|
| محليــات
الذي يعرف الأميرة البندري بنت عبدالعزيز بكلِّ ما منحها الله تعالى من سموٍ، ليس فقط في الملك بل في الخُلق، والتواضع، والوعي، والحكمة، والسَّجية الأدبية، واللِّسان القويم، والخاطرة الحاضرة، والبديهة النَّابهة...، يُدرك أنَّ صبرها على الفقد المتكرر في حياتها هو تاج نعم الله التي سمت بها... والذي توَّجها به الله بحمده...، وبه رقَت نوْف الثُّريا بالإيمان يعمِّر قلبها، واليقين يستقرُّ في صدرها فاللهم أتمَّهما عليها...
فالأميرة صاحبة السمو الملكي البندري بنت عبدالعزيز من قلائل النساء ممن أبتلين بفقد فلذات الكبد إذ فقدت من الأبناء والبنات والأحفاد ما ينوء به صدر الإنسان، وتعجز عنه ركائبه... وهي صامدةٌ بفضل الله... راضيةً بقضائه... مكلومةً في صمت المؤمن، محتسبةً في أدب المرء مع ربه... متطلعةً إلى لقاء دومي لا ينتهي بهم هناك في جنات الفردوس حيث تضيء لها الدروب بإذن ربها... وحيث تفتح لها أبواب بيوت الحمد.. بعد عمر مديد إن شاء الله.. فالله منجز وعده... فللصابر على فقد الولد بيت الحمد...، فكيف بالصابرة على فقد أكثر من فلذة... ففجيعتها، هذه الغالية ليست في واحد، وليست في طفل لم يأخذ من الحياة إلا اسمها، ولا يبقى له منها إلاَّ الذكرى...
بل فجائعها في شباب يملؤون الحياة ضجيجاً، والدنيا أفعالاً شعراً، ونثراً، وعطاءً، وعلماً، لهم في مجالاتهم بصمات، وفي حياتهم أصدقاء،ولهم من الآثار ما يجعلهم لا يغادرون الذاكرة، ولا تنساهم أشياؤهم، ولا ذكراهم... ربَّتهم فأحسنت تربيتهم، وعلَّمتهم فجعلتهم ممَّن يمنحون علمهم في أعمالهم... كان آخرهم الزميلة العزيزة الأميرة جهير، زميلة الدراسة تلك التي لا تغادر ذاكرتي طرائفها ولا دعاباتها، ولا شخصيتها الجميلة... بصمتها المعهود، وتفكيرها العميق في هدوء... تلك التي كانت تجتهد في صمت كي ترقى إلى أقصى مدى في العطاء الخيري في المستشفيات والجمعيات وتواصل دراستها بعد الماجستير...
جهير بنت بندر... فجيعة أخرى لا تجعلني أنسى من ذهب قبلها...، وتنهض بها جروح الغالية الأميرة البندري حتى أنني أعجز عن مواجهة هذا الموقف أمامها...
غير أنَّها تعطي كلَّ من يعرفها درساً في احتساب المؤمنات، وفي صدق الصابرات، وصبر الصادقات، تُذكِّرني بنماذج العربيات المجاهدات وهنَّ يقدمنَّ أبناءهن في المعارك... وها هي تقدمهم في معركة الحياة بعدأن سلَّحتهم بما فيها من الخير، والطيبة، والعفة، والخُلق، والإيمان...
اللَّهم لها الثَّبات في اجتياح رياح الألم تقضُّ لحظاتها الهادئة...
اللَّهم لها الثَّبات وهوْج الفقد يعصف بها ويُفزع أمومتها...
اللَّهم انزل عليها قوة تعادل إيمانها وصبرها، وصبراً يعادل احتسابها...،
اللَّهم انزل عليها رحمتك تُبرد في صدرها نار الفجيعة، وتطفئ فيه وقدة الحزن،
اللَّهم بلطفك صُنْها من رسيس الألم، وامح عنها غبار البلية، واكبح جريان الدمع، وابدل آلامها سعادة الأجر، وأحزانها سكينة الاطمئنان، واخلف لها ضعف أضعاف الثَّواب، والرحمة، والرضاء...
فعلامات حبك تعالى لها قد استقبلتْها بصمت، وصبر، واحتساب...
وأنت الذي وعدْتًَّ وإنَّك منجز ما وعدت... فاخلف لها الخير كلَّه المعقود برحمتك يارب... وارحم أمواتها وأمواتنا... واجعلهم لها عملاً صالحاً تُقرُّ بهم عينها في الفردوس...
واجعل مثواهم الجنة، وفردوسها...
واجعل الغالية جهير في كنف رحمتك ورضاك... تستقبلها الملائكة كما تحبُّ وترضى...
واجعل شبابها منعَّماً في جنات الخلد... وابدل لها عندك حياة نعيم لايَبلى...
اللَّهم واجبر كسر المألومين بفقدها...
اللَّهم وكما هذا الدعاء اجعل لسمو الأمير بندر بن محمد والدها ووالدهم المفجوع بفقدهم المكلوم لفراقهم... اللَّهم اجعل صبرهما في ميزان أعمالهما... واخلف لهما رضاك يا أرحم الراحمين...
اللَّهم...واجبر إخوتها وأهلها والغالية فهدة وأخواتها...
وارحمنا إذا بلغنا مثواهم...
فتهيضُ علينا بأجنحة رحمتك يا أرحم الراحمين
وإنَّا للِّه وإنِّا إليه راجعون...
اللَّهم هذا قضاؤك فينا فاجعلنا من المحتسبين الراضين...، وعوِّض احتسابنا ورضانا مرضاتك والنعيم...
اللَّهم واغلق أبواب الحزن دون أن تُفتح...، وصٌدَّ ريح الفقد عن أن تصل بآلامها إلى قلب الغالية صاحبة السمو الملكي الأميرة البندري بنت عبدالعزيز وكلّ من تحب آمين يارب العالمين.
|
|
|
|
|
