| الثقافية
هل ترحل؟
ولماذا؟
هل لأعود في أواخر العمر
على عكازين وسخين
وأتمرّغ على أول رصيف
يلوح لي من الوطن
أم لأعود لابساً قبعة من القشّ
..... ..... .....
..... ..... ....
لا
سأظلّ متكئاً على ريشتي حتى الشيخوخة
متكئاً على مرفقي
حتى يسيل اللحم على الخشب( محمد الماغوط
لا أفهم لماذا يحلم معظم المثقفين العرب بالهجرة، ولو إلى الوطن المجاور، ولا أستطيع ان أتصوّر كيف يطيقون البعد عن الوطن، ومهما كان الوطن قاسياً وجاحداً.
الذي أفهمه، أن هذه الهجرة، إن كانت صادقة النيات، هي هروبٌ من سيطرة وقيود الحبيب القريب إلى سيطرة وقيود العدوّ الغريب.
أعرف كثيراً من الذين يدّعون أنهم هاجروا أو يرغبون في الهجرة بحثاً عن الحرية والاحساس بالوجود الانساني. وأعرف تماماً أنهم إنما يحلمون فقط بالحصول على عطفٍ أو لجوءٍ، ومن أي نوعٍ كان، وبأي ثمن كان، ليستمتعوا بالسكن في «فنادق» من فئة خمسة نجوم وتناول مالذّ وطاب في أفخر المطاعم وقضاء الليالي في كازينوهات الرقص والفجور، وعلى حساب من منحهم هذا العطف أو اللجوء، وهرباً من العمل والكدّ والعناء، وهرباً حقيقياً، من خنادقهم في الوطن، إلى الفنادق والشقق المفروشة التي تمنحهم كل شيء ، عدا الاحساس بالانتماء والكرامة والحبّ والوفاء.
انظروا معي الى المثقفين العرب الذي يعيشون خارج وطنهم!!، هل يمارسون عملاً؟ هل يمارسون أدواراً نضالية إنسانية أو ثقافية تعود عليهم وعلى وطنهم وعلى ابناء جلدتهم من المهاجرين الآخرين بالنفع.
وتذكروا المثقفين العرب الأوائل، في بدايات ووسط القرن العشرين الذين سنوّا لمن جاء بعدهم سنة الهجرة، هذه السنة السيئة.
نماذج متكررة من الجبن والانهزام والتخاذل والهرب من الكفاح إلى حيث المتعة والدعة والسكينة والبطالة.
معظم، إن لم يكن كل المثقفين العرب، الذين يعيشون في مهاجرهم، عاطلون عن العمل، ويعيشون، دن حياء ولا كرامة، على اعانات البطالة وما يجود به الغرباء عليهم.
وقبل هذا وبعده، أشكّ في عواطفهم، وفي مشاعرهم التي يتشدقون بها في كتاباتهم عن الوطن وهم بعيدون عنه.
)لا شيء يربطني بهذه الأرض سوى الحذاء
لا شيء يربطني بهذه المروج
سوى النسيم الذي تنشقته «صدفة» فيما مضى
ولكن من يلمس زهرة فيها
يلمس قلبي
من «بلس إلى جاندارك»
ومن «جاندراك إلى بلس«)1(
رفعت يدي مئات المرات
محييا مئات الأشخاص
باليد التي تأكل
والتي تكتب
والتي تجوع(
أما نحن فنستبقى إلى )تبزغ شمس جديدة وعقول جديدة تفهم نعاسنا في المقاهي وقهقهاتنا خلف رذاذ السفن وبكاء المدافع(.
ــــــــــــــــ
|
|
|
|
|