| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
بعد التحية:
قد يتبادر إلى ذهن قارىء العنوان أنني سأتحدث عن موضوع من مواضيع الجغرافيا البشرية أو السكانية وعن عددنا وتوزيعنا على خريطة السكان بين شعوب خلق الله الذين يقطنون هذه المعمورة، والحقيقة انني أقصد ذلك المشروع العلمي الجبار الذي أعلن عنه مؤخراً وهو ما يعرف بمشروع الجينوم الوراثي Human Genome Projectفهل سمعتم عنه؟ إنه مشروع يهدف إلى قراءة خريطة البشر الوراثية وسأحدثكم عنه قليلاً.
في يوم الاثنين الموافق 26 مايو 2000 أعلن العلماء عن تفاصيل الخريطة الجينية للإنسان أو ما يعرف بمشروع الجينوم البشري، وهو حدث علمي فريد دفع كلاً من الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير للاشتراك في الإعلان عنه، وقد شبهه الكثيرون باكتشاف المجهر الضوئي أو بنزول الإنسان على سطح القمر وما تبعهما من اكتشافات وتطورات علمية متسارعة دفعت عجلة التطور والمعرفة الإنسانية دفعة هائلة بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية.
والهدف من قراءة الخريطة البشرية هو فك الشفرة الوراثية أي معرفة مواقع الجينات وتتابعها حتى يمكن فهم بيولوجية الإنسان،
حيث ان هذه الجينات التي كشف المشروع أن عددها يبلغ نحو 30 ألفا وهو على عكس توقعات العلماء مسبقاً حيث كان من المتوقع أن عددها يقارب ال 100 ألف جين،
هذه الجينات هي الحاملة للصفات الوراثية للإنسان جميعها فبمعرفتها سيمكن تحديد تلك المسؤولة عن كثير من الأمراض كالسرطان والسكر وأمراض القلب والأمراض العقلية والنفسية وبالتالي علاجها للقضاء نهائيا عليها،
وبمعرفة هذه الجينات يمكن التحكم في كثير من صفات الإنسان وشكله وبالتالي قد يكون من الممكن بأمر الله تعالى التحكم في طول الإنسان ولونه وبلوغه وشيخوخته.. وغيرها من الصفات البشرية.
فمع هذا الاكتشاف وما سيعقبه من دراسات وتطبيقات وأبحاث مستقبلية قد لا يكون غريباً بأمر الله عز وجل أن يأتي الأبوان يوماً ما لطلب الكتلوج البشري ليختارا منه مواصفات ابنهما القادم من حيث الطول والقصر ولون البشرة والعيون ونعومة الشعر ومستوى الذكاء والهدوء والرزانة... إلخ!!!
إن العالم الغربي يقف بكل طاقاته مع هذا المشروع على كافة الأصعدة حكومات ورؤساء وقطاع خاص وجامعات ومراكز أبحاث، بل إنه وحّد جهود دول كثيرة من الغرب والشرق لا يجمع بينها إلا إطار المصلحة واقتناص الفرص وهم على أحر من الجمر في أن يؤتي هذا المشروع أكله قريباً لكي يحصدوا من نتائجه الخير الوفير ولكي يبقوا أنفسهم في صدارة الأمم في ظل نظام الغاب الجديد.
أما نحن فما زلنا نقف موقف المندهش المصدق وغير المصدق لما يحدث هناك،
ويبدو أنه كما فاتتنا قطارات كثيرة في ميادين العلم والقوة أرضاً وبحراً وجواً فإن قطار علوم الوراثة وما سيحدثه من نقلة مذهلة للبشر سيفوتنا وأمرنا لله؟! فما هو موقعنا من الخريطة البشرية الوراثية والعلمية والثقافية والاقتصادية و... و... والسلام ختام.
أحمد أبو عمرو الغامدي
محاضر بقسم العلوم/
كلية المعلمين بحائل
|
|
|
|
|