واتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص للعمل في مختلف المجالات، تكوين خبرات سعودية في مختلف مجالات النشاط الاقتصادي والعالمي، التعامل بفعالية مع العولمة الاقتصادية وافرازاتها.
* أنتم تعيشون وسط منطقة تعج بالمتغيرات الدولية والاقليمية والمحلية.. كيف يجد الأمير عبدالله نفسه وسط الظروف الصعبة والدقيقة؟
* الحقيقة أن التغير السريع الايقاع هو سمة هذا العصر ليس في منطقتنا وحدها لكن في العالم بأسره، الا أن طبيعة وخصوصية العلاقة التي تربط شعبنا بقيادته وما تقوم عليه هذه العلاقة من شرعية متجذرة في النفوس وفي الممارسة اليومية هو ما نعول عليه بعد الله وسط هذا الموج المتلاطم من المتغيرات، أنا أود بهذه المناسبة أن أتطرق إلى أمر غاية في الاهمية ربما غاب عن بال المراقب الأجنبي وربما لا يدرك أبعاده حتى الاخ والجار، ان القارئ المتفحص لتاريخ المملكة يدرك ولا شك أن الوحدة التي تحققت لهذا الوطن لم تأت عن طريق الصدفة ولا هي نتاج تخطيط جماعة أو مجموعة غريبة عن دين هذا الوطن وقيمه وتقاليده، لقد كافحت الدولة السعودية لثلاثة قرون لتضع لبنة أهم وأقوى وحدة عربية وهذا انجاز تاريخي غير مسبوق على حد ما أعلم، فما استطاع الملك عبدالعزيز توحيده من حيث الرقعة الجغرافية وصعوبة التضاريس وقسوة الظروف المعيشية لا يمكن مقارنته بأي عمل وحدوي آخر، ولم تأت هذه الوحدة كما قلت عن طريق الصدفة لكنها جاءت استجابة لاهم وأغلى ما يملكه الانسان وهو معتقده وعرضه ووطنه وأمنه، نحن اذن ورثة شرعية راسخة البنيان وتاريخ طويل من النضال الصعب الذي شاركت فيها كل فئات هذا الشعب الكريم.
ما أردت أن أقوله أننا لا نتحرك في فراغ، فحركتنا كما ترين تحكمها ثوابت لا نستطيع أن نحيد عنها ثم انني استنير بكل عمل أقوم به بتوجيهات أخي خادم الحرمين الشريفين مستفيدا من خبرته الطويلة ومكانته المتميزة على كل الاصعدة، وفوق هذا كله فان المكانة الخاصة للمملكة في قلوب العرب والمسلمين وما يعلمه القاصي والداني من سعينا الحثيث لارساء دعائم الامن والاستقرار والرخاء في منطقتنا وفي العالم أجمع، كل هذا يمنحنا العزيمة والتصميم على بذل المزيد ويساعدنا على التغلب على صعوبات هذا العصر ومتغيراته. يذكرني سؤالك بمناسبة حضرتها في جنوب المملكة، وكان عشرات الالوف من الموطنين يؤدون رقصة العرضة مدججين بكامل أسلحتهم كما تقتضي تقاليد الفروسية، وقد شاركت كما هي عادتنا هؤلاء الفرسان رقصتهم وفرحتهم، عند نهاية الحفل سألني أحد السفراء الغربيين كيف سمحت لنفسي أن أدخل وسط هؤلاء الرجال بدون أي حراسة، فقلت له ان ما يربطني بهؤلاء المواطنين يزيل عني كل شعور بالتوجس أو الرهبة ثم انني أؤمن ايمانا عميقا بأن أيا منا لن يمضي لآخرته قبل حلول أجله وهذا يلخص ماضي وحاضر ومستقبل هذا الوطن وما يمثله من قيم اسلامية راسخة ويجسد العلاقة الخاصة بين الشعب والعائلة المالكة.
أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved