| الاخيــرة
بعد انتهاء زيارته للقاهرة والتي أشرت إليها في المقال السابق استقل طائرته من القاهرة متوجهاً إلى الرباط للمشاركة في )القمة العربية الثالثة(. بالدار البيضاء من 17 21 جمادى الأولى 1385ه.
رافقنا نحن الصحفيين، جلالته في هذه الرحلة كما في رحلته إلى القاهرة. لم يكن هناك حشد كبير من المسئولين الكبار في تلك الرحلة. ولم يكن فيها ما يثير فضول الصحفيين.
أعجب ما لاحظته أنه جلس في كرسي منتصف الطائرة لا حاجز بينه وبين الراكبين، ولم أشاهده تحرك من كرسيه مدة الرحلة التي تجاوزت )6( ساعات متواصلة. عجبت لجلده وقوة تحمله. وحتى الالتفات لم أشاهده التفت الا عندما حاذينا )جبل كلمنجارو( أطول جبل في أفريقيا )6000( قدم ويطل على حدود ثلاث دول هي تنزانيا، أوغندا، كينيا. وهو جبل معمم بالبياض الثلجي طيلة أيام السنة. قال قائد الطائرة )ممكن لجلالتكم النظر إلى جهة اليسار لمشاهدة جبل كلمنجارو، فالتفت ينظر إليه ولم يزد على قول: )سبحان الخلاق العظيم(. عقدت اجتماعات القمة في قاعة قصر لأحد )يهود( المغرب، كانت في نظرنا يومذاك أجمل قاعة شاهدناها .. ومازلت أذكر أن سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز خرج من القاعة يتمشى فترة الاستراحة .. سلمت عليه، سألني عساكم مرتاحين؟ قلت: جداً برفقة والدنا الفيصل وسموكم. سألني ماذا أعجبك هنا؟ قلت هذه القاعة. قال: ان شاء الله بعد سنة أو سنتين سترى ما هو أجمل منها عندك في الرياض.. قلت تقولون وتفعلون..
ولقد أنجز حر ما وعد فقد بنيت قاعة الملك فيصل الدولية في الرياض وهي من أكبر وأجمل القاعات المماثلة لها في )الشرق العربي(.
أثناء وجودنا نحن الصحفيين السعوديين في الدار البيضاء وجهت لنا الحكومة المغربية دعوة لزيارة المغرب بعد انتهاء مؤتمر القمة.
فاجتمعنا فيما بيننا وقررنا ان ينوب عنا اثنان يذهبان إلى الملك فيصل للاستئذان في تلبية الدعوة أو عدم ذلك.
وقد اختار الزملاء كلا من: الأستاذ عبدالمجيد شبكشي رئيس تحرير جريدة )البلاد( عن الصحفيين في المنطقة الغربية. وكاتب هذا الكلام، نيابة عن صحفيي المنطقة الوسطى والشرقية.
ذهبنا نحن الاثنين إلى )فندق المنصور( حيث يسكن الملوك والرؤساء والأمراء العرب. سلمنا على الملك فيصل الذي لم يكن في مجلسه تلك الساعة سوى معالي محمد النويصر والدكتور رشاد فرعون فقط.
طلب لنا القهوة وقال )تبون قدوع تمر؟( قلنا : لا وشكراً.. مع أن أمعاءنا تقرقر شوقاً إلى التمر الذي فقدناه لأكثر من أسبوع. ولكن مهابة الملك وحياءنا منعنا منه.
التفت إلينا بكلية حديثه.. ومما أذكر من تعليقاته السياسية قوله:
«أنتم أسعد منا تروحون وتجون بحريتكم وحنا محشورين في القاعة وحتى الطريق إليها مسدود بالعساكر كل ما بين عسكري وعسكري عسكري..
واذا كان بعض الناس يعجبهم هذا )اشارة إلى جمال عبدالناصر( فحنا وش ذنبنا..؟».
ومن هذه المداعبة السياسية الجادة انتقل رحمه الله إلى المداعبة الاجتماعية. قال «أنتم ألقاكم قد تمشيتم واشتريتم هدايا لأهلكم. وأنا والله ان قروشي في مخباتي إلى هالحين ما اشتريت هدايا لأهلي..»! فكانت هذه الدعابة اللطيفة هي ختام جلستنا معه بعد أن ذكرنا له دعوة الحكومة المغربية لنا لزيارة المغرب، وقد وافق عليها.
ولما نزلنا من المصعد إلى الدور الأرضي قال لي الأستاذ عبدالمجيد شبكشي رحمه الله يا أخويا يا عبدالله ليش ما قلنا له أعطنا قروشك وحنا نقضي بها نيابة عنك..؟ قلت والله فاتت علينا هذه المداعبة.. مع أنه سيرد علينا بمداعبة أذكى من مداعبتنا رحمه الله رحمة الأبرار.
رؤساء التحرير يومذاك هم الأساتذة عبدالمجيد شبكشي، حامد مطاوع، عبدالله خياط، عبدالقادر العلاقي، عمران العمران، خليل الفزيع، وكاتب هذه السطور.
|
|
|
|
|