| الفنيــة
من هنا .... وقبل حلول شهر رمضان بخمسة أشهر .. !! يتلفت الكثيرون منا بحثاً عن عمل درامي )مسلسل( سعودي ... ولكن للأسف لا نرى شيئاً !!
فالقضايا الاجتماعية في ساحتنا المحلية تكون في أوج نشاطها خلال أشهر الصيف!!! وسأعطيكم أمثلة لما يمكن أن يتناوله مسلسل سعودي عن قضايا الصيف.
1. امتحان الثانوية والجامعات وما يتعلق بها من مآخذ على نظام التعليم.
2 . البحث عن قبول في الجامعات لطلاب الثانوية والبحث عن وظائف لخريجي الجامعات.
3 . الزواج وديون المعرسين والمسؤوليات الجديدة للزوج والزوجة.... إلخ!!
4 . السفر ومشاكله للعزاب والمتزوجون على حد سواء )ديون، سوء تصرف، النوادر المصاحبة لاستقبال المجتمعات الغربية لنا، مشاكل المسافرين )وبعض فضائحهم إن لزم الأمر(... إلخ..!!
5 . السهر في المقاهي، والملاحق، وأساليب الشباب الأخرى في القضاء على أوقات الفراغ )مثل قيادة السيارات لساعات في الشوارع العامة بدون هدف يذكر(!!
وقبل أن أكمل العدد المهول للقضايا التي يمكن طرحها ... نلاحظ ان الدراما الرمضانية تأتي كالعصيدة!! فهي في الغالب تتناول مواضيع كان من باب اولى مناقشتها في مواسمها.. ولكن للاسف يتم طرحها )مسلوقة( حرصا على سرعة التنفيذ، بل ويتم مناقشتها بمنتهى الارتجالية، على طريقة )حبة سفري مع رز بخاري(..!!
لماذا لا يكون هناك على الاقل ثلاثة مسلسلات محلية في العام الواحد بالاضافة لما يعرض في رمضان؟؟ ولماذا لا يقدم المنتجون اعمالا الا في موسم الربح السريع؟؟ ولماذا لا يتم التعرف على وجوه جديدة في اعمالنا الدرامية؟؟ ولماذا لا يجيد اغلب من تم احتسابهم ممثلين سعوديين ابجديات التمثيل؟؟ ولماذا يستمر التصوير باستخدام اسلوب الكاميرا الواحدة )والذي يعود لعصر تشارلي شابلن( مع العلم بانه اكثر تعقيدا من سياسة التعدد في زوايا التصوير؟؟
ولماذا تستمر تعابير )الاستهبال( في وجوه الممثلين في كل مشهد لاقناعنا بان ما يقدم هو كوميديا؟؟ ومن قال لكل هؤلاء بان ما يقدمونه مثير للضحك وانهم خفيفو ظل من الاساس؟؟
ولو انتقلنا الى النصوص التي )يستكتبونها(، والضمير هنا عائد على المؤلفين السعوديين والسعوديات، لوجدنا بانها هريسة لا تنم إلا عن شتات، وإفلاس، ومعرفة )قشرية( بالثقافة الادبية، وان ما يكتبون لا يمكن حتى ان يجاز من الاساتذة الزملاء في الصفحة الثقافية ضمن خواطر الهواة..!!
اعذرونا فقد طفح الكيل.. وعلى سبيل المثال، فمن خلال متابعتي )مضطرا( للحلقات الاولى من مسلسل الديرة نت )من إخراج عامر الحمود(، اكتشفت بان الكاتبة ليلى الهلالي لا تحاول الوصول لاي شيء ولا ان تقول شيئاً ضمن جملة حوار مفيدة .... فكانت المسألة تمغيط X تمغيط.. ناهيكم عن الضجيج ومحاولات الاضحاك الفاشلة، والتي يسأل عنها المخرج أولاً وأخيراً.
واعتمد الحوار كالعادة على الارتجال الباعث على الغثيان ... ويبدو ان المخرج اتكأ في ذلك على تاريخ الاعمال التلفزيونية السعودية والتي لو فتشناها جيدا لوجدنا بان السواد الاعظم منها لا وجود فيه لكاتب السيناريو والحوار..!! وهذه مصيبة اخرى تنضم لقافلة المصائب اللصيقة بالعمل الدرامي المحلي.
ونحن هنا لا نقصد النبش في الماضي .. بل للتذكير حتى لا يتكرر الخطأ.. لأن جارنا أبا علي وأبناءه يؤكدون بأنهم لم يجدوا جانباً إيجابياً يذكر لهذا العمل )المفتعل(.. بل قالوا بأن المسألة كانت في منتهى )السماجة(، وكان مستوى الانحدار والتداعي اليومي للعمل يدفعهم للخجل سلفاً نيابة عن اصحاب العمل، ولا عزاء لخالد سامي فيما ارتكبه من موافقة على الاشتراك في هذا العمل الباهت لدرجة التلاشي..!!
وبقدر ما نمقت الاخفاق من ابناء جلدتنا، فنحن نرثي لحالهم.. ويجب ان لا نتعجب من عزوف ذوي الفكر الحقيقي عن المشاركة في دعم سير الدراما التلفزيونية بنصوصهم، وذلك لاننا لو قارنا وضع كتابنا باوضاع كتاب تلفزيونين آخرين في مصر مثلا، اسامة انور عكاشة على سبيل المثال يتقاضى )والعهدة على الصحافة المصرية( عشرة الاف جنيه عن الحلقة الرمضانية الواحدة )وامسكو الخشب.. واللهم لا حسد(.. أما ربعنا فيصيبهم إغماء إن هم وصلوا لاتفاق مع منتج العمل بالحصول على )5000( ريال، )2500( مقدم و)2500( مؤجلة ويبغالك تطارد وراها لمدة عام كامل، والاحتمال الاقوى ان المؤلف المسكين لن يحصل عليها الا إن كانوا بحاجة لخدماته في عمل آخر )مثل كتابة حلقة عن اي موضوع لاكمال عدد الحلقات وبيعها لوسائل الاعلام(.. فالمنتج لدينا وبصراحة )مكوش على كلش( ولا يوجد أي مرجع يضمن لهؤلاء استلام كامل حقوقهم.. وإن حاولوا فالمبلغ كما يسميه العامة )طفسة( ولا يستحق العناء..!!
كم كنت أخشى قبل كتابة هذه السطور أن يتشعب بنا الحديث، ولكن تحملونا، فالموضوع أقرب لكونه فضفضة من منظور مشاهد دقيق الملاحظة أحياناً..
ولنعود الآن للدراما التلفزيونية المحلية التي تأن وتشتكي من سطحية التناول، وتهميش الهموم الفعلية لكل مواطن.. ونحن في هذه المرحلة لسنا بحاجة لذوي المصالح الخاصة، وهواة إظهار أسمائهم في )التتر(... بل يجب أن تتواجد الدراما التلفزيونية في مختلف المواسم وذلك للأسباب التالية:
1 . تكوين قاعدة قوية من الخبرة والتجارب.
2 . ولتوفير وجوه جديدة.
3 . وللوقوف عند احتياج المجتمع من المتابعة الدرامية.
4 . ولكسب ثقة المشاهد.
5 . الاستفادة من النصوص المهملة والتي لا تناسب الطروحات التلفزيونية الرمضانية.
6 . الاستفادة من مردود تسويق الاعمال الجيدة عربيا وفضائياً )بدلا من ان نقبع امام المسلسلات المكسيكية لثلاثة اشهر دون ان نصل للقدرة على التمييز بين )لورينزو( و)مارتينيز(... ناهيكم عن الخروج اللا أخلاقي الملازم لهذه الاعمال(.
7 . التواجد لاثبات النجاح، ولنا في تسيّد الاغنية السعودية للساحة العربية اسوة، فاعتقد ان السعوديين قادرون على التواجد دراميا بل والبروز..
ولا بأس من بعض الاخفاقات في البداية حتى نتمكن من معالجة الاخطاء ومعرفة الطاقات المفيدة من عديمة الفائدة ...... ولكن تبقى العوامل الاهم هي:
1 . الاستعانة بكتاب حقيقيين، وليس بمجموعة من الهواة الذين يحولون )الخاطرة( إلى )30( حلقة من الملل والرتابة والازعاج..!! دون احترام لعقل ووقت المشاهد المسكين..!!
2 . اعتراف المنتجين بان التواجد كل عام )من اجل الربح( لا )من اجل الطرح الواعي( هو ضرب من اساءة الادب الثقافي.. وان ما فاتهم هذه السنة يمكن تعويضه في الاعوام القادمة بشرط ان يكون ما يتم عرضه تلفزيونياً يتسم باحترام عقلية المشاهد..!!
3 . الأخوة «المستخرجون»..... لنا عندكم رجاء... ابتعدوا عن مجال الكوميديا وستكونون في نطاق البقاء..!! الكوميديا بحاجة لمخرج يعي ما يفعل، ولو كان هناك وعي بمفرداتها من الاساس لما تم قبول نصوص بهذا الشكل..!! وللصبر حدود..!! ومسكين هذا المشاهد الذي يضطر لمتابعة اعمالهم المصابة بفقر الدم المزمن، واخشى ان يصل المشاهد لمرحلة لا سبيل له فيها للتنفيس عن ضغوطه مما يشاهد إلا بالقفز من نافذة شقته الكائنة بالدور الثالث..!!
4 . المممممممثلون..!! للأسف لدينا عدد كبير من الكومبارس ممن تم احتسابهم )رغماً عن أنف المشاهد( على انهم ممثلون..!! ولن يشفع لهم انهم لم يدرسوا التمثيل اكاديميا، فالموهبة غير موجودة اصلا..!!
ومع ان بعضهم )يترصد( بالتمثيل منذربع قرن او يزيد الا ان اداءه لا يزال يعتمد على الارشادات الاولى التي تلقاها من مدرس )الجغرافيا( المسؤول عن مسرح المدرسة الابتدائية التي كان يدرس بها..!!
وختاماً رفقاً بالمشاهدين يا جماعة الخير، واستفيدوا من هذا الوقت المهدر هباءً، وكونوا قريبين من مجتمعكم الذي يحتاج لاعلامي يشاركه اوجاعه وافراحه وتطلعاته.
وسيطول بنا الحديث.. وسيكون لنا وقفات اخرى، والى ذلك الحين دمتم بخير.
رسام الكاريكاتير بجريدة الجزيرة
|
|
|
|
|