| القرية الالكترونية
*أمريكا خاص «بالجزيرة»:
منذ شهر مارس الماضي والاضواء والإنارة في شوارع وضواحي منطقة «silicon valley» تخفت تدريجيا لا بسبب فقدان ساكني هذه المنطقة لثرواتهم المالية الضخمة التي بنوها من ارتفاع اسهم شركات التقنية الحاسوبية بل بسبب الاوامر التي اصدرها حاكم ولاية كاليفورنيا «غري ديفيس» لمختلف الشركات في تلك المنطقة خاصة والولاية عموما بضرورة اغلاق مصادر الانارة الخارجية عند اغلاق المباني ومغادرة الموظفين لمقار عملهم في محاولة من مسؤولي الولاية لترشيد الطاقة.
وتأتي ازمة الطاقة هذه في وقت عانت فيه سوق الاسهم الامريكية من انحدار ضخم في قيمتها ليضيف مثل هذا الامر عبئا على الأعباء التي تثقل كاهل الولاية الذهبية كما يحلو لسكانها تسميتها، وتزداد الأعباء أكثر على كاهل سكان منطقة «السيليكون فالي» الذين تعيّن عليهم ان يروا بأم اعينهم نضوب حجم ثرواتهم نتيجة للنزول السريع لاسعار اسهم شركات التقنية الموجودة في هذه المنطقة وازدياد اسعار فواتير الخدمات مثل الكهرباء والغاز، الشيء الذي يعكس صورة قاتمة السواد على عكس ما كان عليه الوضع قبل سنة واحدة فقط عندما كان يتم ضخ مئات الملايين يوميا في حمى انشاء وبناء شركات تقنية جديدة، لكن مابين غمضة عين والتفاتها يغيّر الله من حال الى حال، ففي الماضي كانت الشركات تدفع اجور توقيع اي مبالغ مالية لكل من يقبل العمل في الشركة مقابل توقيعه فقط، فيما كانت منطقة شمال كاليفورينا تستقطب الالاف من الراغبين في العمل من جميع انحاء العالم من منظر شبيه بحمى الذهب التي اجتاحت هذه الولاية بداية 1840م. لإعطاء دلالة اكبر على ما كان يحدث في الماضي يكفي الاشارة الى حقيقة ان كثيرا من الشركات كانت توفر لعامليها خيار امتلاك اسهم في تلك الشركة، ومايعرف بمفهوم
Stock options وهو ما سمح
لمثل هؤلاء الموظفين بان يعيشوا حياة الاغنياء مع ذلك الارتفاع المذهل والمبالغ فيه لمعظم اسعار شركات التقنية حينذاك فقد اسرف هؤلاء الموظفون في شراء المنازل غالية الثمن والسيارات الفارهة.وهناك ايضا حقيقة ارتفاع اسعار الاراضي في منطقة سان فرانسيسكو وما حولها وكذلك اسعار تأجير المباني التي ارتفعت هي الاخرى ارتفاعا حزئيا باقبال الشركات على استئجار المباني بأي ثمن وهو الشيء الذي أدى إلى حدوث كثير من المظاهرات من قبل المستأجرين التقليديين الذين تم طردهم بحثا عن شركات تقنية لاتتردد في دفع مايرغب صاحب العقار في الحصول عليها مهما كان الثمن.ولكن ولأن بقاء الحال من الحال كما سارت به الركائب من قبل فقد عانى هؤلاء الاثرياء المؤقتون من الانخفاض الحاد في مؤشر الناسداك الذي اصبح اشهر من نار على علم اذ هبطت اسعار معظم ان لم يكن جميع اسهم شركات التقنية الى الحضيض، وفقد العديد من العاملين في هذه المنطقة وظائفهم واصبح امرا مألوفا ان تظهر على الصحف عناوين استغناء الشركات عن كثير من موظفيها، كما ان محلات بيع السيارات لم تعد تستقبل تلك العينة من الزبائن التي لم تكن تتردد في دفع مبلغ خمسين الف دولار فوق القيمة الفعلية لأية سيارة مقابل الحصول عليها لحظة شرائها بدلا من الانتظار لمدة زمنية معينة، وتلك تمثل ايام الماضي التي لاتبدو في الأفق أمارات عودتها قريبا.هناك ايضا ذلك الانخفاض الواضح في اسعار العقارات التي كانت في العام الماضي من اغلى الاراضي في الولايات المتحدة الامريكية، هذا الانخفاض في مثل هذه الاسعار تسبب فيه انصراف المشترين عن اقتناء عقارات سكنية ففي شهر مارس من العام الماضي كان اكثر من خمسة الاف مشتر يتنافسون على ابتياع ما يقارب من 1500 وحدة سكنية، الا ان الصورة قد تغيرت تماما في شهر مارس من هذا العام اذ تتوافر اكثر من 2500 وحدة سكنية معروضة على 1400 شخص يبحثون عن سكن في منطقة «سان فرانسيسكو».ويبدو الوضع اسوأ بكثير مع اصحاب الوحدات التجارية الذي يدفعون ثمن طردهم للمستأجرين التقليديين من اجل عيون شركات التقنية، فقد ارتفعت اسعار الايجارات في منطقة «سان فرانسيسكو» لدرجة معها كانت الاسعار اغلى من مثيلاتها في مدينة «نيويورك» الا انها عاودت الانحدار السريع مع اخلاء تلك الشركات الجديدة لمواقعها ومبانيها لدرجة ان ملاّك هذه المباني يعضون اصابع الندم حسرة على طرد زبائنهم التقليديين، «ومن فات قديمه.. تاه» كما يقول المثل المصري الشهير..إجمالاً، تعكس حالة العقار ومشاكل الطاقة حقيقة خفوت سطوع نجم شركات التقنية التي كانت في يوم من ايام العام الماضي الحدث الأبرز في المجتمع الامريكي.
|
|
|
|
|