| مقـالات
بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين أود أن أشارك بما يوجه الشباب والناشئة إلى الاقلاع عن التدخين سواء كان باستخدام السجائر المستوردة والتي تعتمد مصانعها إلى رفع نسبة النيكوتين والقطران فيها، حتى يدمن عليها من يقومون بتدخينها، بينما في بلاد التصنيع تقل نسبة هذه المكونا ت الخطرة ذات السمية البالغة خوفاً على أبناء شعوبهم، أو عند تدخين النارجيلة أو استنشاق مسحوق التبغ أو البايب حتى يعتبر الشباب والناشئة من هذا الذي أوضحته ويحذرون من القاء أنفسهم إلى التهلكة مصداقاً لقوله تعالى: «وإن يهلكون إلا انفسهم وما يشعرون»، «سورة الأنعام آية 26».
وبعد .. شباب وناشئة اليوم. لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، ولنعلم جميعاً.. أن اعتياد التدخين يمثل من ناحية سلوك المدخن تعوداً على استخدام التبغ، رغم ما تحدثه هذه العادة السلوكية من أضرار بالغة ومخاطر عديدة وسموم تؤدي بالمدخنين إلى الموت البطيء بل إلى التهلكة. وعادة التدخين تعمل على ذل النفس وخنوعها، وفي هذا ما يصاحب النفس من الشعور بالمهانة والنقص وتحقير الذات، بل ما يؤدي إلى ضعف قوة الإرادة.
والمدخن قد لا يتناول طعام ا لفطور بل عندما يصحو من نومه يشعل السيجارة مع فنجان قهوة. ودخان التبغ يحتوي غازات سامة عند الاستنشاق، وهي: أول أكسيد الكربون، حامض الأيدوسيانيك، والنيكوتين «تبغين»، وأخطر هذه الغازات على الإطلاق...النيكوتين، وهي أعظم خطراً وفتكاً من سم الزرنيخ فلو وضعت نقطة واحدة من النيكوتين النقي على جلد أرنب لقضت على حياته سريعاً. ولو وضعت نقطتان من النيكوتين على لسان قط أو كلب لمات على الفور، ولو وضعت خمس نقط من النيكوتين النقي المستخلص من التبغ، في فم جمل لقضت على حياته.. فهل يقلع المدخنون عن التدخين!! ومن أضرار التبغ أنه يصيب الإنسان بأوهام ووساوس «وسوسة»، Hallucination وخواطر تؤدي إلى القلق الدائب وتحرمه من الراحة والطمأنينة، كما أن العاملين في مصانع الدخان ينتابهم صداع وغثيان وإغماء، وفقد الشهية للطعام، وأرق، ومن المدخنين من لا يعمر كثيراً، وكثير منهم يصاب بفقر الدم والسل الرئوي. ومن أشهر طرق الانتحار المعروفة في الصين تجرع النقيع الخارج من أركيلة التبغ، بعد استنشاق دخان المعسل والجراك، وسمومه البالغة والله تعالى يحذر من قتل النفس فهل ينتهي المدخنون عن قتل أنفسهم. وعادة يشعر الإنسان بالغثيان والقرف، حينما يتعاطى التبغ لأول مرة.
والتبغ يخدر المخ والأعصاب، وأثره على الحالة النفسية يحدث انتعاشاً وهمياً وتخديراً وقتياً يصرف الإنسان عن الشعور بالتعب. كما يؤثر التبغ على القلب، ويحدث ما يعرف بمرض «قلب التبغ»، فالذي يعتاد التدخين بشراهة، يدق القلب لديه بسرعة زائدة، ثم يتوقف فجأة عن الدق مرة أو مرتين، ثم يدق ببطء، ويعرف هذا بلغط القلب. ويحدث التدخين أيضاً التهابات في الزور والحنجرة ويضر بالأوعية الدموية. ولقد ثبت علاقة التدخين بسرطان الرئة.
ومن حيث يؤثر النيكوتين على الأوعية الدموية فإنه يزيد الضغط، ويصحب ذلك الإعياء والخمول التام. وهناك ردة فعل لذلك، إذ كلما ازداد الإعياء تجدد العطش إلى كمية أكبر من التبغ، أي التدخين الذي تزداد آثاره السمية.
ومن الناحية النفسية، لا يكون المولع بالتبغ في أحسن حالات النشوة والانتعاش إلا عندما يدخن، ولكن باستمرار الوقت وبسبب الالتهابات المتزايدة الناتجة عن امتصاص السموم الموجودة في التبغ، تحدث عدة تغيرات في الأنسجة الجسمية وفي الغدد الإفرازية، حيث يتأثر الجهاز الدموي محدثاً تصلباً في الشرايين العضلية التي تقوم بتوزيع الدم على عموم أجزاء الجسم، كما تتقلص هذه الشرايين ، ويضيق اتساعها فيقسر القلب عن مضاعفة وظيفته في دفع الدم إليها، ويودي ذلك إلى حدوث تضخم كاف في عضلات القلب بعد تمدده ، كما تزداد قوة ضغط الدم على جدران الأوعية. وفي هذا كله ما يعرض القلب إلى الضعف والهبوط، كما تتأثر الكلى والكبد. وفيما يختص بسموم التبغ فإن دخان التبغ، يحتوي على عدد كبير من السموم Toxics القتالة المخيفة منها: النيكوتين، البيريدين «مادة طيارة»، غاز النشادر «اللمونيا»، الميثلامين، حمض البروسيك، أول أكسيد الكربون، كبريتيد الأيدروجين، حمض الكربونيك. بل ثبت بالتحليل الكيميائيأيضاً وجود غازات الليتودين والكوليدين، والبارفولينو الكارودين، والروبيدين، والفيريدين.. وكلها سموم قاتلة. كما يوجد الفورفورال. وثبت أن أقل جرعة من هذه السموم كفيلة بالقضاء على الحياة، ولذا .. نحذر كل التحذير.. أولئك الذين يقبلون على التدخين بشراهة وأولئك الذين يدخنون النارجيلة أو البايب «الغليون» أن يكفوا عن هذه العادات السلوكية التي لا ينجو من مفعولها السام أحد إلا بأمر الله. ولنتذكر قول الله تعالى: «فليحذر الذين يخالفون عن أمره ان تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم»، «سورة النور آية 63»، والله نسأل الهداية واتباع طريق الصراط المستقيم والحذر من مخالفة أمر الله.
* أستاذ علم النفس
|
|
|
|
|