| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة:
تحية عطرة... وبعد:
فقد قرأت في العدد 10485 يوم الاربعاء الحادي والعشرين من ربيع الاول للعام الحالي مقالا نقديا لأخي الفاضل نزار رفيق بشير حول قصيدة سعود بن سليمان اليوسف )شوق الكرام( وقد اعجبني نقده إلا أنني أحببت ان ابدي رأيي على نقده راجيا ان يتقبله.
يقول اخي نزار: )شوق الكرام( عنوان غريب فنحن نعرف مثلا )مرور الكرام(.. واقول: هل المراد من الشاعر ايا كان الا ان يأتي بالغريب؟
ثم ان )مرور الكرام( لغير المثقل على الناس تعبير اصبح لطول العهد به من المصكوكات اللغوية التي اشار لبعضها د. أنس داوود في كتابه النقدي )حوار مع الابداع الشعري المعاصر( ص 47 50 واستشهد بها ابن عقيل الظاهري في )جدلية العقل الأدبي(.
ويقول اخي الفاضل: الشوق لا يكلف مالاً فهو موجود لدى الكرام ولدى البخلاء اللئام. لم أحبذ يا أخي الناقد ان تكون ماديا فقد أبعدت النجعة؛ اذ ظننت الكرم بذل المال، ذكر صاحب اللسان من معاني الكرم: الكريم هو الجامع لكل انواع الخير والشرف والفضائل والكريم اسم جامع لكل ما يحمد والكرم نقيض اللؤم . ارجو ان تكون فهمت المقصود بها من شهامة وارتفاع عن الريب ونحوهما.
ومما لحظته على أخي نزار التناقض فهو يقول: اذا كنت وحيداً فلا بأس من اذلال الدمع.. ثم يقلب لنفسه ظهر المجن ويقول: تبكي الرجولة بالرفع تبكي الرجولة من الغرام وهذا لا يليق !! تماما )كالتي نقضت غزلها من بعد قوة(.
كما قال أخي العزيز نزار عن البيت فإذا رأيت لجين دمعي جارياً لا تعجبي فالدمع شوق كرام: واذا كان جواب الشرط جملة طلبية فيجب اقتران جواب الشرط بالفاء.. ولو أنه كلف نفسه الرجوع الى كتاب أوضح المسالك مثلا لقرأ أنها تحذف ضرورة كقول عبد الرحمن بن حسان بن ثابت وقيل كعب بن مالك:
من يفعل الحسنات اللهُ يشكرها
والشر بالشر عند الله مثلان |
وقد اعجبني أخي نزار بكثرة استشهاداته بالشعر وان كان بعضها في نظري في غير موضعه إلا أنه ساءني عندما قال: آثار الحب غامضة. فلِمَ لم يستشهد بقول ديك الجن عن بعض آثار الحب:
قُولي لطيفكِ ينثني
عن مضجعي وقت المنام
فعسى أنام وتنطفي
نارٌ تأجّج في العظام
جسمٌ تقلبه الأكفُّ
على فراش من سقام |
أو المتنبي:
روحٌ تردد في مثل الخلال إذا
أطارت الريح عنه الثوب لم يبِنِ؟ |
وعن قول الشاعر في اي شرع قد ابحت الحزن لي. قال أخي نزار: أما الشرع فلا تذكره هنا. وأقول لأخي: ما دمت نصبت نفسك لغويا فهلا كلفت نفسك مشقة البحث في معنى الشرع فهو: ما سن للناس طريقا ومذهباً. وعن سؤالك البارد: من قال لك أن تسهر؟. أجيبك: هل قرأت القصيدة/ واذا كنت قرأتها فهل فهمتها؟ وعن لغتك يا أخي نزار كقولك: «أنت اللي جبته لنفسك» فقد والله عييتُ وأعييتُ المعجمات العربية بحثا عن )اللي، وش، إلين( حتى اتهمت مؤلفيها بخيانة اللغة العربية استغفر الله العظيم .
وكيف يا أخي الفاضل تقول عن الطيف الغائب: الوحدة خير من جليس السوء؟ ألم تقرأ لمجنون ليلي:
وإني لأستغشي وما بي نعسةٌ
لعلّ خيالاً منك يلقى خياليا؟ |
وقولك: اذا وعدتك فلن تفي اذا كانت أصيلة. أقول: إنها بمجرد ما تعده فليست أصيلة مع الاعتذار للشاعر .
والبيت القائل في القصيدة نفسها:
لا تهجريني، أمهليني إنني
لا أبتغي منك الهوى بحرام |
جعل الشاعر في غنى عن وصيتك بالزواج لان الهوى الحلال هو الزواج.
وحين أوصيته بإهدائها السلام عند رفضها اياه لِمَ لَمْ تنسب الفضل للشاعر نفسه؟ فقد قال في آخر بيت:
وإذا أبيتِ محبتي فأقلّ ما
قد تقبلين تحيتي وسلامي |
وأعيذك بالله عند الآية )وان يتفرقا يغن الله كلا من سعته( أن تستشهد بما هاهنا وأنت القائل: اما الشرع فلا تذكره في مثل هذا الأمور.
وأعيذك بالله ان تجمع بينها وبين أغنية المطرب الجميري.
وكان عليك حين قلت: )وهذا يهتم به الانجليز أكثر منا ويسمونه تناسب الأفعال والأزمان( ان تعود الى ص 186ج4 من اوضح المسالك لتعطينا رأيك يا اخي العزيز في قول الله تعالى: )إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم( ماذا ترى بين الفعلين: )نشأ، ظلت(؟ وقول الشاعر:
ولقد أمرّ على اللئيم يسبني
فمضيتُ ثمتُ قلتُ لا يعنيني |
فما أنت راءٍ بين )أمر، مضيت(؟
إن نزاراً بلاشك ناقد فذ أحببت أن أبدي رأيي متضائلا بجانب آرائه شاكراً له وللشاعر الذي أوسعناه نقداً وللقراء الذين أثقلت عليهم ولعزيزتي الجزيرة تحملهم إياي، والله من وراء القصد.
سليمان عبد الله السليمان - الرياض
|
|
|
|
|