| الاقتصادية
أصبحت صناعة السياحة باليوم على مستوى العالم تضارع العديد من الصناعات ذات التاريخ العريق فحجم رؤوس الأموال المستثمرة فيها عالميا تجاوز ال500 بليون دولار، كما ان دولا عديدة باتت تعتمد اكثر فأكثر على زيادة مداخيلها القومية نظير ترقية الاهتمام بهذه الصناعة المهمة والمتسارعة الخطى لجهة تفعيل آليات النهوض بمستلزماتها،
ان الطرق التقليدية المتبعة في مجال التجارة والصناعة على المستويين الاقليمي والدولي، اصبحت محل نظر كثير من المؤسسات والشركات العاملة فيها، مما مهد الطريق واسعاً أمام الاقتصاد الرقمي الحديث، واقتصاد الخدمات الذي يتطلب بنيات أساسية من نوع خاص،
والمملكة العربية السعودية وهي تسعى - في نفرة شاملة - لمواكبة التطورات الهائلة في المجال الاقتصادي والصناعي، وبفضل الرعاية الكريمة والاهتمام الكبير من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - يحفظهم الله جميعا-، والمتمثل بالقرارات الاقتصادية المتتابعة التي من شأنها تهيئة المناخ الاستثماري أمام المواطن والاجنبي في كثير من المجالات الي جانب حزمة أخرى من الإصلاحات الهيكلية والقانونية التي تدعم جهود المملكة في الانضام الى منظمة التجارة العالمية، كل تلك المهام الكبيرة يدعمها اقتصاد ناهض وإرادة صلبة وقطاع خاص مؤهل ومقتدر مما عزز من الثقة المتصاعدة بأن قطاع السياحة الداخلية في المملكة سيكون له النصيب الأوفر في الاستثمارات المحلية والاجنبية،
إن إنشاء الهيئة العليا للسياحة، يعد خطوة فارقة في نقل صناعة السياحة في المملكة من المستثمرين الأفراد الى المؤسسات الفاعلة التي تعتمد طرقا مناهجية وتخطيطية عميقة وعصرية تسهم بتنمية هذا القطاع وترقية ادائه، والأمير الشاب سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز ورجال إدارته هم خير من يقوم بهذه المهمة العسيرة، فالمرتكزات التي ينطلقون منها، ، والأهداف التي يتوخونها تعزز الاتجاه القائل بان السياحة الداخلية ستحقق بإذن الله الطفرة الثانية لاقتصاد المملكة ويجيء تشكيل المجموعات الاستشارية لبرامج الهيئة العليا للسياحة ليعطي دفعة مهمة في إطار التخطيط الواعي والعلمي للسياحة الداخلية،
ونحن في المملكة نستمتع - ولله الحمد- بجغرافية مناخية متميزة فالسواحل المطلة على البحر الأحمر والخليج العربي، والطبيعة الصحراوية في الربع الخالي، اضافة الى ما تتمتع به كثير من مدن المملكة من مناخ معتدل صيفا تمثل في تكاملها مناطق جذب سياحي سواء داخليا او خارجيا، تتعزز مع عوامل الاستقرار الأمني والسياسي وتوفر المعينات الأخري من مواصلات واتصالات وخدمات فندقية ومصرفية على ارقى المستويات العالمية،
في جانب آخر فإن الاماكن المقدسة في المملكة والتي تهفو اليها قلوب المسلمين من شتي بقاع العالم، هي أداة أخرى للتعريف الثقافي والسياحي فضلا عن الديني في المملكة - قلب العالم الإسلامي النابض- ومن شأن ذلك ايضا ان يسهم بنقل الداخل السعودي الإسلامي الى الخارج الإنساني،
إن الاقتصاد الكلي في منحناه النهائي عبارة عن مصادر دخل متنوعة، ومن المعلوم ان البترول يكون النسبة العظمى من مصدر الدخل الوطني في المملكة، ونظراً للتذبذب في الاسعارل العالمية للنفط، فإن الحاجة تصبح ماسة للمضي قدما في توسيع دائرة البدائل الاقتصادية الأخرى، وبما ان السياحة اليوم من الاقتصاديات المتجددة فان فرصتنا كبيرة في احداث نقلة نوعية وكمية في هذا القطاع،
ولن تتم تلك النقلة إلا في ظل تناغم أدوار كل الأطراف ذات الصلة، فالجهات المسؤولة كافة «وزارة الداخلية والهيئة العليا للسياحة ووسائل الإعلام ووزارة التجارة والغرفة التجارية ولجان التنشيط السياحي وغيرها»، ، يجب أن تكون فيما بينها فريق عمل استثنائياً ليقوم بالترويج للسياحة الداخلية وفق منهج صارم ودقيق،
وفي ظل تلك التطورات الايجابية، فإن الأمل يحدونا أن نري قريبا - وبدوافع موضوعية وذاتية - قوافل المسافرين تشد الرحال الى مدن المملكة التي تزينت وتهيأت على اجلى حالة، لاستقبال ضيوفها، على انني أرى ثمة بوادر تبرر ثقتي بأن الطفرة الثانية قادمة،
* رئيس الغرفة التجارية الصناعية بالرياض
|
|
|
|
|