أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 14th June,2001 العدد:10486الطبعةالاولـي الخميس 22 ,ربيع الاول 1422

العالم اليوم

«الجزيرة » تفتح ملفات مآسي الشعب الفلسطيني تحت تأثير الاحتلال الإسرائيلي
طلبة الثانوية العامة في فلسطين فرسان في ساحات المواجهة ... وحلم بمستقبل مشرق يعانق ذكريات الشهداء الحاضرة صورهم في قاعات الامتحانات
* رام الله نائل نخلة:
^^^^^^^^^^^^
تزينت قاعة الامتحان في مدرسة عابود الثانوية غربي مدينة رام الله بصورة تذكارية للشهيد محمد حامد شلش 18 عاماً، والذي كان يتأهب من بين عشرين آخرين من زملائه يشاركونه الاستعداد لتقديم امتحان الثانوية العامة للعام الجاري في هذه المدرسة قبل أن يضع رصاص مستوطن إسرائيلي حاقد أصابه في مقتل حدا لهذا الاستعداد والطموح بالنجاح والتعليم، ويسقط قبل شهرين على بعد 100 م من مدرسته التي كان يرى فيها المحطة الأخيرة نحو غده المشرق.
^^^^^^^^^^^^
زميل محمد الذي يصف علاقته بالشهيد «رب أخ لك لم تلده أمك»، يعكس حال العلاقة المتينة التي كانت وما زالت تربطه بمحمد حتى بعد استشهاده، لان الذكريات كما يقول المفجوع بأخيه تبقى عالقة بالعقل والروح والجسد.
يقول عمر شلش: «لم أكن أتخيل أنني سأذهب إلى قاعة الامتحان لوحدي، لا يرافقني صديق عمري في أهم محطة في حياتنا نحن الاثنين ... ويتوقف شلش جبريا عن الكلام، انه يحاول عبثا أن يخفي قطرات الدمع التي فضحته وكشفت بأبلغ العبارات واصدق الأحاسيس عن عمق الحزن المتجذر في أعماق أعماقه.
ويواصل شلش: «كنا نحلم كثيرا، فرحنا واحد وحزننا مشترك، طموحنا كان يرنو نحو جامعة بيرزيت بعد اللحظات الحاسمة التي كنا نتدارس معا عن كيفية الاستعداد والتحضير لها في امتحان العمر كما كان محمد يسميه. هو في قسم اللغة الانجليزية التي كان يتحدثها بطلاقة، وأنا في الإدارة والأعمال، ولكنه كان شهيدا ...، الله يرحمك يا محمد».
والد الشهيد محمد يراقب من شباك غرفة ابنه التي تصادف ترتيب وزارة التربية والتعليم أن تكون قاعة التوجيهي لهذا العام في مدرسة الإناث الملاصقة تماماً لبيت الشهيد يتابع بنظرات ممزوجة بالحزن والألم أصدقاء محمد وأبناء صفه الذين يحملون الكتب وينهمكون في الدراسة والمراجعة قبل الدخول إلى قاعات الامتحان.
يقول حامد شلش والد الشهيد 40 عاماً :«باهتمام لافت للنظر كان محمد يدرس بشكل جدي ومكثف، كان يقول لأمه سأرفع رأسكم هذه السنة إن شاء الله، وبالفعل كانت جميع امتحاناته الصفية التي نحتفظ بها تشير إلى تقديرات بامتياز في جلها.. ولكن ماذا نفعل، أمام رصاصة الاحتلال التي كانت اقوى من أي شيء آخر، أقوى من حلمه بأن يدخل الجامعة، ومن أمنيتنا أن نراه مهندسا أو طبيبا..».
ولقصة الصمود والإصرار على التحدي عند الفلسطينيين صورة أخرى مع الجرحى من طلبة التوجيهي الذين فاق عددهم 300 جريح منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، الطالب محمود مناصرة الذي يرقد على سرير الشفاء في مستشفى رام الله جراء إصابته في الحوض يؤكد انه سينجح في التوجيهي بالرغم من الإصابة وسيحقق حلمه وأهله في مواصلة الدراسة الجامعية حتى الدكتوراه.
ويضيف مناصرة: «لم أكن أتوقع أن تعيقني الرصاصة عن مواصلة دراستي عدة شهور، لكني غير نادم على المشاركة في المواجهات والتي أعتبرها واجبا وطنيا ودينياً».
ومناصرة هو واحد من مئات الطلبة الفلسطينيين الذين أصيبوا خلال انتفاضة الاقصى واضطروا إلى الانقطاع عن مدارسهم وكتبهم المدرسية مددا زمنية قصيرة وطويلة مما أدى إلى تعثرهم في مواصلة الدراسة ومواكبة المقررات والمناهج.
وقد بدأ يوم السبت بداية هذا الأسبوع 9/6/2001 أكثر من 49 ألف طالب وطالبة تقديم امتحانات الثانوية العامة في محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة للعام الدراسي الحالي موزعين على 354 قاعة تحت إشراف وزارة التربية والتعليم الفلسطينية.
وقال وكيل الوزارة الدكتور نعيم أبو الحمص ان المراقبين وموظفي التربية والتعليم سلكوا طرقا ترابية وعرة لضمان الوصول إلى قاعات الامتحان وكانت الوزارة قد أعدت دراسة مكثفة وأخذت الاحتياطات اللازمة ضمن خطة طوارئ لتفادي الإجراءات الإسرائيلية والحصار المفروض على كل مدينة وقرية فلسطينية.
ولكن بالرغم من نبرة التحدي القائمة لدى طلبة فلسطين إلا أنه لا يمكن تجاهل حالة الخوف والتوتر لدى الكثيرين منهم خاصة الإناث اللواتي يتأثرن في الغالب بصورة أكبر من شريحة أخرى.
دلال أحمد من رام الله التي يظهر عليها الخوف أثناء دخولها إلى قاعة الامتحان بدت متوترة وخائفة من الفشل أو أن يحدث لها أو لزميلاتها شيء غير متوقع خاصة أن مدرستها قريبة جدا من مواقع القصف اليومي واطلاق النار الإسرائيلي وهذا يضعف من تركيزها وربما يكون سببا في فشلها.
وتضيف دلال: «بداية العام لم أكن خائفة من التوجيهي، ولكن مع اقتراب ساعة الحقيقة، أشعر بالتشتت، ودائماً أجد نفسي منساقة في متابعة ما يجري على الأرض من قتل وتدمير وحصار. ولا يمكنني أن أنسى في هذه الأوقات الكثير من زملائنا الطلبة الذين استشهدوا وحرموا من إنهاء تعليمهم».
المرشد التربوي في مدرسة نِعْلِين جنوب مدينة رام الله سائر نخلة يقول ان امتحان الثانوية العامة له رهبة عند الطلبة بالشكل الطبيعي، فهو الذي يحدد مصير الطالب بعد اثني عشر عاما من الدراسة والتعب، إضافة إلى ذلك يأتي الوضع الراهن المثقل بالأحداث والأحزان ليزيد الأمر تعقيدا.
ويضيف نخلة: «لا يمكن أن تعزل الطالب عن المحيط الذي يعيشه والمعاناة التي يتعرض لها شعبه بشكل يومي بما في ذلك قاعات الامتحان المكان الذي من المفترض أن يتم توفير الجو الهادئ والمناسب أو أثناء توجههم إلى المدارس سواء على الحواجز العسكرية او الطرق الترابية الوعرة وصور الإذلال اليومي تنعكس بصورة سلبية على نفسية الطلبة».
من الواضح أن طلبة التوجيهي في فلسطين هذا العام أمام امتحانين صعبين ومصيريين، امتحان نهاية المرحلة الثانوية، وامتحان إرادة الحياة والمعرفة في مواجهة سياسة القتل والتجهيل ... فهل يحقق الطلبة نجاحا استثنائيا في هذين الامتحانين الاستثنائيين؟.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved