| القرية الالكترونية
هل سئمت من رسائل البريد الإلكتروني التي تحمل الإعلانات التجارية من مختلف المعلنين على الإنترنت كما سئمها الملايين؟ لا شك أنك من أولئك الذين يبحثون عن حل لهذه المشكلة خاصة إذا كنت ممن يستخدمون عنوان بريد مجانيا كتلك التي تقدمها ياهو وهوتميل وغيرها.
في بلدان اخرى كأمريكا ثم أوروبا والدول المماثلة، يعاني الأفراد مما هو أسوأ وأبعد من ذلك، وما الإعلانات التجارية في البريد الإلكتروني إلا حلقة في سلسلة طويلة اقضت مضاجعهم وانتهكت خصوصيتهم وأحالت حياتهم إلى جحيم لا يطاق من الدعاية والإعلان.ونظرا لإهمال الجهات المسؤولة في الولايات المتحدة، فقد وصل الأمر مع الإعلانات إلى حد لم يعد يطاق. فالمعلنون أو من يطلق عليهم مسمى المسوقين من بعد )Telemarketers( أصبحوا يتصلون بالناس في منازلهم لعرض ما لديهم ضاربين عرض الحائط بخصوصية وراحة المتلقين غير عابئين بمشاعرهم. كما بلغ الحال مبلغا لايحتمل إثر استغلال المعلنين للعناوين والهواتف المدرجة في أدلة الهاتف. وأصبح المرء يعيش في قلق دائم لسعيه لتجنب وصول اولئك الى عنوانه أو رقم هاتفه لأن ذلك سيعني إزعاجا لاينقطع. ان مجرد حصول أحد من اولئك المعلنين على معلومات لاتزيد عن عنوانك ورقم هاتفك يعني انهم سيكسبون الكثير وأنك ستعاني أكثر. فبخلاف إمكان اتصالهم بك من خلالها، فإنهم سيبيعون هذه المعلومات الى الراغبين من الشركات الترويجية الأخرى، وتجارة المعلومات تجارة رائجة. فحتى لو طلبت منهم عدم الاتصال بك، فان آخرين سيأتونك من باب آخر وفي وقت آخر. ونظرا لما يستدعيه الحصول على أية خدمة من وجوب تزويد الشركة بعنوانك ورقم هاتفك، فإن ذلك يعني ان هذه الشركة قد تنشر هذه المعلومات يمنة ويسرة، ووقوعها في يد المعلنين يعني دخول المرء في دائرة الإزعاج. ولشدة الأمر وتفاقمه، لجأ السياسيون ومتخذو القرار إلى تقديم مشاريع مختلفة لقوانين تضبط أنشطة الترويج والدعاية للتخفيف من وطأتها والسيطرة على الجشع الذي يجمح بالمعلنين ووكالات الدعاية والإعلان حتى باتوا لا يأبهون بخصوصية الآخرين وراحتهم مقابل التعريف بشيء من بضائعهم. وهي في حقيقة الأمر حرب بين القانون وأرباب المال والإعلان.وتعمل لجان في الكونجرس حاليا على صياغة قوانين لضبط الحركة الإعلانية على خطوط الهاتف. وقد سبق للكونجرس إصدار قوانين تلزم المعلنين عبر البريد الإلكتروني بإشعار المتلقين بإمكانية حذف عناوينهم من قوائم أولئك المعلنين، بل أوجبوا عليهم تذييل رسائلهم بروابط مباشرة يمكن للمتلقي حذف عنوانه بنفسه عبرها دون الحاجة للانتظار، ويقدم موقع /http://optout.cdt.org مثالا على هذه الأنظمة. ورغم ذلك، لايزال الأمر غير مضبوط لأنه مرتبط بالتقنية التي تأتي بجديد كل يوم لا تقوى على ملاحقته القوانين البيروقراطية. والإنترنت بالنسبة للمعلنين ليست سوى وسيلة أخرى لتقديم ما لديهم من اعلانات للمستهلك. ولايبدو أنهم يأبهون بالقدر الذي أحالوا فيه حياة الناس إلى جحيم إعلاني. ففي السيارة تصلك عبر الراديو وتراها على الطرقات وعلى السيارات وفوق أسطح المنازل والبنايات وفي مختلف الأماكن التي تقع عليها عينك، أما في العمل، فحتى التقويم السنوي والأدوات المكتبية والقرطاسية أصبحت مكانا مفضلا للمعلنين.وفي المنزل تأتيك عبر وسائل الإعلام المختلفة من صحف ومجلات وتلفزة وإذاعة وعلى ملابس أطفالك ودفاترهم وعلى صفحات الإنترنت ومذيلة بها رسائل البريد الإلكتروني. لا مناص ولا مفر من النظر عنوة إلى الإعلان التجاري أو الخروج من هذا العالم إلى ما سواه.
ولأن للتقنية الدور الأكبر في تطور وانتشار الإعلان في حياة الناس، فإنها جعلت الإعلان على الإنترنت جزءا لا يتجزأ من الخدمة. فيمكن للمرء الحصول على خدمة الإنترنت مجنا ما دام سيقبل احتلال الإعلانات التجارية مايقرب من ثلث شاشته، بحيث يتصفح الإنترنت والإعلانات تترى وتتبدل على شاشته. كما أن الإعلان بات جزءا لا يغيب عن أية خدمة توصف بأنها مجانية كخدمة الوصول إلى الإنترنت واستضافة المواقع والبريد الإلكتروني وبرامج الحاسب وغيرها كثير، بل أصبح ملازما لها ورديفا لكلمة «مجاني».
saudis@hotmail.com
|
|
|
|
|