| مقـالات
أوردنا في الحديث السابق جزءاً مما جاء في التلمود ـ العهد القديم ـ الذين يبين فيه نظرة اليهود للمسيح عليه السلام، وللنصارى وما يضمرون من عداوة لهم، وكذبهم على الله جل وعلا، وجرأتهم على الذّات الإلهية.. ذلك أن الأسفار اليهودية المقدسة عندهم، هي خير ما يدين بني اسرائيل، فهي مليئة بما وصفوا به: بالدسّ والكذب، والاحتيال والفسق، والفجور والانحلال، والجبن والذلّة والمسكنة، والغدر والخيانة، والانحرافات الدينية والخلقية والاجتماعية، والسرقة والسلب والنهب، والشّره وعبادة الذهب، وحب المال والوحشية، وسفك دماء الغير وخاصة النساء، والولدان والمستضعفين، من الشيوخ ـ هكذا جمع صفاتهم شوقي عبدالناصر في كتابه عن البروتوكولات، المستقاة من أسفارهم ص 13.
ها هم يكذبون على أنبياء الله فإبراهيم قالوا عنه، إنه بسبب الجوع، وانحدر إلى مصر، فلما قرب لزوجته سارة لأنها جميلة قولي إنكِ أختي، حتى لا يقتلني المصريون ويستبقونكِ. فأكرمه فرعون من أجلها لمّا أخذت لبيته، فصار لإبراهيم بذلك غنم وبقر وحمير وعبيد، وإماء وآتن وجمال بسبب سارة )ص 20(. كما في سفر التكوين الإصحاح 12.
وقالوا عن لوط : أن ابنتيه تآمرتا عليه فسقتاه خمراً ودخلت معه البكر في الليل فراشه ، واضطجعت معه . ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها ، وقالت لأختها إنني اضطجعت مع ابي البارحة ، نسقيه الليلة خمراً فادخلي واضطجعي معه ، فنجني من ابينا نسلاً ،وعملت مثل أختها ، فحملت ابنتا لوط من أبيهما ، فجاءت كل منهما بولد ، عرف بهما قبائل بعد ذلك . قاتلهم الله في تعمدهم الفحش والبهتان على أنبياء الله ، المنزهين عن الخبائث .)ص 21( كما في سفر التكوين الإصحاح 91.
وافتروا على داود عليه السلام مع امرأة أوريا الحثّى )22 ـ 24( كما في الإصحاح 11، 12 سر صموئيل الثاني.
وكذبوا على أمنون بن داود عليه السلام مع أخته )25ـ 26( كما في الإصحاح 13 سفر صموئيل الثاني.
وكذبوا على سليمان عليه السلام، وقالوا إنه عمل الرجس في عيني الرب، ولم يتبع الرب فغضب
عليه )27( كما في سفر الملوك اصحاح 11.
فناس طباعهم الكذب والافتراء، جدير بالنصارى أن يتخلّوا عنهم، بل يجب أن يساعدوا في إبعادهم والنيل منهم، لأنهم جرثومة، إذا لم تحارب استشرى ضررها، ونالت ممن احتضنها.
أدرك الرئيس الامريكي بنيامين فرانكلين خطر اليهود على أمريكا، والمجتمع الأمريكي في وقت مبكر، فقد نبّه شعب الولايات المتحدة الأمريكية إلى خطر اليهود، وأعلن في المؤتمر الذي انعقد لإعلان الدستور الأمريكي سنة 1789م، حيث جاء في كلمته تلك قوله: هناك خطر عظيم يهدد الولايات المتحدة، وذلك الخطر هو اليهوديّة..
أيها السادة: حيثما استقرّ اليهود، نجدهم يوهنون من عزيمة الشعب، ويزعزعون الخلق التجاري الشريف، إنهم كوّنوا حكومة داخل الحكومة، وحينما يجدون معارضة من أحد، فإنهم يعملون على خنق الأمة مالياً، كما حدث للبرتغال وإسبانيا، ومنذ اكثر من 1700 سنة، وهم يندبون مصيرهم، لا لشيء الا لادعائهم أنهم طردوا من الوطن الأم.
ولكن تأكدوا أيها السادة، أنه إذا أعاد إليهم اليوم، عالمنا المتمدين فلسطين، فإنهم سيجدون المبررات الكثيرة، لعدم العودة إليها، أو الاكتفاء بها.
لماذا: الجواب لأنهم مثل الطفيليات التي لا تعيش على نفسها، فهم مصّاصو دماء، ومصّاصو الدماء لا يعيشون على مصّاصي دماء آخرين، فهم لا يستطيعون أن يعيشوا فقط فيما بينهم، أو مع بعضهم البعض، إنهم لابد أن يعيشوا بين المسيحيين، وبين الآخرين الذين هم ليسوا من جنسهم.
أنا اتفق تماما مع الجنرال جورج واشنطن، في أننا يجب ان نحمي هذه الأمة الوليدة من محاولات الاختراق والتأثير الماكر.. وهذا التأثير أيها السادة هم اليهود..
في أي دولة استوطنها اليهود بأعداد كبيرة، فإنهم قضوا فيها على الاخلاق، وهبطوا بروحها المعنوية.
وإذا لم يمنع اليهود من الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بموجب الدستور، ففي خلال 200 عام سيصبح أحفادنا خادمين وعاملين في مزارعهم وحقولهم، بينما هم جالسون في بيوت المال يفركون أيديهم في نشوة، وسيحكموننا ويدمروننا، ويغيرون شكل الحكومة التي ضحّينا وبذلنا لإقامتها دماءنا وحياتنا وأموالنا وحريتنا الفردية.
أنا أحذركم أيها السّادة: إذا لم تمنعوا اليهود، وتتجنبوهم في جميع الأزمان، فسيلعنكم أبناؤكم في قبوركم..
أيها السادة: دعوا اليهود يولدون أينما ولدوا، حتى وإن ولدت أجيالهم أبعد ما يكون عن آسيا، فلن يكونوا شيئا آخر، فأفكارهم لا تتوافق ولا تتماشى مع أفكار الأمريكان.. حتى ولو عاشوا وسطنا.. معنا.. لعشرة أجيال.. فالنمر لا يستطيع أن يغيّر جلده.. واليهود تهديد لهذا البلد، إذا سمح لهم بدخوله، ويجب ان يبعدوا عنه، بواسطة هذا الدستور.. بنيامين فرانكلين )بروتوكولات حكماء صهيون، تعاليم التلمود لشوقي عبدالناصر ص 214 ورسالة الاخوان العدد 209 الجمعة 7 شعبان 1421هـ، 2/11/2000م ص 1 النص الانجليزي والترجمة(.
ومن هذه الكلمة، ندرك أن لهم دوراً كبيرا مع الأسبان، في اسقاط دولة العرب، وطردهم من الأندلس، ولكنهم كما قال هذا الرئيس الامريكي، لا يؤمن شرهم، فهم يسيئون لمن أحسن إليهم، ويداهنون وينافقون، كما هو المبدأ الذي ساروا عليه، فقد صدر لقادتهم قرار في عام 1492م، سموه قرار الثأر وملخصه:
فلا أحد ينكر صحة وحجيّة القرار هذا، حينما قيل إن شيمور حاخام إسبانيا الاكبر، كتب لحاخام القسطنطينيّة الأكبر، يسأله النصح، حين يتعرض شعبه في إسبانيا لخطر صدور قانون بطردهم من إسبانيا، أو اضطهادهم.
فاجتمع ذلك الحاخام، مع ذوي الرأي اليهودي عنده، وتشاوروا في العمل، فأعدّوا صيغة الردّ التي تحمي اليهود، وتجعل لهم أثرا بعيد المدى، حيث قيل إن هذا الردّ الانتقاميّ، قد وجد في أرشيف توليدو بإسبانيا.. وهذه زبدته:
يا أبناء موسى الأعزاء.. قد تسلمنا خطابكم، إن نصيحة الحاخامات والأحياء هي ما يأتي:
1 ـ فيما يتعلق بما تقولونه، بأن ملك إسبانيا يضطرّ كم إلى اعتناق المسيحية، افعلوا ذلك، ما دمتم لا تستطيعون أن تفعلوا شيئاً آخر.
2 ـ فيما يتعلّق بتجريدكم من أملاككم، اجعلوا أولادكم تجاراً، حتى يجردوا المسيحيين من أملاكهم شيئاً فشيئاً.
3 ـ فيما يتعلّق بمحاولات قتلكم، اجعلوا أولادكم أطباء وصيادلة، لعلهم يقتلون المسيحيين.
4 ـ فيما يتعلّق بهدم معابدكم، اجعلوا أبناءكم كهنة واكليريكيين ـ كرادلة ـ لعلهم يهدمون كنائسهم.
5 ـ فيما يتعلّق بالمضايقات الكثيرة الأخرى، التي تشكون منها، رتّبوا أموركم، بحيث يصبح أبناؤكم محامين واعملوا على أن يتَّصلوا بشؤون الدولة، ويتولوا مناصبها دائما، وبوضعكم المسيحيين تحت حكمكم، قد تحكمون العالم وتنتقمون منهم.
6 ـ لا تنحرفوا عن هذا النظام الذي نعطيه لكم، لأنكم ستجدون بالتجربة، أنكم على الرغم مما أنتم فيه، وعليه من مهانة، فسوف تصلون إلى القوة الحقيقية )ص 210(.
ومن اجل هذه التعليمات السّرية، حرصوا على دقة التنفيذ، فمثلاً صاموئيل زويمر أكبر قساوسة بريطانيا المتوفى عام 1935م، وكبير المبشرين، الذي يسمونه المعلّم، وجدوا في وصيته عندما مات: أن يدفن على الطريقة اليهودية، مما يبرهن على أنه دخل النصرانية لهدف، مع بقائه على عقيدته اليهودية..
وتوغلوا في الفاتيكان، حيث روي أن مجموعة من القسس والكرادلة يهود، دخلوا النصرانية وانصهروا في الفاتيكان مع الكاثوليك، من أجل تحقيق هدف، وهو ما حصل بإصدار صكّ براءة لليهود من دم المسيح.
وقبلهم كان عبدالله بن سبأ اليهودي، قد دخل الإسلام في أول أمره لغاية كبيرة، تحققت في أول أمرها، بفتنة قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثالث الخلفاء الراشدين، و بذلك انكسر باب الفتنة، في تاريخ الاسلام، كما قال صلى الله عليه وسلم، وبقي مكسورا، حيث نشأت الفرق الضالة، وكانت اول فرقة عرفت: الفرقة السبئية، كما جاء ذكر ذلك في الفرق والنحل عن الشهرستاني، وابن حزم وغيرهما..
وفي الأندلس تمكنوا عند بعض ملوك العرب الطوائف، وأفسدوا وقتلوا، وضعفوا ملك العرب، حتى وجدوا الفرصة مع ملوك الأفرنج، فكانوا لهم نعم السند حتى طرد العرب من الأندلس، ثم لما أراد الأسبان والبرتغال تحويل العرب واليهود الى النصرانية، جاءت حكاية المورسكيين المسلمين، ورحل للمغرب من قدر على الهجرة، أم اليهود فهاجروا لتركيا. وقد ذكر ابن عذارى في تاريخه البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، ومحمد عبدالله عنان في كتبه: نهاية الأندلس، وتاريخ العرب المتنصرين، ودولة الاسلام في الأندلس، ودول الطوائف وغيرهم.
كما أبان ابن عذارى ايضا في الجزء الاول من تاريخه، أن أول من أقام دولة الفاطميين في المغرب عبيدالله الذي انتمى للنبي صلى الله عليه وسلم كاذباً، وجدّه عبدالله بن ميمون القدّاح الأهوازي ـ لعنه الله ـ الفارسي الأصل، وقيل غير ذلك وأن أصله من يهود اليمن، واتّصل بابن القداح، واخذ عنه المذهب، كما أخذه من قبل قرمط.. )يراجع في هذا البيان المغرب في تاريخ الاندلس والمغرب 1: 281 ـ 289، والأعلام للزركلي 6: 35(.
وكتاب بروتوكولات حكماء صهيون وتعاليم التلمود لشوقي عبدالناصر، الذي نحن بصدده، كتاب يستحق أكثر من وقفة، وتحليلاً اطول لما جاء فيه، لأنه يحوي أربعاً وعشرين مادة، أوبروتوكولاً، يدبر في كل واحدة خططاً لبني جنسهم في أي موقع من الأرض، بعمل تعاوني يريدون من ورائه السيطرة على العالم بأسره، والتحكم في مصائر شعوب الأرض من حلمهم الكبير، بأن تكون أمم الأرض: اقتصادياً وعسكرياً، وعلمياً، وفكرياً، وتربوياً، وزراعياً، وغير ذلك من علوم الأرض، لتكون مسخرة لهم ، وتحت هيمنتهم، كما مرّ بنا في وصايا الحاخامات والأحبَار، ليهود إسبانيا في القرن الثامن عشر الميلادي.. وحتى نعطي القارئ فكرة عن محتويات هذه البروتوكولات، نورد واحداً منها، هو الأخير رقم 24 الذي جاء فيه: هذا النّص:
والآن سأعالج الأسلوب الذي نقّوي به دولة الملك داود، حتى تستمر إلى يوم القيامة.
إن أسلوبنا لصيانة الدولة سيشتمل على المبادئ ذاتها، التي سلّمت حكماءنا زمام العالم، أي توجيه الجنس البشري كله وتعليمه.
إن أعضاء كثيرين من نسل داود، سوف يعدّون ويربّون الملوك ومن يخلفونهم، وهؤلاء لن ينتخبوا بحقّ الوراثة، بل بمواهبهم الخاصّة، وهؤلاء الخلفاء سيعمقون فيما لنا من أفكار سياسيّة سرية، وخطط للحكم ـ في حذر وسريّة تامّة ـ خشية أن تقع في يد أي إنسان آخر. ستكون هذه الإجراءات لازمة وضرورية حتى يعرف الجميع أن من يقدرون على الحكم، إنما هم الذين تعمَّقوا تعمقاً كبيرا، في أسرار الفن السياسي وحدهم، وهؤلاء الرجال وحدهم سيدربون على كيفية تطبيق خططنا تطبيقاً عملياً، مستغلين تجاربنا خلال قرون طويلة.
إنهم سيعمقون في دراسة المناهج والنتائج المستخرجة من كل ملاحظات نظامنا السياسي والاقتصادي، وكل العلوم الاجتماعية. إنهم بإيجاز سيعرفون الروح الأصلية للقوانين التي وضعتها الطبيعة نفسها لحكم الجنس البشرى، وسيغيّر الأشخاص التالون مباشرة للملك، إذا ما حدث وانساقوا وراء شهواتهم، وجدوا أثناء تدريبهم أنهم ضعاف النفوس، أو إذا بدا منهم ما يدل على ميل ضارّ بالسلطة.. فإن هذا كله يعرض كرامة التاج للخطر.
ولن يأتمن شيوخنا على زمام الحكم، إلاّ الرجال القادرين على أن يحكموا حكما حازماً وعنيفاً..
اذا مرض ملكنا او فقد القدرة على الحكم، فسنضطره الى تسليم الحكم، الى من اثبتوا من اسرته أنهم أقدر على الحكم.
ان خطط الملك العاجلة ـ وأهم منها خططه المستقبلية ـ لن تكون معروفة حتى لأقرب مستشاريه، ولن يعرف خطط المستقبل الا الحاكم، والثلاثة الذين دربوه.. وسيرى الناس في شخص الملك ـ الذي سيحكم بإرادة لا تلين، وسيروّض نفسه، كترويضة للإنسانية ـ مثلاً أعلى للغدر، ولن يعرف احد أهداف الملك الحقيقية، حين يصدر أوامره ومن اجل ذلك لن يجرؤ احد، على اعتراض طريقه السّري.. ويلزم أن يكون للملك عقل قادر على تنفيذ خططنا، ولذلك لن يعتلي العرش قبل ان يتأكد حكماؤنا من قوته العقلية.. ولكي يكون الملك محبوبا ومعظما من كل رعاياه، يجب ان يخاطبهم علانية مرات كثيرة، فمثل هذا الطريق، ستجعل القوّتين في وفاق تامّ.
وأعني بالقوتين: قوة الشعب، وقوة الملك اللّتين فصلنا بينهما في البلاد الأمميّة «غير اليهودية»، بإبقاء كل منهما في خوف دائم من الاخرى.
ولقد كان لزاما علينا ان نبقي كلتا القوتين في خوف من الأخرى، لأنهما عندما انفصلتا وقعتا في أيدينا. وعلى ملك اسرائيل ان لا يقع فريسة لأهوائه الشخصية ولاسيما الشهوانية.. منها.. إن قطب العالم، في شخص الحاكم العالمي، الخارج من بذرة اسرائيل، ليطرح بعيدا، كل الاهواء الشخصية، من أجل مصلحة شعبه )وقّعه ممثلو صهيون من الدرجة 33 ص 205 ـ 207(.
والدرجة 33 هي أرقى درجة في الماسونية، كما ذكر الدكتور الزّعبي في تجربته في الماسونية بعد ان خرج منها، وحاولوا قتله.
إنها مخططات شيطانية، يضحوّن في سبيلها بكل شيء، وليس من المستبعد أن مثل شنّ الوزيرة الصهيونية والحاخام الهجوم على سياسة الجيش الصهيوني القمعيّة ضد الشعب الفلسطيني، ان ذلك من باب ذرّ الرماد في العيون فقط..
لكن الله سبحانه اذا قدر شيئا ضدّهم، هيأ أسبابه، وعلينا معاشر المسلمين، حتى نستحق دفاع الله عنا، ان نكون مؤمنين حقا، معتمدين عليه ومتوكلين عليه، ومؤدّين فرائضه علينا كاملة غير نا قصة. «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين» )الأنفال 30(.
مقتل جرجَير
كان جرجير ملك أفريقيا كلها قد أعد جيشا قوامه 120 الفاً لقتال المسلمين وعددهم قليل: وبرز في مكان ومعه ابنته ومعها 40 جارية في الحلي والحلل من اجمل ما يكون، وجمع فرسانه وقال لهم: من قتل عبدالله بن سعد القائد المسلم، زوجته ابنتي هذه، وأعطيه ما معها من الجواري والنّعم، وأعلي منزلته عندي، فلما بلغ ذلك عبدالله بن سعد، نادى في عسكره وقال: من قتل جرجير نفلته ابنته وجواريها.. فالتقى الجمعان واشتعلت نار الحرب.. فأشكل الامر على القائد عبدالله بن سعد.
قال عبدالله بن الزبير، وكان مع الجيش فرأيت عورة من جرجير، والناس على مصافّهم، رأيته على برذون أشهب، خلف أصحابه، منقطعا عنهم، معه جاريتان له تظلاّنه من الشمس بريش الطّواويس، فأتيت فسطاط عبدالله بن سعد، فطلبت الإذن عليه، فقال لي حاجبه: دعه فإنه يفكر في شأنكم، ولو اتّجه له رأي، لدعا بالناس، فقلت: إني محتاج إليه، لمذاكرته. قال له: أمرني ان احبس الناس عنه، حتى يدعوني، قال عبدالله: فدرت حتى كنت وراء الفسطاط، فرأى وجهي، فأومأ إليّ أن تعال.
فدخلت عليه، وهو مستلقٍ على فراشه، فقال: ما جاء بك يا ابن الزبير؟. فقلت: رأيت عورة من عدوّنا، فرجوت ان تكون فرصة هيأها الله لنا، وخشيت الفوت.. فقام من فوره، وخرج حتى رأى ما رأيت، فقال: أيها الناس، انتدبوا مع ابن الزبير، الى عدوكم، فتسرع إليّ جماعة، اخترت منهم ثلاثين فارساً، فقلت: إنى حامل فاصرفوا عن ظهري من أرادني فإنى سأكفيكم من أمامي إن شاء الله.
قال عبدالله: فحملت في الوجه الذي هو فيه، وذبّ عني الناسُ، الذين انتدبوا معي، واتبعوني حتى خرقت صفوفهم الى ارض خالية، فضاء بيني وبينهم، فوالله ما حسب إلاّ أني رسول اليه، حتى رأني ما برحت أثر السلاح، فقدّ رآني هارب اليه، فلما ادركته طعنته، فسقط: فرميت نفسي عليه، وألقت جاريتاه عليه أنفسهما، فقطعت يد احداهما، وأجهزت عليه، ورفعت رأسه على رمحي، وصال أصحابه، وحمل المسلمون في ناحيتي وكبروا..
فانهزم الروم، وقتلهم المسلمون كيف شاؤوا، وثارت الكمائن من كل جهة ومكان، وسبقت خيول المسلمين ورجالهم، الى حصن سبيطلة فمنعوهم من دخوله، وركبهم المسلمون يمينا وشمالا، في السهل والوعر، فقتلوا انجادهم وفرسانهم، واكثروا فيهم الاساري، حتى لقد كنت أرى في موضع واحد اكثر من الف أسير.
وذكر أشياخ من أهل افريقية، أن ابنة جرجير، لما قتل أبوها، تنازع الناس في قتله، وهي ناظرة اليهم، فقالت: مالي أرى العرب يتنازعون؟ فقيل لها: من قتل أبيك.. فقالت لقد رأيت الذي أدرك أبي فقتله. فقال لها: الأمير عبدالله بن سعد: هل تعرفينه؟ قالت: إذا رأيته عرفته فمرّ الناس بين يديها، حتى مرّ عبدالله بن الزبير فقالت: هذا هو الذي قتل أبي. فقال له عبدالله: لم كتمتنا قتلك إياه؟ فقال ابن الزبير: علمه الذي قتلته من أجله )البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب لابن عذارى 1: 11 ـ 12(.
|
|
|
|
|