أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 23rd June,2001 العدد:10495الطبعةالاولـي السبت 2 ,ربيع الثاني 1422

محليــات

لما هو آت
في المنام...
د. خيرية إبراهيم السقاف
لي صديقة تقرض الشعر، وتقف في المنابر تلقيه بطلاقة لا من ينافسها فيها، تلتف من حولها المريدات، وتلتهب لها الأكف، وتتقاطر عليها الأسئلة، وتحملها السعادة إلى عنان السماء والفضاء..
غير أنها لا تفعل ذلك، إلاَّ في المنام..
تنهض على عجل.. تحرص على تدوين شعرها الذي تحفظه عن غيب، لكنها تجده تفلَّت منها كما تتفلَّت الدابة من عقالها..
ذلك لأنها تقصد في المنام.. حتى أنها تعوَّدت أن تضع أوراقها، وأقلامها، وكشَّافا ضوئياً بجوار وسادتها.. وقد فعلت مرة أو بعض مرة في تدوين بيت من الشعر أو بيتين.. غير أن الشاعرة المدرارة في المنام هي ليست كذلك في اليقظة..
ولي صديقة أخرى ترى في المنام أنها تجلس إلى رجال مشاهير في التاريخ، وقادة فطاحل من قادة المسلمين، تشاركهم في الرأي، وتتداول معهم المشورة في أمور جليَّة، وتسعد بوجودها في زمنهم، ترتدي ملابس عصرهم، وتتفاعل مع قضايا زمنهم، وتصفهم، وتحسب أنها تعرفهم بمثل ما تعرف نفسها..، غير أنها عندما تستيقظ لاتذكر شيئا من التفاصيل، سوى الأشكال والأسماء..
ولي صديقة تعيش كل ليلة في منامها مع أحبابها الراحلين، وكذلك من فقدتهم في الحياة، ولا يزالون أحياء..، وهي في منامها تقول لهم ما تشاء، وتعاتبهم كيف تريد، وتمنحهم كل الذي تود من الرأي، والنقد، والود، والعتاب.. حتى إذا استيقظت، تبخرت رؤاها..، ولم يبق لها إلا الاطمئنان منها..، ذلك لأنها إن فقدتهم في «البصر» فإنها لم تفقدهم في «البصيرة» كما تقول..
وما شأن الشاعرة «المنامية» نسبة للنوم لا للمنامة المدينة؟
وما شأن المؤرخة الداعية في النوم؟
وما شأن المحبة المعاتبة في منامها؟
أذكر أنَّ إحداهن انبرت تسأل: كيف لي أن أرى في المنام ما أشاء، ولأنْس في اليقظة ما أرى، فقط كيف السبيل إلى ذلك؟..
هل الشوق للشيء مدعاة لممارسته في المنام؟ ولتمثُّله فيه، ولحضوره في الرؤيا؟..
قال أحدهم قصة لا أدري مدى صحتها: أن أحدهم تشوَّق لرؤية شخص في المنام ولم يره، فجاءه بكوب فيه رشفات قليلة من الماء، وهو في عطش شديد، ولم يزد..، وبعد أن ارتشف القطرات القليلة نام، وفي منامه رأى أنه يشرب ماءً فارتوى..، وعندما استيقظ، ذكر رؤيته لصاحبه، فقال له: لأنَّك كنت «مشتاقاً» للماء، متلهفاً عليه رأيته في المنام..، فاشتق لمن تحب أن تراه.. ولسوف تفعل؟!..
غير أنَّ الشاعرة لم تكن تحلم بما تراه من أمرها في منابر الشعر مناماً.. والمؤرخة الداعية لم تكن في لحظة تتمنى أو تتشوق لأن تكون ما هي عليه في منامها..
والمعاتبة الناقدة لا تذكر أنَّها كانت قبل منامها أو في لحظات يقظتها تفكر في أمر ما تراه في منامها..
فكيف تكون الرؤى؟..
وكيف هو حال الشوق مع الذين يعيشونه ولكنهم لا يفلحون في حضور ما يشتاقون اليه في منامهم؟!
إحداهن تقول: اشتاق وبلهفة لأن أعرف السر الذي يخبئونه في خزانات حديدية عن صناعة «البيبسي كولا»، وأتمنى أن أكون قادرة على التسلل في منامي إلى ذلك السر في أوراقه داخل الخزانة الحديدية التي تضمه؟!..
وتقول: إنها تعيش على شوق وتنتظر لحظة الحلم به، وتضع بجوار وسادتها مجموعة من المفاتيح لعلها تستخدمها!!..
وأخريات كن يطرحن «أشواقهن»، ولعلَّ من ينتظر تحقيق أحلامهن هي وسائدهن!!.. وآذان من يتحلَّقن من حولهن بعد الاستيقاظ!!
فماذا تشتاقون؟، أو ما هي مضامين رؤاكم؟، أو من أنتم من أحلامكم؟!.

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved