| مقـالات
ومن الواضح أن اليهود لم يناصبوا هتلر العداء إلا عندما قال بتميز العرق النازي.. بمعنى أنهم وجدوا أن هتلر اكتشف سراً خطيراً من شأنه أن يمكنه من بناء امبراطورية تعيق سعيهم لسرقة فلسطين - كانت أوغندا مرشحة لأن تكون وطنا قوميا لليهود قبل أن يستقر رأي الصهاينة والمستعمرين على سرقة واغتصاب فلسطين - وتقضي على حلمهم في وجود وطن وامبراطورويتهم المتمثلة في رؤوس الأموال. فقد استخدم هتلر سلاح العنصرية، وهو سلاحهم الأمر الذي سيخلق واقعا جديدا يصبح فيه النازي منافسا لليهودي في الشعور بتميز العنصر وتحقيق مكاسب جمة من وراء ذلك على حساب المكاسب التي يحققها اليهود الصهاينة بالأسلوب نفسه. ولا أجد أن هناك عاملا يدفع الأفراد للتكاتف والتضحية والصبر والفداء مثل عامل الدين وعامل الشعور بتميز العنصر، وقد جمع اليهود بين الاثنين واستخدموهما في آن واحد.
ولهذا وظف اليهود كل طاقاتهم العنصرية والدينية لدعم آلة الحرب ضد هتلر، لا لنصرة ودعم صمود الدول المعتدى عليها وإنما بدافع الرغبة في عدم تنامي العنصرية الجديدة وبالتالي وقوفها بقوة في وجه المخططات الصهيونية. وبالإضافة إلى ذلك وظف اليهود خبرتهم في الكذب فتفتقت عقولهم عن أسطورة الهوليكوست، التي تقول ان هتلر أقام أفرانا سرية ضخمة لحرق اليهود. وأنه قضى على الملايين منهم بواسطة تلك الأفران.. أسطورة جعلت معظم البشر يعتقدون أن ويلات الحرب العالمية الثانية كانت منصبة على اليهود وحدهم، وهذا أحد مكاسبهم الهامة من وراء اختلاقهم لأكذوبة الهوليكوست وادعائهم بوجود عداء للسامية في الغرب.
4ـ هل هناك مبررات موضوعية للشك في حدوث المحرقة )الهوليكوست(؟
- على الرغم من أن اليهود الصهاينة قد أجادوا حبك هذه الأكذوبة إلا أنها لاتخلو من ثغرات تثير عدداً من الأسئلة حول صحتها، ومنها:
أ ـ ما الذي يجبر هتلر على قتل اليهود سراً في الوقت الذي كان يرسل فيه مئات الطائرات يومياً لقصف أحياء مدينة لندن الآهلة بالسكان المدنيين دون أن يخشى أحداً وفي وقت كان يمكنه أن يقتل فيه عشرات الملايين من اليهود وغيرهم علانية وبوسائل أخرى أقل كلفة عليه وأوسع أثراً من أفران الهوليكوست.
بـ ـ بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وموت هتلر بقي كثير من قادة جيشه وأجهزة استخباراته على قيد الحياة ولم يعترف أحد منهم بوجود تلك الأفران ويرشد إلى مكانها، على الرغم من أن التحقيقات التي تعرضوا لها أسفرت عن اعترافهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية تفوق في خطورتها ونتائجها ما يدعيه اليهود من نتائج للمحرقة المزعومة. فهل كانوا يقوون على عدم الاعتراف بوجود هذه المحرقة وقد انتزعت منهم التحقيقات حتى أدق المعلومات عن تنظيم الجيش النازي وعن المنشآت وكل شيء له علاقة بالحرب النازية؟.
جـ ـ مثل تلك الأفران تتطلب آلات ذات تقنية عالية، وتحتاج إلى رسومات فنية ومخططات هندسية وحيز من الأرض الألمانية تقام عليه منشآت ضخمة تستوعب ملايين اليهود الذين زعم الصهاينة أن هتلر قبض عليهم وأحرقهم، ولابد أن تشغيل تلك المنشآت يحتاج إلى أيد عاملة كثيرة كما أن اليهود ليسوا بقرا حتى يمكن لشخص أن يسوق عددا كبيرا منها أمامه دون مقاومة أو تمنع، فذلك العدد المزعوم من ملايين اليهود يحتاج إلى عدد كبير من الرجال للقبض عليهم والتأكد من ديانتهم. ومن ثم الزج بهم في الأفران المزعومة.. فهل باستطاعة هتلر أن ينفذ كل هذه المهام بمفرده أو حتى ببضعة آلاف من رجاله؟
د ـ من المؤكد أنه ليس في استطاعة هتلر أن ينفذ كل تلك المهام بمفرده أو حتى ببضعة آلاف من رجاله.. لأن تنفيذها يحتاج إلى عشرات الألوف من العاملين فهل يخفى هذا العدد على قادة جيشه واستخباراته. أو حتى على الأفراد المدنيين من الشعب الألماني؟ وهاهم لم يؤكدوا شيئا عن وجود المحرقة. ولم تتمكن الأجهزة الصهيونية والغربية من تقديم ولو شخص واحد يثبت على وجه اليقين أنه رأى منشآت تلك المحرقة أو أنه عمل فيها.
هـ ـ بعد نهاية هتلر عُثر على وثائق ومصانع ومنشآت نازية في غاية السرية والخطورة.. ولم يكن من بينها ولو وثيقة أومنشأة واحدة تدل على أن النازيين قد أقاموا تلك المحرقة. وإذا افترضنا جدلا أنه توفر لجيش هتلر وأجهزة استخباراته قدرات خارقة ومتسع من الوقت لتدمير منشآت المحرقة المزعومة، وجمع الوثائق والسجلات الخاصة بها واتلافها فلماذا لم يدمروا ويتلفوا خلال الوقت نفسه غيرها من المنشآت والوثائق الأخطر؟.
و ـ لايستطيع أحد الافتراض بأن هتلر لم يترك أي أثر للمحرقة المزعومة، ذلك لأن القضاء بهذه الدقة الخارقة على الآلات والمنشآت. وعلى جميع الأشخاص المشتركين في تشييدها، والأشخاص المكلفين بتشغيلها، والقادة الذين أوكلت إليهم مهام الإشراف على سير العمل فيها وكذلك إتلاف ملايين الوثائق الخاصة بها وبمن أعدم فيها.. فوق قدرات الطبيعة البشرية، فهل هناك تفسير مقبول غير أن المحرقة أكذوبة اليهود الكبرى في العصر الحديث؟
ز ـ شغل السيد كورت فالدهايم منصب الأمين العام للأمم المتحدة في السبعينيات، وقد كشفت الأحداث والوثائق أنه تعرض للتهديد والابتزاز من قبل اليهود الصهاينة لأنه كان جنديا في جيش هتلر.. هددوه برفع دعوى عليه يتهمونه فيها بالعمل في المحرقة المزعومة إن هو سمح بمناقشة أو صياغة أي قرار يدين احتلال اسرائيل للأرض العربية أو يؤنبها على ممارستها ضد الشعب الفلسطيني، فأخنع الرجل طمعاً في المنصب، وعندما اقتربت فترة ولايته الأخيرة على الأمم المتحدة من نهايتها بدأ يسير في خط معتدل، ويظهر اقتناعه بعدالة المطالب العربية. ولولا الفيتو الأمريكي لكانت صدرت عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن في أواخر ولايته قرارات هامة لصالح العرب.. وأدرك اليهود الصهاينة أن تنفيذ تهديدهم في هذا الوقت لن يحقق لهم أي فائدة فالمدة المتبقية من ولايته أقصر مما يحتاجون إليه لتشويه سمعته واسقاطه وربما أنهم علموا بعزمه على ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية في بلاده )النمسا( فأخروا تنفيذ تهديدهم إلى أن يشرع في حملته الانتخابية حتى تكون ضربتهم له موجعة. وبالفعل شن الصهاينة حملتهم المسعورة على فالدهايم في ذروة التنافس على منصب رئيس الجمهورية النمساوية واتهموه بالعمل في المحرقة المزعومة وأمام الشعب النمساوي اعترف فالدهايم أنه عمل جنديا في جيش هتلر لكنه تحدى اسرائيل أن تقدم أي دليل يثبت مزاعمها، ولما فشلت اسرائيل في تقديم الدليل انتخب النمساويون فالدهايم رئيسا لهم، فهل كانت الصهيونية تسمح بهذه الهزيمة المخزية لو أنها تملك ولو أضعف الأدلة على صحة الهوليكوست؟
ح ـ شرعت اسرائيل في استنفار قواها للحيلولة دون انعقاد مؤتمر لبعض المثقفين العرب مؤخرا لأن ذلك المؤتمر كان مخصصا لمناقشة ومراجعة التاريخ اليهودي بما في ذلك قصة الهوليكوست فلماذا تعارض اسرائيل مراجعة تاريخها لو لم تكن تعلم علم اليقين أن ماضيها وحاضرها ومستقبلها قد بني على الكذب والنفاق والخداع وأن أمر ذلك سينكشف أمام كل باحث عن الحقيقة؟
ط ـ ماهي الطريقة الصحيحة التي يستطيع بواسطتها السياسيون والمثقفون العرب وغيرهم فضح خدعة المحرقة )الهوليكوست( وكشف زيفها مع عدم جرح مشاعر المجتمعات التي عانت من جرائم هتلر؟
يبدو أن بعض السياسيين والمثقفين العرب وغيرهم قد غفلوا عن الطريقة الصحيحة لمواجهة هذه الأكذوبة الصهيونية وبسبب هذه الغفلة وقعت الأمة العربية في مآزق سياسية وثقافية مخجلة وخلت ساحة النقاش والتنظير بشأنها للساسة والمثقفين الصهاينة.
فلقد استطاع الصهاينة بواسطة هذه الأكذوبة أن يجعلوا نهاية الحرب العالمية الثانية تصب في مصلحتهم تماما وأن يكونوا أكثر الرابحين من هذه الحرب أثناء اشتعالها وبعد توقفها، على الرغم من أنهم لم يعانوا من تلك الحرب النازية فضلا عن الإبادة المزعومة. ولقد روج الصهاينة لهذه الأكذوبة حتى أصبح اسم )الهوليكوست( مرادفا لاسم هتلر والنازية وأصبح التصديق بعنصرية وإجرام هتلر يمر عبر نفق التصديق بحدوث المحرقة. وغدا من يكذب بها كأنما يكذب أن هتلر عنصري ومجرم. وبالتالي فهو يقف ضد العالم ويكذبه أجمع، وكأنه أيضا يمجد هتلر نكاية بالغرب والشرق الأوروبي الذي عانى من جرائمه.. وهنا وقع العرب بخاصة في مآزق تاريخية وسياسية وثقافية حقيقية. وقصّر رواد الثقافة والفكر العربي في الاهتداء إلى المخرج الصحيح لأمتهم من هذه المآزق ويتمثل هذا المخرج في التفريق بين حقيقة أن هتلر عنصري ومجرم بحق الإنسانية وحقيقة أن المحرقة )الهوليكوست( ليست سوى أكذوبة صهيونية لخداع الغرب. واستدرار شفقته ومساعداته وابتزاز أمواله في التكفير عن ذنوب لم يقترفها ضد اليهود.
فالمجتمعات التي عانت من جرائم هتلر مازالت تحس بفداحة الخسائر التي تكبدتها بسبب عدوانه عليها، لذلك فهي حساسة جداً تجاه نفي صحة الهوليكوست لكون هذه المحرقة المزعومة قد تحولت إلى شتيمة لهتلر.. شتيمة بالغة الإهانة يجد فيها الأوروبي مايشفي غليله من هتلر، فالأوروبي والغربي بعامة إذا أراد لعن هتلر لعنه بالهوليكوست حتى وإن كانت لديه قناعة بعدم صحة وقوع هذه المحرقة.
والغربيون بدافع كرههم لهتلر - ولهم الحق في هذا الكره - يريدون المبالغة إلى أقصى حد ممكن في اتهامه بارتكاب أفظع الجرائم ولن يجدوا ماهو أفظع من هذه الكذبة الصهيونية.. لقد قدم لهم الصهاينة مادة فعالة لإهانة هتلر حيا وميتا. فقط يريدون الانتقام منه بأية وسيلة. ولو أن الفرنسيين أو الروس سبقوا اليهود الصهاينة واختلقوا قصة المحرقة المزعومة. وادعوا أنها وقعت ضدهم، لكان الغرب تبناها بالطريقة ذاتها والقوة نفسها. على الرغم من علمه بكذبها.
ولهذا فمن المهم أن يراعي الساسة والمثقفون العرب هذه الحساسية والسيكولوجية الغربية تجاه هتلر وأن يتبعوا أسلوباً حكيماً وذكياً لإقناع المجتمعات الأوروبية بأن العرب يكرهون هتلر أيضاً بسبب جرائمه ضد تلك المجتمعات. وأن ذلك النفي لايمس قناعة العرب بأن هتلر مجرم بحق الإنسانية، كما أن نفي العرب لحادثة الهوليكوست ليس نابعاً من فراغ ولا يقصد منه تحسين صورة هتلر، بل إن هناك أسباباً موضوعية تجعل العرب ينفون وقوع هذه المحرقة . ولايضير الغربيين شيئا انهم تخلوا عن تعصبهم وناقشوا تلك الأسباب وتفهموها، وأقل تلك الأسباب أنه لايوجد ولو دليل واحد على حدوث المحرقة المزعومة في حين توجد أدلة كثيرة على عدم حدوثها.
ومن المهم أيضاً أن يقتنع الغربيون أن العرب يبحثون عن الحقيقة لفضح المزاعم والخدع الصهيونية، فلقد دفع العرب ثمن هذه المحرقة كما لو أنها وقعت بالفعل، وكما لو أنهم هم الذين قاموا بها فالغرب يعوض الصهيونية من أرواح وأموال وأرض العرب عن خسارة مكذوبة وإذا كانت المجتمعات الأوروبية والغربية عموما تكره هتلر بسبب الحروب التي أشعلها ضدهم والجرائم التي ارتكبها بحقهم فإن العرب يكرهون الصهيونية للأسباب نفسها فكم من حرب أشعلتها ضد العرب؟ وكم من جريمة ارتكبتها بحقهم؟ وكم من أرض اغتصبتها عليهم؟
ولكي يتقن الساسة والمثقفون العرب فن هذا الأسلوب في التعامل مع خدعة الهوليكوست ويقاوموا بجدارة بقية المخططات الصهيونية العنصرية لابد لهم من إحداث نقلة فكرية خلاقة في فكر الأمة العربية. ولن تتحقق هذه النقلة إلا بتضافر وتناسق جهودهم وتأدية كل فريق للأدوار المنتظرة منه. فيبادر السياسيون إلى ردم الهوة التي تفصل بينهم وبين المثقفين من خلال استيعاب ممثلين لأولئك المثقفين في مراكز صنع القرار، وتنوير المراكز الاستشارية العليا بذوي الثقافات الأصيلة والوطنية المخلصة والفهم الصحيح لنوايا السياسات الاسرائيلية والغربية واشراكهم في تحمل المسؤولية عن مستقبل أمتهم. ويعمل المثقفون بدورهم من داخل السلطة وخارجها انطلاقا من حقيقة أن بناء المنزل لا يمكن أن يبدأ من سقفه وقياساً عليه فإن إصلاح حال الأمة العربية من النواحي السياسية والفكرية، والثقافية، والتشريعية، لايمكن أن يتحقق بقرارات سياسية بل من خلال انتاج المثقفين الموجه لتنوير أمتهم بشرط عدم وجود عوائق سياسية تحول دون وصول ذلك الانتاج في صورته الصحيحة إلى الأمة فصلاح حال الأمة وتطور ثقافتها من شأنه - حتماً - أن يؤدي إلى صلاح النظم وتطورها واكتسابها لمزيد من قدرات وفنون الممارسات الحضارية في الحكم وحفظ مصالح الأمة والدفاع عنها. وكل ذلك سيؤدي بدوره إلى رقي أمتنا وبالتالي تطور قدرتها المادية والمعنوية الضرورية للدفاع عن نظمها وكيانها في وجه الأطماع الصهيونية. وصدق رسول الهدى صلى الله عليه وسلم حين قال: «كيفما تكونوا يول عليكم».
ومما يعوز الأمة العربية لهزيمة الصهيونية في هذه المواجهة أن يولي السياسيون والمثقفون العرب جل اهتمامهم لإجراء الدراسات الجادة والعميقة عن التاريخ الصهيوني وتنظيم الندوات والمحاضرات والمناظرات العلمية داخل المجتمعات الغربية عن أكاذيب وافتراءات اليهود الصهاينة وتأهيل أعداد كافية من الباحثين ليصبحوا محترفين في استخدام المستويات المتقدمة من التحليل لفهم السياسات الصهيونية والغربية.
ويقع على عاتق الإعلاميين - بالاشتراك مع رجال الاستخبارات - دور بالغ الأهمية في هذه المواجهة، فبجهودهم المبنية علي الإدراك الصحيح للأهداف التي يراد تحقيقها ومعرفة سيكولوجية وفكر وثقافة المتلقي الغربي، وإجادة فن التعامل مع تقنية وسائل الاتصال .. يمكن رسم خطط لشن حملات ناجحة تهدف إلى التشهير بالعدو وكشف ألاعيبه، وتشكيل أطقم عمل مدربة تدريبا خاصا على تحليل التصريحات والحملات الإعلامية الصهيونية لتصميم وإطلاق التصريحات والحملات الإعلامية المضادة. ومن المهم ألا تفت الخلافات العربية من عضد الأمة أو توهن عزيمتها أو تصيب أبناءها بالإحباط فتلك الخلافات أمر متوقع بين واحد وعشرين نظاما على رقعة من الأرض متصلة أو متقاربة، وتحكم شعوباً تحمل إرثا ثقافياً لا يخلو من شوائب تتطلب تنقيته منها زمنا ليس بالقصير، وتتنازع السيطرة على هذه النظم وهذه الرقعة من الأرض قوى عظمى تملك من وسائل التهديد والتأثير الشيء الكثير، وتتعرض للعدوان الصهيوني ولمحاولاته الدنيئة لبث عوامل الخلاف فيما بينها بأساليب سياسية متطورة.
للتواصل الفكري: ص.ب 10810
الرمز البريدي 61321 - أبها
|
|
|
|
|