إنها أبيات تذرف دموع قارئها وهي تصور الحب الحقيقي لقلب الأم الكبير وعبرة لمن غفل عن البر بوالديه أو أهمل جزءاً من حقوقهما. فإذا تابعنا مراحل حياة الأم بعد حملها الأول من الحرص ثم بعد خروج هذا الطفل للحياة الدنيا ومراحل نموه المختلفة والأم في قلق دائم في صحته وسقمه وأكله ونومه، ثم يزداد ذلك القلق عندما يكبر هذا الطفل مرحلة المراهقة والشباب فإن خرج من المنزل لايهنأ لها بال حتى يعود وإن تأخر فكأنما فقدت شيئا ما وهناك كثير من الأبناء لايبالي بشعور والدته وعندما تطلب منه والدته خدمة صغيرة فإنه يخرج متجاهلا طلبها ووالدته تسبق خروجه بالدعاء له بالتوفيق والحفظ من الله، وكبير السن في المنزل يعني الدفء والحنان ويجب أن يتنازل البعض عن كبريائه. كان لأحد السلف الصالح والدة يقوم بخدمتها قد تجاوزت المائة عام وحزن كثيراً لفقدانها فأخذ صديقه يواسيه ويذكره بأن الموت حق فرد عليه بأنني لم أحزن لوفاة والدتي ولكنني أحزن لأني فقدت طريقا إلى الجنة. ويجب أن نحزن ونعبر عن أشد احتجاجنا لمن يسيء إلى أحد والديه.
موقف لا أنساه:
منذ أكثر من عشر سنوات أتذكر ذلك الموقف المتمثل في امرأة ترقد على السرير الأبيض وحولها أبناؤها وكان الحديث يدور أمامها عن حاجتها لمن يتبرع لها بالدم فما كان من أحدهم إلا أن استأذن لكي يتبرع لها بالدم فحاولت القيام وهي لا تستطيع ذلك وأمسكت بيده وأقسمت ثلاثاً ألا يتبرع خوفا عليه وعلى صحته وبعد خمسة أيام من هذا الموقف انتقلت إلى رحمة الله.. رحمها الله رحمة واسعة وأموات المسلمين. إنها دعوة ونصيحة أقدمها للقراء الكرام بالحرص على مراعاة شعور الوالدين وتلبية احتياجاتهم وزيارتهم والسؤال عنهم قبل فقدان أحدها أو كلاهما وستندم عن تقصيرك ونصيحة خاصة للزوجات الكريمات كوني عوناً لزوجك للبر بوالديه فكم سمعنا بعقوق سببه الزوجة، فقد قال عليه الصلاة والسلام )بروا آباءكم تبركم أبناؤكم(.