| الاقتصادية
إن من الخصائص الأساسية التي تدفع الأفراد الى التقيد واحترام الضوابط واللوائح والأنظمة هو وجود جزاء رادع يتم تطبيقه على من لا يلتزم بذلك الضابط او بتلك القاعدة القانونية. ومالم يكن الجزاء المقرر على من يخالف القاعدة القانونية رادعاً، فإن احترام هذه القاعدة القانونية والتقيد بها من قبل افراد المجتمع سوف ينتابه شيء من الشكوك.
ويؤسفني أن أشير في هذا الخصوص إلى أن هناك الكثير من الأنظمة واللوائح والضوابط المقرة التي تسير وفقها الكثير من الأجهزة الحكومية لا يتم التقيد بها من قبل الكثير من افراد المجتمع، والذين يفترض ان تنطبق عليهم تلك الأنظمة واللوائح، وذلك بسبب عدم فاعلية الجزاء المقرر على من يخالف تلك القواعد القانونية، مما يعني أهمية إعادة النظر في حجم ذلك الجزاء وتفعيله بما يكفل احترام تلك القواعد القانونية.
إن ماجعلني أتطرق لهذا الموضوع هو ماتمّ رفعه لمجلس الوزراء الموقر من ضوابط صحية لمساكن العمال داخل العمران، وذلك لإقراره في صيغته النهائية، حيث تمّ الرفع به من قبل لجنة مكونة من وكلاء وزارات: الصحة، الشؤون البلدية والقروية، العمل والشؤون الاجتماعية، وقد جاءت تلك الضوابط قاضية بتحديد السقف الأعلى للغرامة التي يمكن تطبيقها على أي من المؤسسات والشركات المخلة بأي من الضوابط الصحية التي يفترض اتباعها في مساكن العاملين في تلك المؤسسة او الشركة بمبلغ )1000( ألف ريال فقط لاغير.
وبالتالي فإن التساؤل الذي يمكن طرحه هنا يتمثل في مدى فاعلية عقوبة الألف ريال، والتي يمكن فرضها على أي من الشركات التي لاتراعي الضوابط الصحية في مساكن العاملين بها. ألا نعتقد بأن الشركة التي تضع عددا كبيرا من العمالة في غرفة محدودة المساحة تستحق عقوبة أكبر من ذلك؟ وكذلك أيضا فالشركة أو المؤسسة التي تُسكن عمالها في غرف )وجحور( تفتقد الى التهوية والإضاءة ناهيك عن إهمال التمديدات الكهربائية والمائية والصرف الصحي في تلك الغرف غير المهيأة للمعيشة فيها، ألا تستحق أن تكون العقوبة المطبقة عليها جزاء لذلك أكبر من عقوبة الألف ريال والتي حددتها تلك الضوابط؟ ألا نعتقد بأن تحديد تلك العقوبة بألف ريال قد يكون دافعاً للبعض لارتكاب تلك المخالفات في حق تلك العمالة المسكينة؟
أرجو وأتمنى أن يتم إعادة النظر في حجم تلك العقوبة قبل أن يتم إقرار تلك الضوابط في صيغتها النهائية، وأتمنى ألا يتم إغفال حقيقة هامة مفادها أن السبب الرئيسي لوضع تلك الضوابط يعود الى ماتوصلت إليه الدراسات التي قامت بها وزارة الصحة على الحالات المرضية المراجعة للمستشفيات والمراكز الصحية والتي بينت أن بعض هذه الأمراض ناتج عن مخالفات صحية في الإسكان.
dralsaleh@yahoo.com
|
|
|
|
|