أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 26th June,2001 العدد:10498الطبعةالاولـي الثلاثاء 5 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

شدو
تكالب التكالب!
د. فارس محمد الغزي
لحياة الاجتماعية غابة او شبكة أخطبوطية متداخلة الخيوط والمعالم، المحسوس منها وغير المحسوس، ولهذا فالعوامل المؤثرة في هذا المجتمع تصبح عرضة للتأثر بقدر ما تحدثه من تأثير، الى درجة ان الفاعل المؤثر منها قد يصبح هو ذاته المفعول به المؤثر فيه. فالحياة الاجتماعية - رغم ما يبدو على محياها من بساطة - تتسم بتعقد وتشابك وتداخل واختلاط معالم وأبعاد مالها من علاقات وبناءات وأنساق ونظم وطرائق فكر وأنماط سلوك، فنحن مثلا نعتقد بان السرعة هي السبب الرئيس للحوادث، غير اننا نعلم بان السرعة لم تتبلور وتتخلق من فراغ..ففي الوقت الذي تلعب فيه السرعة دور السبب الرئيس تأثيرا في الحوادث، فهي النتيجة المتأثرة هي الاخرى بعوامل أخرى وأخرى وأخرى..وعلى ذلك فعليك بالقياس «خوضا» في غبب بحر هائج مائج لا يركب امواجه - او هذا هو المفترض - الا من بحوزته مجاديف الاختصاص العلمي ومهارات الإبحار المنهجية اللازمة لركوب بحر الوجود الهادر، او ما نوسمه ب«الحياة الاجتماعية».
وفي ظل ما هنالك من حقائق أزلية تتمثل في تشابك الحدود واختلاط معالم المؤثر بالمتأثر وتبادلية الادوار بين الحابل الفاعل والنابل المفعول به..بل وفي ظل ما استجد لدينا من ظواهر اجتماعية سلبية، فلا يبدو ان في الافق اي اهتمام من شأنه تقنين ظاهرة «تكالب المتكالبين» المدعين وصلا بحلول المشاكل الاجتماعية، فثمة خطورة وأي خطورة في تنامي اعداد مدعي حيازة الحلول السحرية هذه في كافة الاجهزة الاعلامية ومطبوعاتها، في حين ان هذه الحلول لا تتعدى كونها مجرد آراء شخصية ينقصها المنهج العلمي وتعوزها التجارب المعملية وأساليبها المؤسسة والمخبورة علميا، فلا غرو انهم في البلدان المتقدمة لا يترددون عن تحريم انخراط كل من هب ودب في هذا المجال مالم يجتز العديد من الدورات التدريبية.
ماهو شعورك فيما لو - لا قدر الله - اضطررت الى الذهاب الى المستشفى لاجراء عملية جراحية «بسيطة!» فاكتشفت انه سوف يشترك في اجرائها لك خمسون فردا بين متخصص في الطب والاجتماع والجغرافيا والبيطرة والفنون التشكيلية واللغة العربية..بل والطب الشعبي كذلك..فما هو شعورك يا ترى..؟ هل ستقبل بإجراء العملية..أم أنك ستحس بأن علاجك هذا سوف يكون العلاج الاخير لك، وسيتراءى لك جسدك مقطعا اربا اربا..ومن ثم ستقرر الهرب وحسنا فعلت حين اطلقت ساقيك للريح، فمرقت مروق السهم هاربا من المسلخ..اقصد المستشفى..هنا هلا طبقت مشاعرك هذه على المجتمع حين يحدث له ما حدث لك..حين تفوق اعداد مدعي القدرة على علاجه عدد مافيه من الامراض الاجتماعية..ان للمجتمع جسداً كجسد الانسان يمرض مثلما يمرض ويموت مثلما يموت فالامراض الاجتماعية لها مختصوها، تماما كما ان للامراض الجسدية المثل طبيا..بالمناسبة، ثمة فارق بين ظروفك وظروف المجتمع..فهذا المجتمع لا يملك مثلك ترف الساقين ليهرب هروبك نفاذا بجلدك من مقصلة التشريح الخيالية المذكورة آنفا.
حل المشكلة بمشكلة..مشكلة..!
للتواصل: ص.ب454 رمز 11351 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved