| مقـالات
أصبح الحاسوب في هذا العصر من الضرورات المهمة في المجالات المختلفة تربوية وعلمية واقتصادية وإعلامية وترفيهية. بل في كل مجالات الحياة العصرية بدون استثناء لما يملكه من أدوات مساعدة ومساندة، ولما يتميز به من قدرة كبيرة على اختصار الوقت والجهد وخفض التكاليف.
وأصبحت المعرفة العلمية بالحاسوب وبكيفية الإفادة منه من أهم ميادين المعرفة نظراً لارتباطها بحاجات السوق وضرورات المجتمع الاتصالية ونحو ذلك من أهداف وطموحات تهم الأفراد وتفيد المجتمعات ويقوم الحاسوب بالعمل على تحقيقها أو تيسير الوصول إليها.
والعلاقة بين الحاسوب والتربية والتعليم علاقة وثيقة تتجسد في عدد من المجالات والصور فهو تخصص مستقل يدرس في المراحل الدراسية المختلفة يسلط الضوء فيه على كيفية عمل هذا الجهاز العجيب وقواعد تشغيله وكيفية الاستفادة من برامجه المختلفة وكيفية صيانته والمحافظة عليه، والتدابير الضرورية صحية وأمنية وغيرها عند التعامل معه.
وهو وسيلة من وسائل التعليم والتربية يستعان بها في مختلف المواد الدراسية، وهو وسيلة إيضاح وتوعية داخل الدراسة وخارجها، وهو ميسر للعمليات الإدارية التي لا تستغني عنها العمليات التربوية والتعليمية، وهو وسيلة اتصال بين الجهات المشرفة على التعليم والجهات التابعة لها مما يحقق سرعة البت في المشكلات وعلاج القصور وتخطي العوائق.
ومواكبة للتطور الهائل في العالم المعاصر قامت وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات بإدخال الحاسوب إلى المدارس التابعة لهما؛ لتسريع العمليات الإدارية فيها وللاستفادة من هذا الجهاز في العمليات التربوية والتعليمية في غرف التحصيل العلمي للطلاب والطالبات، وليستفيد منه المعلمون والمعلمات في إتقان توصيل المعلومات بأسلوب علمي جذاب.
وفي هذا الاتجاه ظهرت الحاجة إلى تأسيس نوادٍ للحاسب الآلي تابعة للإدارات التعليمية في مناطق المملكة المختلفة. وكانت نقطة البداية في انطلاق فكرة هذه النوادي نادي الحاسب الآلي بالرياض.
وقد قام هذا النادي الذي يرأسه الأستاذ خالد بن محمد الصيخان بجهود متميزة في مجال الاستفادة التعليمية والتربوية من الحاسوب. ومن أهم ما أعرفه من هذه الجهود وقد يكون هناك ماهو أهم منها:
1= تنظيم دورات في تعليم الحاسب الآلي للمعلمين والطلاب والإداريين وغيرهم في مقر النادي مقابل مبالغ رمزية. والرائع أن هذه الدورات تتميز بمراعاتها لحاجة سوق العمل لنوعية خاصة من البرامج ولاسيما الشائع منها كبرامج التشغيل وبرامج تحرير النصوص وبرامج معالجة الصور، وإتقان لغات برمجة الحاسوب، مع التركيز على البرامج المستخدمة في البيئة التعليمية كبرنامج معارف والبرامج المساندة الأخرى.
كما تتميز هذه الدورات بقيمتها العلمية المتقدمة لأنها تعقد لأهداف علمية بحتة منزهة من الأغراض التجارية والربحية، يضاف إلى ذلك إمكانات ومهارات المحاضرين فيها حيث يتم تخيرهم بدقة وعناية.
نادي الحاسب الآلي بالرياض يشغل جزءاً صغيراً من بناء مدرسي ولكنه بتوفيق الله ثم بحماسة شبانه وإخلاصهم حقق نتائج طيبة وجهوداً كثيرة. وعلى سبيل المثال يتضح من دليل الدورات التي يقيمها النادي أنه نظم في الفصل الدراسي الثاني هذا العام ستا وأربعين دورة تدريبية. كما يعتزم تنظيم ثلاث وأربعين دورة تدريبية في الاجازة الصيفية مما يسهم في شغل أوقات الطلاب والمعلمين بالنفع والفائدة، وبما يؤكد وعي المسؤولين عن النادي برسالتهم التربوية في خدمة المجتمع.
ومما يؤكد العمق التربوي والهدف العلمي الحق في هذه الدورات تلك الرسوم المنخفضة التي يتقاضاها النادي من المتدربين حيث تتراوح بين 150 و200 ريال تقريباً ولا يمكن مقارنتها بما يحدث في معاهد التدريب التجارية.
ولا يمكن إغفال البعد الإنساني في هذه الدورات الذي يشكر عليه نادي الحاسب الآلي المتمثل في تدريب الصم والبكم على بعض البرامج التي تؤهلهم لسوق العمل كبرامج تحرير النصوص ومعالجة الصورمجاناً.
2= قيام النادي بإصدار قرص حاسوبي بقيمة لا تتجاوز عشرة ريالات للنسخة الأصلية بعنوان«بوابة النادي» يشتمل على كثير من الخدمات الحاسوبية ومنها: كيفية استخدام برنامج معارف والجديد من خدمات تحديثه والبرامج المساندة له، والتعاميم المدرسية، وبعض البرامج المعينة لمستخدمي الحاسوب في المدارس وغيرها كبرنامج ضغط الملفات وبرنامج النسخ الاحتياطي، وبرنامج تقسيم الملفات، وأهم عناوين المواقع التربوية والتعليمية على الإنترنت مع التعريف بواجهة موقع النادي على الإنترنت، وكيفية إعداد البريد الإلكتروني، وغير ذلك من الخدمات الحاسوبية.
وقد استفدت شخصيا عند نقل ملف كبير الحجم من جهاز قديم ليس فيه سي دي روم أو سي دي رايت إلى جهاز آخر من برنامج صغير الحجم صممه الأستاذ عادل الحربي من فريق الدعم بالنادي وقد تميز البرنامج بالقدرة على تقسيم الملفات بدقة وسرعة دون إضافة أي حجم إلى سعتها الأصلية، ليسهل بعد ذلك نقلها عبر القرص المرن 5،3 إلى حاسوب آخر أو الاحتفاظ بها للرجوع لها عند الحاجة.
3= قام نادي الحاسب الآلي بإصدار مجلة حاسوبية دورية اسمها«واحة النادي» يشرف عليها مديرالنادي ويرأس تحريرها الأستاذ عبدالله بن حمد المنصور ويدير تحريرها الأستاذ ظفر بن محمد الدوسري. هذه المجلة صدر منها خمسة عشر عدداً وكان عددها الأخير قمة في المادة والإخراج حيث تميزت بجدة موضوعاتها وعمقها.
في هذه المجلة تتصفح النظرات عرائس المعاني وهي تدبج، وبديع التراكيب وهي تخترع؛ ليتم تقديمها للقارئ في موكب احتفالي يزهو به تنوع الموضوعات بين الخبر الجديد والحوار الجاد والدراسات العلمية والتحليل المقنع والتصورات النافعة والآراء الهادفة.
وزاد هذا العدد زهواً وإبداعاً ذاك الإخراج الجميل الذي تحمل عبء تنفيذه الأستاذ خالد بن فهد السماري المشرف الفني على المجلة. ولاسيما تلك العناوين الجميلة لصفحاتها التي تناسب تخصصها مناسبة تامة ففي إبداع رائع استبدلت المجلة عنوان الافتتاحية بعنوان«تشغيل» مع رسم أيقونة تشغيل المعروفة في الحاسب الآلي. وهذا المصطلح في الحاسب الآلي يعني أساس عمل الحاسب والبدء في العمل الحاسوبي. ومثل صفحة ومضات التي تعني في الحاسوب الكثير.
ولن أبالغ إذا قلت إن ذلك التنوع المفيد وذلك الإخراج البديع يضارع إن لم يتفوق على كثيرمن المجلات المحترفة للعمل الصحفي منذ زمن طويل.
ومما يحمد لمجلة النادي أنها استعانت في عددها الأخير بعدد من الكفاءات والأسماء اللامعة في مجال التوعية والتربية مثل الدكتور حمد بن ناصر العمار عميد كلية الدعوة والإعلام والدكتور عمر حامد من قسم الرياضيات بجامعة الملك سعود والدكتور عبدالله الموسى رئيس قسم الحاسب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وغيرهم. كما خصصت المجلة صفحة للفتاوى المتعلقة بالحاسب كان ضيفها الدكتور إبراهيم الخضيري القاضي في المحكمة الكبرى بالرياض.
ولأن كل عمل بشري مهيأ للاستفادة من خبرات الآخرين ومشوراتهم واقتراحاتهم فإنني أقترح على المسؤولين عن مجلة واحة النادي بعض التصورات التي أرى أنها مما ينبغي الأخذ به للنهوض بمستواها العلمي والثقافي ومن أهم ذلك ما يأتي:
1= لأن المجلة في الدرجة الأولى موجهة لفئة من الناس هم العاملون في مجال الحاسوب بالمدارس، ولأن وزارة المعارف قامت بتوحيد برامج المدارس في برنامج«معارف» ولهذا البرنامج صفحة خاصة في المجلة. لذا فإنني أرى أن تهتم بتلقي استفسارات وشكاوى المشتغلين على برنامج معارف بل الأفضل أن تلتقي المجلة في كل عدد ببعض مستخدمي البرنامج للتعرف على معاناتهم عند التعامل مع هذا البرنامج والحلول المقترحة للتغلب على معاناتهم؛ لأن البرنامج عمل بشري يحتاج للتحديث ليفي بمتطلبات الممارسة الواقعية والعاملون في الميدان هم القادرون على إثراء هذه العملية.
2= ينبغي أن تتوجه المجلة نحو طرح موضوعات وقضايا حيوية تتعلق بمجالها وينعكس أثرها على العاملين في الميدان وعلى صانعي السياسات والتخطيط التربوي والتعليمي بالنفع والفائدة. ومن هذه القضايا والموضوعات في رأيي:
استخدام الحواسيب في التعليم، وهل تحقق هذا الاستخدام في مدارسنا على الوجه الذي نتطلع إليه؟ أو هل هناك خطوات عملية لإدخال الحاسوب في تعليمنا أم أننا نكتفي بالتنظير والمماحكات القولية؟
ومن الموضوعات المهمة كذلك: خطر الحواسيب والتقنيات في نقل الأفكار المعيبة والشبهات المضللة وشهوات التميع التي تضر بالدين وبالتربية الوطنية لأفراد المجتمع وكيفية مواجهة هذا الخطر بأسلوب علمي في الوقت ذاته، والعلاقة بين استخدام الحواسيب وأمن المجتمع والتدابير المطلوبة لتحقيق عملية الضبط المطلوبة.
مجلة واحة النادي مثل أي عمل آخر لا يخلو من الملحوظات ومن ذلك أنها في صفحة مقتطفات صحفية لم تشر إلى المصادرالتي اقتطفت منها والأمانة العلمية تقتضي ذلك وهكذا في صفحات الأخبار وغيرها. كما أنها في الموضوعات التي يعدها أعضاء النادي لا تذكر أسماء كتابها في الغالب برغم أن ذلك حق من حقوقهم.
3= ملحوظة يلحظها قارئ المجلة هي ضعف مشاركة العنصر النسائي والحاسوب التعليمي موجود في مدارس البنين والبنات لذا فمن الضرورة الاستفادة من أفكار وخبرات الأقلام النسائية المجربة ولاسيما الممارسات في الميدان والنظر في اقتراحاتهن وآرائهن والتنسيق مع رئاسة البنات بهذا الشأن.
4= وصيتي للمسؤولين عن هذه المجلة أن يبتعدوا عن أسلوب الصحافة الرسمية فالعدد الأخير تضمن كلمة لمعالي وزير المعارف وأخرى لمدير التعليم وثالثة لمدير النادي ورابعة لنائبه وكان يكفي التناوب بينهم بمعدل مقال واحد لكل عدد. كما أوصيهم بتغيير عنوان المجلة الإلكتروني من saudiwindow.com إلى wahatalnadi.com أو عنوان آخر معبر عن اسم المجلة ونشاطها.
وبالله التوفيق.
alsmariibrahim@hotmail.com
|
|
|
|
|