| مقـالات
ان النظر الى خدمة المجتمع على انها وظيفة رئيسية من وظائف الجامعات تؤكد ان هذه الوظيفة بفلسفاتها الحالية،وتنظيماتها الادارية وما يربطها بعلاقات ثرية مع غيرها، تعد وظيفة حديثة على العمل الجامعي وأنها في الاصل نتاج لتطور الفكر وفلسفاته والعلم وتطبيقاته وتأثير هذه وتلك على المجتمع وثقافته ومؤسساته والنشاط الاقتصاي ومجالاته وبخاصة مع مطلع هذا القرن. ثم ان مفهوم الجامعة على انها مؤسسة تعليمية مسؤولة عن خدمة المجتمع وبرامج الخدمة العامة، انما يرجع في اصوله التاريخية الى الحركة التربوية في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر وهي الحركة التي بدأت خارج الجامعات مهتمة بتعليم الكبار ثم اثرت بدورها في الجامعات. في الآونة الاخيرة، يلاحظ انتشار مفهوم خدمة المجتمع على انه وظيفة من وظائف الجامعة، وكثيراً ما يحل تعبير الخدمة العامة في الادب التربوي محل تعبير خدمة المجتمع. وعلى الرغم من انتشار تعبير خدمة المجتمع او الخدمة العامة، فليس لهذا التعبير او ذاك حدود واضحة تحدد ابعاده ودلالاته تحديداًً جامعاً مانعاً، كما يقول المناطقة. وكل ماهو محدد وواضح هو ان هذه الوظيفة «خدمة المجتمع» تمثل بعداً ثالثاً او مهمة ثالثة من مهام العمل الجامعي «التدريس البحث الخدمة العامة». يرى بركنز ان الخدمة العامة هي تطبيق للمعرفة حيث المعرفة تكتسب وتنقل وتطبق، وفي علاقة هذا بأهداف الجامعة الثلاثة التقليدية، يشير بركنز الى ان اكتساب المعرفة هو وظيفة البحث، ونقل المعرفة هو وظيفة التدريس، اما تطبيق المعرفة للقضاء على ما يواجهه المجتمع من مشكلات، فهو وظيفة الخدمة العامة. على ان برامج الخدمة تستند على عدة اسس وأصول بعضها علمي تجريبي وبعضها فكري فلسفي، يحسن الاشارة اليها، بايجاز:
1 ان التعليم ينبغي الا ينتهي بتخريج الفتى او الفتاة من المدارس والمعاهد والجامعات الى الحياة العملية بل هو عملية مستمرة.
2 ان لدى الانسان طاقات نفسية وروحية وفكرية يواجه بها المشكلات المختلفة من خلال المعرفة والتدريب المستمر.
3 ان الحاجة ماسة الى مزيد من القوى العاملة المدربة والى مزيد من العناصر القيادية من خلال برامج التعليم المستمر. ان كثيرين يعتقدون ان خدمة المجتمع هي الروح الاساسية لكليات المجتمع، وأن هذه الخاصية تميزها عن غيرها من الكليات الاخرى. وفي هذا الصدد يؤكد رجال التربية ان كليات المجتمع تشعر بالتزامها في ان تعمل باعتبارها جزءاً متكاملاً مع بناء المجتمع الذي تخدمه، وان عليها ان تسير على ايقاع مجتمعها، وأن توفر لهذا المجتمع نمطاً مختلفاً من انماط الحياة، وعليها ان تسعى لتحقيق هذا الهدف بكل جدية وإيجابية. وبينما يشير عديد من المراجع الى الخدمات التي يمكن ان تقدمها الكليات والجامعات للهيئات الحكومية وتصنفها في سبعة مجالات هي:
أبحاث الاتصال والخدمات الاستشارية والمساعدة في اعداد مسودات القوانين والادلاء بالشهادة في الجلسات والانشطة التدريبية والندوات وتبادل الافراد. فان بعض التربويين يصنفها في ثلاثة انماط هي:
أ التعليم والتدريب لمواجهة احتياجات المجتمع.
ب البحث العلمي الهادف الى تجميع التراث العلمي وتسجيله.
ج البحوث التطبيقية التي تستهدف الاسهام في حل مشكلات المجتمع وتحقيق الكفاية الاقتصادية والاجتماعية.
ولكي تقوم الجامعات والكليات بدور فعال في مجال التعليم المستمر، فان برامجه ومحتوياته ينبغي ان تصمم فيه في ضوء المعايير التالية:
أ حاجات المجتمع، وإلا اصبحت الجامعة في عزلة عن مجتمعها.
ب حاجات الدارسين وإلا فقدت الجامعة روادها.
ج الحاجات الاكاديمية، وإلا فقد التعليم الجامعي ميزته.
ان عمل الجامعات على حل مشكلات مجتمعاتها اصبح يحظى باهتمامات متزايدة في عديد من جامعات الدول المتقدمة والنامية ايضاً، ومن هذا المنظور فان اعضاء هيئة التدريس عليهم ان يندمجوا في حل مشكلات المجتمع، وذلك عن طريق فحص هذه المشكلات في علاقاتها بالموضوعات الاخرى في مجتمعاتهم المحلية والعمل على تشخيصها والبحث عن حل لها. يؤكد ذلك ما جاء في دراسة بعنوان «الادوار المطلوبة من جامعات دول الخليج العربية في مجال خدمة المجتمع» من أن وجهة النظر تلك تعتمد على البحث والتدريس التطبيقي، وعديد من الجامعات تؤدي خدماتها في هذا المجال من خلال معاهد متعددة ومراكز مهتمة. ونحن في جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية نفتخر بجهود عمادة المركز الجامعي لخدمة المجتمع والتعليم المستمر بقيادة حكيمة من فضيلة عميدها الدكتور علي بن عبدالله الزبن، كما نبارك الخطوات الجبارة للمعهد الفني «معهد البحوث والخدمات الاستشارية« برؤية مستقبلية رحبة من اخي الدكتور وليد المهوس وكيل المعهد. ختاماً اقول ان وظيفة خدمة المجتمع ودور الجامعات في هذا المجال يمكن رؤيتها بوضوح من خلال عدة ابعاد وهي: التعليم المستمر، والبحوث التطبيقية والاستشارات والعمل على نشر العلم والمعرفة بين ابناء المجتمع وممارسة الجامعة لدور نشط في مجال النقد الاجتماعي والعمل على حل مشكلات المجتمع والمشاركة في النشاطات الاجتماعية المختلفة.
وقد آن أوان تفعيل هذه الوظائف والادوار وبشكل جدي ودائم..
* عضو هيئة التدريس بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية
|
|
|
|
|