أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 19th June,2001 العدد:10491الطبعةالاولـي الثلاثاء 27 ,ربيع الاول 1422

مقـالات

مركاز
الوازع الديني
حسين علي حسين
حتى الآن لا ندري ما هو السبب في أن يقدم سائق منزل أو عامل في ورشة أو عاملة منزلية على الانتحار؟ سواء بإلقاء أنفسهم من علو أو بالشنق أو بالسم، أو بغير ذلك من الأساليب التي تنقل الإنسان من الحياة إلى الموت، لكن المؤكد أن هناك أسبابا كثيرة وليس سببا واحدا، فلا يوجد إنسان لايحب الحياة، وبالذات إذا كان هذا الإنسان لديه أمل دائم في حياة أفضل، مثل هؤلاء ينطبق عليهم هذا الشرط، فكيف يلقون بأنفسهم إلى التهلكة، وهم في غربة اختاروها بحثا عن تحقيق كل ما يطمحون إليه من استقرار أسري واجتماعي، وقد كلفتهم هذه الغربة - لكي تتحقق - الكثير من التضحيات، فالخادمة أو عاملة المنزل غالبا ما تترك وراءها أطفالا وزوجا، وربما ضحت بعمل يحقق لها دخلا معقولا في بلادها، أما سائق المنزل أو من في حكمه، فقد يرهن منزله الصغير أو يبيع بعض مواشي العائلة، لكي يؤمن رسوم السفر وإتاوة مكاتب الاستقدام، كل هذه التضحيات وغيرها كثير، يقدمها هذا الوافد البائس القادم من على بعد آلاف الأميال، لكي يأخذ راتبا لا يزيد ربما عن السبعمائة ريال في الشهر، بل ان بعضهم تتراوح رواتبهم بين الـ 400 و 500 ريال في الشهر، وبعض هؤلاء لا يأخذون رواتبهم لشهور متتالية، وبعضهم يعيشون في ظروف سيئة، بل إن بعضهم يحشرون في علب رديئة التهوية نطلق عليها تجاوزا لفظ السكن، إن أي واحد من هؤلاء جاء إلى هنا وهو يعرف أنه سوف يتعب ويعاني ويتألم، يعرف أنه سوف يفتقد صوت أطفاله وطيف أمه أو زوجته، لكن الغد بكل ما فيه من غموض وأحلام، يجعل الواحد من هؤلاء يتحمل الحياة، لكن أي كائن لديه قدرة على درجة معينة من الاحتمال ثم ينفجر كالبركان إذا كان قويا وشرسا، ليحرق نفسه ومن حوله، أما الإنسان البائس، فإنه يضحي بنفسه، وبصمت دون أن يترك خلفه أي أدلة تدين من دفعوه إلى الإقدام على ما أقدم عليه!
لقد قرأت تحقيقا صحفيا حول انتحار بعض عاملات المنازل في جدة، وجاءت إجابات أرباب المنازل، تعليقا على انتحار هؤلاء العاملات بأن سبب إقدامهن على الانتحار يدل على فقدان الوازع الديني.. حسنا، إن فقدان الوازع الديني الذي يجعل إنسانا بائسا يقدم على التخلص من نفسه، هو نفسه الذي يجعل مواطنا يستخدم هذه الكائنات البائسة، لساعات طويلة في اليوم، أولا يقدم لها الرعاية في العلاج والأكل والملبس والنوم، أو لا يقدم راتبه أو راتبها في الوقت المناسب!
لا أحد أيها السادة يختار تعاسته بنفسه، فلنفتش ونحقق في مثل هذه الحوادث جيدا ولنفرض جزاءات صارمة على كل مواطن لا يتقي الله في من يعمل لديه.
فاكس : 4533173

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved