أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 19th June,2001 العدد:10491الطبعةالاولـي الثلاثاء 27 ,ربيع الاول 1422

عزيزتـي الجزيرة

شرعية الأنظمة التي يراد منها التطبيق
سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن من أهم الواجبات التي أمرت الشريعة الإسلامية بها طاعة الله تعالى في ما أمر إلى جانب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم طاعة ولاة الأمر في ما لا يخالف طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا من الأمور المقررة والمعروفة لدى عامة المسلمين وهذه قاعدة من قواعد الدين تخرج من الملة من لم يعتقد بها. وطاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم تتمثل في الأوامر والنواهي التي جاء النص عليها في القرآن الكريم أو سنة الرسول صلى الله عليه وسلم سواء كان لها عقوبة دنيوية كالقتل والسرقة والزنا والقذف وشرب الخمر وغيرها من جرائم الحدود أم لم يكن لها عقوبة دنيوية قضائية كعقوق الوالدين وأكل مال اليتيم وقطع الأرحام وغيرها من الذنوب والمعاصي التي ليس فيها حد دنيوي بل عقوبتها عند الله تعالى يوم تجتمع الخصوم.
أما طاعة ولي الأمر فتكون في باب تدبيره لشئون الأمة بما يصلحها ويتفق مع روح الشريعة الإسلامية وهذا ما يعرف بالسياسة الشرعية والتي عرَّفها أحد العلماء السابقين وهو ابن عقيل بقوله: هي كل فعل يكون الناس به أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم ينزل به قرآن ولا نطق به الرسول صلى الله عليه وسلم أ.ه.
وهذه الأنظمة والأحكام والأوامر التي يصدرها ولي الأمر بما يصلح الأمة هي السياسة الشرعية وهي أحكام من شأنها التغيُّر واختلاف الزمان والمكان وأحوال الناس، فيجوز لولي الأمر- مثلاً- منع المباح أو تقييده أو تنظيمه إذا كان بقاء المباح على الإباحة المطلقة يفضي إلى مفسدة، ويجب شرعا طاعة ولي الأمر في ذلك ومعصيته معصية لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم. وكذلك عموم الأنظمة التي يصدرها ولي الأمر لتدبير وإصلاح شئون الناس حيث إنه من المتفق عليه بين أهل العلم أن الالتزام بما يصدره ولي الأمر بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد ولا يخالف النصوص والإجماع واجب.
فيجب العمل بهذه الأنظمة والتي تكون اكتسبت الشرعية بعد صدورها من ولي الأمر، ومن هذا المنطلق اعتبرت هيئة كبار العلماء اتباع الإجراءات التي أصدرها ولي الأمر لازمة شرعاً لثبوت الجرائم وتقرير عقابها كما في قرارها رقم 148 وتاريخ 12/1/1409ه.
فالإجراءات التي نُص عليها في نظام: «تنظيم الأعمال الإدارية في الدوائر الشرعية» والتي أصدرها ولي الأمر اعتبرتها هيئة كبار العلماء لازمة شرعاً، لذلك فإن نظام المرافعات الذي سيحل مكانه يكون لازما شرعا قياسا عليه لأن كلا هذين النظامين أصدرهما ولي الأمر من باب السياسة الشرعية والتي تقدم أن من شأنها ألا تبقى على وجه واحد بل هي تتغير بتغيُّر الزمان والمكان وأحوال الناس. إذن نظام المرافعات نظام شرعي ويجب العمل به طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ونص مادته الأولى تقول: «تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وفقا لما دل عليه الكتاب والسنة وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة وتتقيد في إجراءات نظرها بما ورد في هذا النظام». على هذا فالنظام ترك القاضي يحكم وفق اجتهاده بما يوافق أحكام الشريعة الإسلامية وفقا لما دل عليه الكتاب والسنة وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة. «كما هو نص المادة 48 من النظام الأساسي للحكم في المملكة». فهذا النظام إنما يختص بالإجراءات الواجب اتباعها في نظر القضايا في المحاكم، وهذا من السياسة الشرعية الواجبة الاتباع من العموم.
يقول ابن خلدون: «إن التهم التي تعرض في الجرائم لا نظر للمشرع إلا في استيفائها، وللسياسة النظر في موجباتها» أ.ه. فالله جل جلاله أوجب الأحكام الشرعية كالحدود لكنه سبحانه لم يحدد الإجراءات التي يتم بها ذلك بل ترك هذه المسائل لولي الأمر ينظمها بما يراه محققاً للصالح العام، ونظام المرافعات من هذا القبيل.
ومن المتفق عليه أنه إذا تفشى نوع من الجرائم بين الناس وكثر مرتكبوه وكانت عقوبة ذلك النوع من الجرائم ترجع لاجتهاد القاضي فلا مانع من تدخل ولي الأمر بتقنين الأحكام في ذلك النوع من الجرائم كنظام مكافحة الرشوة وعقوبات جرائم المخدرات .. الخ لضمان العدالة والمساواة بين الجناة في العقوبة. والأصل العام أن الحكم الذي يوافق أحكام الشريعة الإسلامية هو حكم الله تعالى أيا كانت الجهة التي أصدرته أو حكمت به، وأن الحكم الذي يخالف أحكام الشريعة الإسلامية هو حكم بالطاغوت أيا كانت الجهة التي أصدرته فمناط الأمر كله هو موافقة الحكم القضائي لأحكام الشريعة من عدمه. قال الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى : )كثيراً ما يصدر الحكم من القاضي الذي يقول إنه يقضي بالشريعة ثم يكون الحكم في واد وهو في واد، فمن كان فعل ذلك عن علم بالخطأ وتعمد للباطل فالموعد النار، ومن كان فعل ذلك بعد اجتهاد لكن عميت عليه وجوه إصابة الحق فقد قال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر»( أ.ه.
عموماً جميع الأنظمة التي يصدرها ولي الأمر واجبة الاتباع طالما كان يحكمها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد نصت المادة السابعة من النظام الأساسي للحكم على أنه:
«يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة».
بعد كل ما تقدم فإنه لا يجوز لأحد كائنا من كان مخالفة أنظمة ولاة الأمر ويجب على كل مسلم أيا كان مركزه العمل بها والرضا بها، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
عبدالله بن صالح الجربوع
الرياض

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved