أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 26th June,2001 العدد:10498الطبعةالاولـي الثلاثاء 5 ,ربيع الثاني 1422

الاقتصادية

اقتصاديات السجون
د، أحمد بن صالح العثيم
النظرة الاقتصادية البحتة للسجون هي أن السجن عبارة عن منشأة يقيمها المجتمع بهدف وضع منفعة المجرم من جريمته عند حدها الأدنى مما يقلل حافزه لارتكاب المزيد من الجرائم بعد خروجه من السجن، ويقلل أيضاً حافز غيره لارتكاب الجرائم، وتقاس منفعة المجتمع من السجن بمدى تحقيقه هذا الهدف بعدد الجرائم التي كان يمكن أن ترتكب إذا لم تكن هنالك سجون وخسائرها المالية سواء كانت خسائر مباشرة كسرقة الممتلكات أو غير مباشرة كقتل الأرواح التي يمكن تقدير قيمتها المالية بالدخل الذي كان يمكن أن يتحصل عليه المجتمع إذا لم يقتل من قتل جرماً أو إذا لم يجرح جرحاً يمنعه من العمل،
وتقاس تكلفة المجتمع بتكاليف بناء السجون وفرشها وتأثيثها والتي تعتبر تكاليف رأسمالية ثابتة، بالإضافة إلى تكاليف تشغيلها وهي تكاليف متغيرة أو متكررة تعتمد على عدد السجناء، فكلما ازداد عدد السجناء ازدادت تكاليف السجون التشغيلية، وإذا اكتظت السجون بالسجناء لدرجة فاقت طاقتها الاستيعابية يضطر المجتمع لبناء المزيد منها مما يزيد تكاليفها الثابتة والمتغيرة في آن واحد، والعكس أيضاً صحيح،
وهذا يعني أنه على المجتمع أن يضع عدد السجناء عند حده الأدنى وذلك بالتربية السليمة وتقوية الوازع الديني وتدبير الشئون الاقتصادية بحيث لا يصبح العامل الاقتصادي هو الدافع لارتكاب الجريمة، ومن ذلك تقليص البطالة للحد الأدنى أن لم يكن التوظيف الكامل ممكناً، ومكافحة الفقر بتحسين توزيع الدخل والحرص على خفض التضخم المالي لكي لا ترتفع الأسعار لدرجة تزيد مستوى الفقر في المجتمع، أي بمعنى آخر تقليص الأسباب الاقتصادية للجريمة ووضعها عند حدها الأدنى،
وبما أن من وسائل عقاب المجرمين هو إعاشتهم بالحد الأدنى من مستوى المعيشة، ففي ذلك أيضاً تخفيض لتكلفة السجون التشغيلية، إلا أنه نتيجة لدعوات مصلحي السجون لكي تصبح مؤسسة إصلاحية أكثر من كونها مؤسسة عقابية فقد تغيرّ الهدف الاقتصادي من السجون من تدنية تكلفة المجتمع إلى تعظيم منفعته منها، وذلك لأن إصلاح السجين بدلاً من مجرد عقابه سيحمي المجتمع من تردد السجناء الأمر الذي يضاعف تكلفة السجون ويقلل كفاءتها،
غير أن هدف تعظيم المنفعة )إصلاح السجين( قد زاد من تكاليفها كثيراً لأنها أضافت لحراسها وإدارتها الاخصائيين الاجتماعيين والنفسانيين والمرشدين الدينيين والمعلمين والمدربين، وقد وصل الأمر ببعض الدول أن أوكلت السجون للقطاع الخاص فيما يعرف بخصخصة السجون وذلك سعياً وراء تخفيض الإنفاق الحكومي وزيادة كفاءة السجن،
غير أن هنالك الكثير من الاعتراضات على ذلك لأن القطاع الخاص يهتم بتعظيم أرباحه أكثر مما يهتم بتعظيم منفعة المجتمع أو تدنية تكاليفه، فقد يقلص تكلفة السجين الواحد للحد الذي يجعل السجناء أكثر سخطاً على المجتمع مما يزيد من احتمال ارتكابهم الجرائم بعد خروجهم منه وتزداد نسبة ترددهم على السجن مما يفيد المستثمر ويضر بالمجتمع، ولذلك تتعامل كثير من الدول مع فكرة تخصيص السجون بحذر شديد وترفضها دول أخرى جملة وتفصيلاً،
وخلاصة لما سبق يمكن القول بأن تحليل منفعة وتكلفة السجون أمر يحتاج للعديد من الدراسات المتعمقة التي يشترك فيها فريق من الباحثين متعددي التخصص يشمل الاقتصاديين والاجتماعيين والنفسانيين لضمان دقة تحديد التكاليف والمنافع، الأمر الذي يعجز عن القيام به فريق ذو تخصص واحد بالرغم من أن القضية تبدو اقتصادية بحتة،
* ماجستير مكافحة جريمة

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved