| الثقافية
عزيزتي ..
ربما هذه رسالة أولى أحاول من خلالها أن أحكي لك فيها ما الذي جرى لي هذا الصباح ..
مساء البارحة .. حين كنّا «نتسامر» مع بعضنا .. أنا .. وأنتِ .. والقمر ..
وحين كنّا نتسابق بالرهان .. على «من اللي يحب الثاني أكثر..»
وتكاذبنا .. على من فينا لم يداهم النعاس عينيه أولاً ..
حتى يأست أنا من التشبث بحبل الإفاقة ... واستسلمت للنوم .. أخيراً ..
30. 8 .. صباحاً ..
وفي الصباح ..
أفقت متأخراً على غير عادتي ...
فذلك المنبه «اللعين» .. نسي أن يوقظني في الوقت الذي حددته له ..!!
وعلى وجه السرعة «المرتبكة» .. دخلت وخرجت من غرفتي عدة مرات ..
ففي كل مرةِ خروجٍ .. اكتشفت نسياني لشيء ما.. من تلك الأشياء التي اعتدت أخذها معي كل صباح..
وبالطيران في مهب الشوارع ..
أنطلق ... مسرعاً ناحية «العمل» مخترقاً مئات الأطنان من السيارات التي تمشي بكل هدوءٍ..وريّه.. رامية هم الوقت خلف ظهرها .. الى غيرها..
مؤشر الضغط في عروقي متزايد بشكل دوميّ..
وفكري متعلق بذلك المدير.. محاولةً مني البحث عن أجوبة لأسئلته «العقيمة» .. فمثلا .. عندما سيقول لي: «ليش تأخرت يا ... »
شوارع مدينتي هي الأغرب في العالم .. !!
فلا يوجد مكانٌ ينافسها بالجمال .. ولا بالاكتظاظ في حركة السير «الصباحية .. ولا من سائقين يؤسفني القول .. «ان معظمهم أغبياء»...
وأخيرا ..
اخترقت تلك الأفواج من الأطنان الحديدية.. وأصبحت في «بطن الازدحام»..
الحركة بطيئة ... ك «عادتها» ..
خيّم الإحباط على ملامح وجهي «المتوتر» .. اقتنعت أني متأخرٌ لا محالة ..
إذاً .. فلمَ العجلة ..!!
أتنفس الصعداء .. «رضوخاً بمعنى الضيق القهري..» فيما جرى .. وبالذات سيجري ..
أطلق العنان لحنجرة الساحرة .. «فيروز»..
طمعاً مني في أن تبدد عليّ توتر المكان .. بصوتها العذب..
أحسست أنني محتاجٌ وبعنف .. الى شيءٍ يعتق أكواما من الأعصاب المكتظة في جميع أجزاء جسمي..
وأهيم في بحر الرياض «المكتظ بأكوامٍ من السيارات»..
وصوت الساحرة .. قد حاصر .. واستولى على أرجاء المكان «المتوتر»..
وأمام الإشارة ..
الآن هنا ابدأ في الاشمئزاز دوماً ..
فهنا المتشردون ....... «الأغنياء»...
وجنديّ مرور ... يزيد ب «فلسفته» الاكتظاظ همجية» ..
حين كنّا صغاراً .. علمونا ان «اللون الأخضر» .. عندما يضيء .. نعلم من ذلك أنه تصريحٌ لمن هم معنيون بأن ينطلقوا ..
ولكن عند البعض الآخر مزاجٌ يفوق ما تعلمنا كثيرا..!! الى حدٍ يصيبني عادة بالضحك..!!
فعندما تضيء الإشارة «خضراء» .. يبقى ذلك الفيلق من السيارات جاثمٌ في مكانه دون حراك..!!؟؟
فهم لا زالوا غارقين في أحلامهم .. )هكذا .. أحاول أن أبحث العذر لهم..(
وحين يضاء «اللون الأخضر» .. ينطلق الفوج..!!
فعندئذ .. أكون قد أخذت كفايتي من الضحك على هذه «الهمجيّة»..
آه يا عزيزتي ..
كم كان وضعي مثيرا للشفقة .. وأنا بين تلك الجيوش الهائلة من السيارات ..
أصل أخيراً .. الى مقر العمل ..
أمشي بخطى بائسة الى مكتب المدير ..
كنت أحاول حينها أن أستقر ! على جملة أخيرة.. أجيب بها سؤال المدير ..
السلام عليكم ..
وعليكم السلام !!
صباح الخير أبو ..
هلا ... صبحهه بالرضا والنور !!
معليش يابو ... تأخرت شويّ ..
إيه .. داري أنا أنك تأخرت .. بس ليش ؟؟!!
يا إلهي.. لقد نسيت تلك الجملة التي استحضرها قبل دخولي
واللّه .. طال عمرك ..
بصراحة ما عندي عذر .. إلا أن الساعة «الخرّاش».. ما رنّت ...
يتطلع المدير اليّ بعينيه المتعجبتين.. ويأمرني بالانصراف الى مكتبي.. وكأن لسان حاله يقول «يا صبر أيوب على بلواه»..»
في الحقيقة .. أنا لا زلت استغرب أمر المدير لي بالانصراف دون أن يتخذ علي تأخري أي إجراء..!!
ألهذه الدرجة كانت إجابتي «الصريحة» .. مقنعة..!!!
لا أدري ..
أتنفس الصعداء بعمق وأنا خارجٌ من مكتب المدير.. «حمداً للّه .. عدّت الأمور على خير»..
أدخل مكتبي..
أرمي جسدي المثقل بالهزائم ك «عادته» .. على بطن الكرسيّ ..
وأنحني الى الخلف محاولاً أن أرمي هموم الوقت خلف ظهري ..
لم ألبث من إغماضة عينيي «ذات الخمس ثوان».. إلا وها قد بدأ الهاتف بالرنين ... والطنين لا متوقف حتى آخر العمل ..
آآآآخٍ أيتها الروتينية الساذجة في هذه الحياة الرتيبة..
الآن بدأ الروتين المعتاد ..
رنين هاتف متواصل .. يخالطه مراجعون أغبياء دوماً .. «غثيثون» الى حد الضحك.. )ألم يقولوا: شرّ البليّة ما يضحك(
تمضي الساعات ثقيلةً ..
بين أكوام من الأوراق «المعاملات»..
أرقب الوقت بين الفينة .. والأخرى..
كم سأستغرق من الوقت حتى أسمع صوتك ؟؟!!
أحاول أن أجمع بعض الجمل .. والأسلئة لكِ..
وبعضٌ آخر من ترانيم أنفاسي المتلهفة.. منذ أول لحظةٍ فقدتك فيها ..
أعذريني إن كنت قد أطلت عليكِ..
أظن الآن .. قد وصلت الى خاتمة الرسالة..
بأي شيءٍ .. أودعك به؟!
أتعلمين .....
أجمل ما في قلبي من كلام .. سأدخره لهذا المساء..
وداعاً ....
خالد محمد المشرف
|
|
|
|
|