| القرية الالكترونية
تعاني الإدارات الحكومية المختلفة والمتخصصة في مجال تقنية المعلومات Information Technology كأقسام و إدارات الحاسب الآلي و المعلومات والإحصاءات وغيرها من الإدارات الحكومية المشابهة مشكلة تسرب موظفيها إلى القطاع الخاص.
والقصة تبدأ من لحظة تخرج الطالب وحصوله على شهادة البكالوريوس أو الدبلوم في هذه التخصصات المتعلقة بالمعلوماتية.
ثم خلال البحث عن عمل يجد الطالب أن أغلب هذه الشركات ترفض هؤلاء الطلاب حديثي التخرج لعدم وجود الخبرة الكافية.
وبعد عناء البحث عن عمل يجد أغلب هؤلاء الطلاب الباب مفتوحا في القطاعات الحكومية بمختلف أشكالها كالوزارات ومعامل الجامعات والكليات والمدارس وغيرها من القطاعات العامة الأخرى.
ولكن حسب النظام فإن هؤلاء الموظفين يعاملون حسب سلم الرواتب الذي علاوة على كونه منخفضا فانه لم يتحسن منذ القدم مقارنة بما يأخذه المتخصصون المماثلون في الشركات.
وبعد مضي سنتين أو ثلاث يكون الموظف قد تعلم وتدرب في داخل هذه الإدارات الحكومية على ممارسة العمل، ويكون قد أتقن الكثير من المهارات والفنون في هذه المجالات و لذلك يكون هذا الموظف خلال هذه السنوات الأولى مستهلكا أكثر منه منتجا. وبعد إتقان المهارات المهمة في تقنية المعلومات يبدأ البعض منهم في ملاحظة الفرق بين مرتباتهم ومرتبات أقرانهم في الشركات ثم يبدأ البعض منهم بالبحث عن فرص وظيفية أفضل بهذه الشركات.
ومن جهة أخرى فان بعض موظفي الشركات ومن خلال احتكاكهم بهؤلاء الموظفين المشتغلين في القطاعات الحكومية المختلفة يستقطبون الموظفين الذين يجدون فيهم المهارة العالية والخبرة الكافية في مجال ما، ويكون هذا الاستقطاب للعمل في هذه الشركات التي ينتمون لها برواتب عالية تصل إلى ضعف أو ثلاثة أضعاف ما يأخذه هؤلاء الموظفون في الدوائر الحكومية. وهكذا فبعد مضي ما يقرب من ثلاث سنوات أو أكثر في إعداد هذا الموظف وتدريبه وتعليمه ينتقل مؤهلا ومدربا وخبيرا إلى تلك الشركات التي لم تصرف ريالا واحدا على تدريبه، ولا يلام الموظفون عند انتقالهم إلى الشركات لأن في ذلك زيادة في رفاهية ودخول هؤلاء الموظفين وهذا من حقهم، بل اللوم هو على متخذي القراربشأن تنظيم عملية توظيف و سلم رواتب و علاوات المشتغلين بهذه التخصصات المطلوبة في الدوائر الحكومية.إن المشكلة هي أن الإدارات الحكومية بما تتميز به من أنظمة جامدة ومرتبات منخفضة خاصة في مجالات تقنية المعلومات أصبحت سلما يصعد منها الموظفون إلى الشركات و أصبحت مراكز لتدريب وتعليم حديثي التخرج في مجالات تقنية المعلومات.
ولا أدري هل هذه المشكلة ترقى إلى مستوى الظاهرة أم أنها تخص بعض الجهات الحكومية دون غيرها، وعلى المستوى البعيد هذه المشكلة قد تؤدي إلى تخلف وتجميد برامج هذه القطاعات الحكومية التقنية وتؤدي إلى اعتماد هذه الإدارات الحكومية على الشركات في مجمل العمليات المتعلقة بالمعلوماتية كأتمتة العمليات الإدارية و عملية الإحصائيات والبيانات الكمية و تحليلها و عملية الانتقال إلى الحكومة الإلكترونية وإنشاء و تطوير الصفحات الإلكترونية الخاصة بهذه الإدارات و إدارة قواعد البيانات وغيرها، والاعتماد على الشركات الخاصة وعلى الخبرة الخارجية في هذا الشأن يؤدي إلى ارتفاع في تكاليف إدارة هذه العمليات واستمرارها على الدوام، بالإضافة إلى ذلك فان معلومات هذه الإدارات و أسرار معاملاتها تكون بأيدي الغير من هذه الشركات.
من الاقتراحات التي قد تتبادر إلى الذهن هي زيادة رواتب المشتغلين في قطاع تقنية المعلومات أو في أقسام المعلومات والحاسب الآلي والإحصاءات وغيرها.
ومن الاقتراحات أيضا هي تكليف الشركات بتدريب و تأهيل عدد معين من الباحثين عن عمل من المتخرجين من الجامعات والمعاهد والكليات حتى لا تقوم الجهات الحكومية بصرف المبالغ الطائلة عليهم، كذلك يمكن تقليل الفارق الكبير بين رواتب الموظفين في هذين القطاعين بقيام جهة ثالثة بتحمل الفرق وتقليله لتجعل عملية التحويل من القطاع العام إلى الخاص في هذه التخصصات هي عملية شبه متساوية، وأنا على يقين بأنه يوجد حل أفضل وخاصة إذا ما درست المشكلة إن كانت كذلك من قبل متخذي القرار و المختصين، و الله أعلم.
والى اللقاء في الأسبوع القادم إن شاء الله.
|
|
|
|
|