|
| عزيزتـي الجزيرة
هذا العنوان كان توطئة لما كتبته الأخت الفاضلة رشا العبدالتواب. في عدد الجزيرة )10441( على بساط هذه الصفحة الرائدة والمتجددة بعطاء قرائها. ولو عدنا قليلا لما سطرته أنامل اختنا الكريمة لوجدنا مشاركتها هذه قد لاح لنا استشراف مضمونها ومحتواها من خلال عنوانها اذ ان ما ذكرته من حيثيات مسؤولة عن هذه القضية لا شك ان الكثير منا يعرفها ويدرك تأثيرها ودوافعها، حيث حددت الاخت رشا وبصراحة متناهية هذه الحيثيات وحصرتها في نطاق الأمور التالية:
الأمر الاول: التعليم.
الامر الثاني: البحث عن الزوج ذي المواصفات الخيالية.
الأمر الثالث: عدم قابلية الزواج على زوجة أخرى.
الامر الرابع: غلاء المهور.
اما ما ذكرته عدا هذه الاسباب فهي امور ثانوية تخضع لعوامل اخرى.. اذاً فلنعرج على تلك الأسباب أو الامور السابق ذكرها بشيء من الايجاز.
أولا: التعليم: مما لاشك فيه ان التعليم بالنسبة للشاب او الفتاة يكون في غالب الاحوال عائقا مؤقتا دون المبادرة بالزواج.. فالشاب او الفتاة ينظر للزواج على انه مسؤولية جسيمة تحول دون التحصيل او التفوق العلمي وهذا بالتأكيد يضع امام الطرفين حاجزا نفسيا يصعب اجتيازه. ولكن لو نظرنا للواقع لوجدنا الزواج اثناء فترة التعليم يكون في الغالب دافعا اكبر للتحصيل والتفوق؛ كون الزوج او الزوجة في مثل هذه الحالة يكون اكثر استقراراً ويجد في الزواج إشباعا لحاجاته العاطفية والغرائزية مما يوطد عوامل صفاء الذهن واستقرار النفس وهناك نماذج بشواهدها لمثل هذه الحالات، والخلاصة في ذلك ان طلب العلم والتفرغ له لا يحد منه الزواج إذا لم يكن الزواج دافعا قويا لاستمرار التحصيل والتفوق.
ثانيا: البحث عن زوج بمواصفات خيالية وهذا الامر أو السبب لا يمكننا تجاهله، بل ان ذلك اصبح احد مظاهر الترف والبهرجة فكما تبحث بعض الاسر عن المظاهر في قيمة المهور وصالات الافراح فهي ايضا تبحث عن الزوج الكامل من )مجاميعه( والكمال لله وحده علما بأن التوجيه النبوي حث على مراعاة الدين والخلق كأهم المتطلبات التي يجب الحرص عليها عندما ينظر لمقومات من يتقدم لخطبة المرأة مصداقا لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم )إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه... الحديث( أو كما قال صلى الله عليه وسلم. وليس هناك أية طريقة او صفات مقنعة بقبول الخاطب أفضل مما ذكر وهل هناك افضل من الدين والخلق بضم الخاء .
ثالثا: من أسباب العنوسة عدم رغبة الفتاة بالزواج من زوج لديه امرأة أخرى. وهذا الامر احدى نتائج غرائز المرأة التي ترغب دوما بأن يكون الزوج ملكا لها وحدها فقط علماً بأننا نجد الكثير ممن يتزوجن على زوجة او زوجات اخريات نجدهن في قمة السعادة والاستقرار ولتعلم كل فتاة بأن التعدد قد أباحه الاسلام، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم.. يفعله ويحث عليه ولتعلم اخواتي الفتيات ايضا بأن الاسلام لم يشرع شيئا إلا وفيه فائدة كبيرة للمسلم او المسلمة. ولا أحسب ان زوجا سيقدم على خطوة التعدد دون ان يكون لديه من المقومات ما يخول ذلك ويشرعه وهذا يكون فيه اطمئنان للفتاة بأنه سوف تتحقق لها السعادة بإذن الله من جراء هذا الزواج.
رابعا: )قضية القضايا( والعقبة الكؤود في قضية العنوسة هي )غلاء المهور(.
والتغالي في المهور وما يتبعه من نفقات اتمام مراسم الزواج إذا أردنا تفسير هذا الأمر او السبب نجده صفة لمن جهلوا للاسف تعاليم الاسلام وغلب عليهم الجشع والطمع وخرجوا بالمرأة عن اطارها الطبيعي لتصبح بنظرهم مجرد سلعة يساومون عليها دون مراعاة الجوانب الشرعية التي اقتضت الزواج كمشروع عظيم تفوق أهميته اي مطامع أخرى وليت هؤلاء يعلمون بأنهم بذلك يجنون على بناتهم وليتهم أيضا يستوعبون ما أرشد اليه هادي هذه الأمة ودليلها الى الحق عندما قال صلى الله عليه وسلم: )يمن المرأة خفة مهرها، ويسر نكاحها وحسن خلقها، وشؤمها غلاء مهرها وعسر نكاحها وسوء خلقها( أو كما قال عليه الصلاة والسلام. وأخيرا وليس آخرا نصل في المحصلة النهائية لكل ما سبق أنه لم تكن هناك أسباب لا بد لنا فيها او غصبا عن ارادتنا ساهمت في استشراء قضية العنوسة وبروزها للواقع، بل ان كل الاسباب والعقبات نحن الذين وضعناها وكرسنا وجودها وبيدنا القدرة بمشيئة الله على وضع حد لها من خلال تفهمنا لكل ما سبق ذكره حتى لا تصل هذه القضية الى اسوأ مما حصل.
والله الموفق
محمد بن سند الفهيدي - بريدة
|
|
|
|
|
