| مقـالات
نعمل كل يوم.. ننخرط في روتين العمل اليومي منذ ساعات الدوام الصباحي وحتى نهايات الساعة الأخيرة في تفكيرنا الرسمي.. فمتى نعود الى الأساسيات، ومتى نستعيد قيم المنشأة وننظر الى الأهداف الكبرى لطبيعة أعمالنا التي نتحرك فيها ومن خلالها.. نعمل ونعمل ونعمل على مستوى الساعة واليوم والشهر والعام دون أن يكون لنا توقف أمام حجم انجازنا أو مستوى نجاحنا.. نعمل ونعمل ونعمل دون أن نعود الى الوراء لنتحقق من الأهداف التي انطلقنا منها، أو القواعد التي تبنيناها وثيقة عمل ومستلهم توجيه.. هكذا نحن.. هكذا في إداراتنا الحكومية أو هيئاتنا الخاصة أو حتى على مستوى قرارات الأسرة والمجموعات الصغيرة.
نعرف أننا عندما تناط بنا مسألة أوأمر أو مهمة أو عمل معين نتمعن في معرفة الأهداف التي يتوقعها الدور أو الوظيفة أو المسؤول أو الجمهور العام منا.. وعادة تكون هذه التوقعات مكتوبة ومعلنة وأحيانا شفهية من أجل أن نحقق الهدف والدور المطلوب.. وفي بدايات أعمالنا ومسؤولياتنا نكون في أشد الحرص لقراءة كل ما هو مكتوب ومعلن وكل ما هو متوقع ومقترح علينا.. ولكن مع مرور الوقت وتداخل المسؤوليات وتحريك الأشخاص في دوائرنا ومحيط أعمالنا نكون ربما أول من ينسى هذه الأهداف وأول من يهمل مسألة التوقعات، وننخرط في دوامة العمل الروتيني الذي يقضي على كل ملامح الابداع التي يمكن ان نحققها وكل عناصر التفوق التي كنا نريدها في نطاقات أعمالنا ومسؤولياتنا..
إن العودة الى الأهداف هي في بالغ الأهمية التي نحتاجها بين الحين والآخر من أجل أن نصل الى بر الأمان ومرافئ الطمأنينة.. ولا شك أن نسيان الأهداف عمدا أو عن غير عمد والاخلال بتوقعات الدور قليلا أو كثيرا ينتج عنه إرباكا في المسؤولية وتراجعا عن هدف الطموح وخذلانا في مسؤوليات الوظيفة.. ومع تقادم المسافة بين خطوة البداية وخطوة الراهن البعيد نكون قد سجلنا خطوات متواضعة الى الأمام وخطوات مقلقة الى الخلف.. ونكون قد عدنا الى حيث بدأنا وقفزنا الى نقطة البداية.
الدخول الى عالم الأهداف هو قاعدة نجاح دائما تقيس لنا ما أنجزناه وتقيم لنا ما قطعناه من مسافات وأعمال..وربما تكون بمثابة انقاذ لنا من كارثة محققة وفشل متوقع.. العودةالى أبجديات التوقع وقواعد الأهداف يهيء لنا فرصا اضافية للعودة الى نقاط البداية وقواعد التأسيس علنا نتدارك الخسارة ونسترجع المفقود قبل الفوت النهائي والضياع الكبير.
كل واحد منا يحتل موقعا ويضطلع بمسؤولية ويرتبط بدور ووظيفة مهما علت هذه الوظيفة في سلم الخدمة العامة ومهما تواضع هذا الدور في أي مستوى ومكانة، ويحتاج هؤلاء أن يعيدوا النظر في أهداف دورهم ومسؤوليات عملهم ليتحققوا من حجم إنجازهم ودرجة اتقانهم ومساحة حضورهم وتواجدهم على ساحة التنفيذ وميدان العمل.. ونحتاج دائما الى التذكير من خلال آليات نصنعها أو التذكر عبر قنوات خارجية تفرضها المؤسسات لمراجعة كل ما قمنا به وقررناه واتخذناه في مشوار الوظيفة والأداء المهني والمسافة الزمنية التي اقتطعناها من تاريخ المؤسسة أو الهيئة أو الشركة.
وحضورنا المستمر عبر الأهداف وتواجدنا المتصل من خلال المراجعات وعمليات التقييم يعطينا مكانة خاصة أمام المؤسسة وجمهورها الداخلي والخارجي، ويركز في أذهاننا قلق النجاح ودائرة الفشل، ويمضي بنا سويا الى درب التوقع الذي نطمح اليه وطريق الطموح الذي نتوق إليه.. وفي واقع الأداء الحقيقي ينخرط هذا الشخص في دوامة الروتين ويفرض حضورا مؤثرا على دائرة العمل اليومي، ولكن هامشيا على مستوى التخطيط الاستراتيجي للعمل.. فيظل يتابع ويتابع ويتابع حتى ينصهر في بوتقة الروتين اليومي.. ويتلاشى تأثيره على الخطط والبرامج البعيدة للمؤسسة.. ومثل هذا الشخص يعمل ليكون ترسا ضمن آلة العمل الكبيرة التي هو قد وضعها ونسق دوره أساسيا في نشاطها وممارستها.. وهنا نكون قد فقدنا هذا الشخص الى الأبد وخصوصا إذا أريد له أن يلعب دورا استراتيجيا وتخطيطيا لهذه المؤسسة.
ولابد أن تكون هناك محطات استيقاظ يتوقف لديها الدور ويتمعن فيها الشخص .. إما أن تكون على شكل تقارير سنوية للأداء يتواجه معها، وإما أن تكون فترة زمنية يتحدد من خلالها مدة محددة للوظيفة والمهمة، وينبغي أن يستشعر قلق المدة الزمنية التي تمر والوقت الذي يمضي لمعرفة ماذا قدم وماذا أخر.. ماذا أنجز وما الذي لم يستطع أن يحققه.. وهكذا فهذه المحطات هي إشارات إيقاظ وعلامات تنبيه للمسافة التي تنقضي والزمن الذي يمضي..
|
|
|
|
|