| مقـالات
كانت العرب.. تقول.. لسانك حصانك.. إن خنته خانك وإن صنته.. صانك.. وقالوا أيضاً.. مقتل الرجل بين فكيه. وهم يقصدون اللسان. لكن العرب أخيراً ظهر فيهم من يحب التلميع.. والمكيجة.. إذا رأيته بلباسه.. قلت.. «نصبه».
وإذا تلوى لسانه في فمه. قلت.. عساه للحصبة. فهو هرِّيج من الدرجة الأولى.. لكن أفعاله ليس لها درجة تذكر.. وقد ساعدت وسائل الاعلام في زماننا هذا. في أن يبرز على صفحاتها من ليسوا أهلاً للبروز. لأن الذي يستحق البروز هو من يخدم الناس. ويساهم بقدراته ووجاهته. ومكانته في خدمة غير القادرين وقد نرى من أبطرته النعمة.. فتتوسم فيه الخير لفعل الخير. فلا تخرج بشيء. وكانت العرب تقيم وزناً وقدراً لمهندس الكلام شعراً ونثراً لأنهم يقولون ويفعلون. وفي زماننا خرج أناس يقولون ولا يفعلون ما تفوتهم أية مناسب. يتسابقون للاحتفالات. وولائم الأعراس وحفلات التخرج الأكاديمي. وقد لا يكون لهم علاقة بشيء من هذا ولكن فقط من أجل أن يبرز.. أن يتلمع. أن يراه الناس. هو داء حب الظهور.. وإذا رأيته يسلم على فلان وفلان ممن لهم مكانة وتميز فعَّال في المجتمع.. قلت.. هذا. سينفع الآخرين بحسن علاقته مع مثل هؤلاء.. ولكنك تفاجأ أن علاقته تلك ما هي إلا وليدة الساعة.. وقد تراه يسلم على هؤلاء وعينه تبحث عن كمرة التلفاز وإذا رأى صحفياً.. تبسم في وجهه. وهو يمسس جسمه ويميل برأسه هنا وهنا. ويحاول أن يقول كلاماً ذا قيمة.. لكن لو تكلم لرأيت العجب العجاب. ولقلت.. كما قال العرب قديماً. سكت شهراً ونطق كفراً إن حب الظهور داء وبيل استشرى أخيراً. بسبب وسائل الاعلام التي قد تكون مجبرة على اصطياد مثل هؤلاء عنوة. لأنهم يتخاطفون أمام الكمرات. وأمام الصحفيين. ولو قيل له إن صورتك خرجت في الجريدة. لما وجد أهل حييه جريدة يقرأونها. ذلك اليوم.
وبالمناسبة يذكر لي أحد القرويين. أن أحدهم يشجع فريقاً كروياً. فاذا فاز فريقه ذلك اليوم على خصمه العنيد.. سقى جميع أهل المكتب شراباً بارداً. وأما إذا انهزم فريقه فإنه يشتري كل الجرائد التي تأتي للقرية لئلا يتهنى على حد قوله خصومه بفوز فريقهم.. ويبقى العشق جنون. وفنون.
|
|
|
|
|