| مقـالات
الأسرة نواة المجتمع، وهي العالم الصغير الذي يتربى داخله الأبناء، ويتلقون دروساً في كيفية مواجهة مصاعب الحياة ومشاكلها، ومثل هذا الأمر يتعلمه الأبناء من آبائهم بشكل خاص، لأن الأب هو القدوة الحسنة والمثل الأعلى للأبناء، يستمدون منه نظرته العميقة إلى الحياة وطريقة مواجهته لمشاكلها المتأزمة، فأمام كل عثرة يمكن أن تواجه الابن يجد الأب إلى جانبه يرشده إلى ما ينبغي عليه عمله، ولهذا يتوقع الأبناء أن يروا آباءهم إلى جانبهم دائماً، وكذلك الزوجة تحتاج أبداً إلى قلب زوجها الحنون، تلجأ إليه من صقيع الوحدة، وتتلمس لديه مشاعر الحب والرعاية الخالصة، والاهتمام الكبير، والإخلاص المتفاني لحياتهما الزوجية، تتوقع زوجاً يكون معها يداً بيد لتوجيه دفة الحياة إلى الاتجاه الصحيح، حتى تصل بالأبناء إلى بر الأمان، تتطلع إلى زوج يشاطرها مسؤولية بناء كيان الأسرة بقوة حبهما لإقامته على قواعد راسخة وأساس متين من الاحترام والثقة.
غير أن بعض الزوجات مع دخول الإنترنت إلى حياة أزواجهن وجدن أنفسهن أمام منزلق اجتماعي خطير، إذ صار الأزواج يقضون جل أوقاتهم في تصفح مواقع الإنترنت واستعاضوا بها عن مجالسة زوجاتهم، وعن قضاء أوقات أسرية حميمة في تبادل الأحاديث المختلفة التي تقرب بين أفراد الأسرة، ومناقشة شؤونها ومتطلباتها الضرورية متناسين المسؤوليات الجسيمة التي تقع على عاتقهم تجاه أفراد الأسرة وحاجة الأبناء إلى تواجد الآباء الدائم في حياتهم.
هذا الوضع الجديد الذي وجدت بعض الزوجات أنفسهن ينسقن إليه فجأة، قد ولد لديهن الإحساس بأنهن بلا أزواج تقريباً!!.. وصار يطلق عليهن مسمى «أرامل الإنترنت»!!
صارت الزوجة تشعر بالحزن المرير والكآبة القاتلة، والوحدة التي تهيمن بظلالها فوق سقف حياتها الزوجية بينما زوجها يكمن في الغرفة المجاورة وقد أغلق عليه بابها وغرق حتى أذنيه في هذا العالم الإنترنتي المتعب والمرهق للوقت والأعصاب والمستنزف للأموال، ولو كان ذلك الأنشغال في سبيل تحصيل علمي لهان الأمر على الزوجة المسكينة، ولتقبلت الأمر على مضض لأجل مستقبل زوجها العلمي، لكن أن يكون هذا الانشغال الدائم لمجرد التجوال بين المواقع بدون هدف أو غاية، مما يتسبب في ترك الزوج الكثير من واجباته الأسرية، وإرغام الزوجة على أن تتكفل بكافة متطلبات الأسرة ليزيد العبء على كاهلها، وربما استعانت بأهلها لتوفير احتياجات المنزل من المؤونة وسواها مما لا غنى لكل بيت عنه، ربما تكفلوا أيضاً بمشاويرها الخاصة وبمشاوير أبنائها، لأن الزوج منعزل في غرفته، مزروع في شاشة الكمبيوتر، أو أنه في الخارج يتنقل بين مقاهي الإنترنت، ومثل هذا الأمر إنما يدل على نقص الوعي لدى الزوج، وعدم إدراكه لدوره الحيوي والمهم في إدارة مسؤولية الأسرة، وعلى انه شخص غير مسؤول بدليل لا مبالاته بحجم الهم الذي كبل به عنق زوجته، والفراغ العاطفي والسلطوي الذي تركه في قلب زوجته ونفوس أبنائه.
ص.ب 101741 الرياض 11665
wialomair@yahoo.com
|
|
|
|
|