أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 19th June,2001 العدد:10491الطبعةالاولـي الثلاثاء 27 ,ربيع الاول 1422

محليــات

لما هو آت
متى يقف الزحف
د. خيرية إبراهيم السقاف
يبدو أن «للمصطلحات» مواسم... تنافس مصطلحات المواسم الطبيعية...، فالإنسان الذي نشأ يردد: الصيف، الشتاء، الربيع، الخريف، الليل، النهار،... و... و... ويخرِّج لكل موسم مصطلح المصطلح: برودة، حرارة، منخفضاً، مرتفعاً، عاصفاً، زمهريرياً، قائظاً، شديداً... هائجاً، هادئاً،... ملَّ من تكرار ما ألفه فأخذ مع تبدلات الحياة من حوله، وتغيراتها، وطوارئها، ومخرجاتها، ومعطياتها يضيف مصطلحات تتماثل مع هذه الاضافات والمتغيرات.
هذا الانسان لم يقتصر على ما تولِّده حياته من مستحدثات بلغته الأم، بل أصبح يستورد المصطلحات في مناهجها ليست «المحلية»، ويمارس التعامل معها وفق ما ترده بكلَّها أي: بقضَّها: وقضيضها: ولاننسى مصطلح «انسمستر» أي: الفصل الدراسي الذي ورد لنظام التعليم الجامعي لدينا بنقل النظام الامريكي في الدراسة لجامعاتنا التي كانت في هدوء تمرر عاماً دراسياً يتلقى فيه طالب الجامعة الدرس عن أساتذة محدودين ومحدودي العدد لمقررات لا تزيد عن تسع في كل عام دراسي، توزع الدرجات على امتحانين خلال العام والأخير يعقد في نهاية العام الدراسي وعندما يخفق الطالب في بعضها يعقد له دور ثانٍ وهكذا... فانقلب على الدارسين ظهر المجن النظامي في الجامعة، ولهث الجميع يبحثون عن «المرشد» الطلابي وهم بعد لم يتأقلموا مع «مصطلح» المرشد )Adviser(، وعرفوا كيف يختارون المقرر في الوقت الذي يشاءون لكنهم لم يتمكنوا من هذه الحرية كما هي متاحة للنظام في مفهومه ومصطلحه، لأن عدد الأساتذة المختصين لا يؤهل الجامعة بطرح عدد كاف من الشعب لكل مقرر بحيث يتمكن الطالب من حرية الاختيار، واختلطت المفاهيم، وعوملت المصطلحات الخاصة بهذا النظام ورقياً لا عمليا، وشفاهة لا تنفيذاً ذلك لأن استيراد «المصطلح» ليس كفيلاً بتحقيق متطلباته وتنفيذ مفهومه ما لم توجد له المناخات كاملة وعلى أدق الأوجه وأيسر السبل واكثرها قدرة على تنفيذه لتحقيق الهدف منه... وقياساً على ذلك وردت كثير من المصطلحات في سوق العمل، والادارة، والتجارة الحرة، والبنوك )المال والاقتصاد( بل «الثقافة» والفكر، والفن والابداع، واستخدمها الناس وهم لن يتفاعلوا مع مفاهيمها الدقيقة، ولم يقننوها كي تتناسب أو تتمشَّى مع الواقع والبيئة والخلفية القيمية في معنويها وماديها في المجتمع، لذلك فشلت «المصطلحات» في استتبات بيئة أو في الاستنبات داخل البيئة حيث لا تحيا شجرة في غير تربتها..
وتراجع النظام الجامعي...
وتراجعت كثير من المصطلحات، وعُلِّق بعضها دون تنفيذ...
و... ماذا حدث الآن مع مصطلح التنمية؟!
ألم يدرك القوم بأن التنمية عندما وردت إلى المجتمع العربي الإسلامي في مصطلحها الغربي بجانبها المادي أنها «مهلكة» تقضى في جذور وثوابت هذه المجتمعات بما يمس منها القيم العقدية والخلقية والسلوكية ويستنزف الكثير من جوانبها الايجابية في صالح سياسات الغرب الذي «همَّه الأكبر» تقويض أي شعلة ضوء في كوكبة هذا المجتمع العربي بمجتمعاته الصغيرة النورانية؟!
ألم تحل الآلة بسلبيها، والتقنية بجبروتها، والفضائيات بعنفوانها كي تبدد الكثير من ثوابت وقيم هذا المجتمع وتدخل في أبنيته الدقيقة؟...
ألم يع القوم مثالب استخدام المصطلح في استهلاك غير مجدٍ؟!
وماذا بعد؟...
انشئت هذه الزٌّحومات للمصطلحات في كلَّ مرحلة وهي تهجم ثم تستقر ثم... ثم... في شكل مواسم لاتثبت في وصفها لأنها تستورد كما هي؟
ألا نحتاج مثل أي مجتمع واع إلى تشكيل حصانات ضد هجوم ما لايفيد واستخدام مايفيد في حدود ايجابيات المعطيات الحديثة؟!.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved