| مقـالات
كل أمة لديها من التاريخ ما تفخر به او على الاقل واقعها يجعلها تتباهى بما بلغته من حضارة ورقي فعلى سبيل المثال لقد خلف لنا آباؤنا من الانجاز التراثي في ذلك التاريخ البعيد ما يجعلنا نتفاخر به ومع ذلك فقد اضعنا الكثير عبر تلك الاحداث والمراحل حتى دفعت بنا الحضارة الى مراتب متدنية مما يجعل على عاتق هذا الجيل الكثير الكثير حتى يثبت احقيته في ان يتبوأ بعض تلك المنزلة في حين ان شعوبا اخرى كالولايات المتحدة الأمريكية تفتقد الى ذلك العمق الحضاري لان تكوينها انما جاء على هيئة هجرات من دول مختلفة ومع ذلك فسرعان ماانصهروا في لحمة واحدة لمواجهة ما اعتبروه مهددا لتطلعاتهم ممثلا في سكان الارض الأصليين الذين كانوا في منزلة بدائية من التحضر مما دفعهم الى التصدي الى تلك الاقوام «كوافدين مستعمرين» حتى اجتثوا عناصر تلك الاقوام.
هي واقعة تدمي القلب اذ اعتبروا من الاجناس الشرسة. حيث انشأوا ثقافة جديدة اوصلتهم الى مقدمة الشعوب في الميزان الحضاري. اما اليابان فهي لم تكن تخلو في السابق من التقدم التاريخي المتوازن مما دفعها الى الغرور في حروب طاحنة مع جيرانها بل وقارعت دولا اقوى منها حتى تهاوت عندما ضربت بالقنابل الذرية الرهيبة مما جعلها تستسلم للحلفاء في الحرب العالمية الثانية لولا انها كشعب متفتح ناهض سرعان ما استعادت مكانتها الدولية صناعيا واصبحت اليوم قوة اقتصادية عظمى في مقدمة البلدان التي تتحكم بالميزان التجاري.
هذه المقدمة انما هدفت من ورائها الى التأكيد بأن الشعوب تمر بمراحل ما بين التقدم والانتكاس وهذا القول يصدق ايضا على دولة عظمى مثل المانيا التي تبوأت مكانة عظمى في القرن الماضي لولا ان قادتها بزعامة ذلك الدكتاتور الرهيب هتلر اصابه الغرور والغطرسة لمحاربة ليس جيرانه واخضاعهم فحسب وانما تطلع الى السيطرة على العالم قاطبة فكان لابد وان يتذوق الهزائم حتى ركع خائباً عن تحقيق تلك الطموحات ومع ذلك فقد كان شأن المانيا مثل حليفتها السابقة اليابان فهاهي قوة اقتصادية عظمى في الميزان العالمي فالكبوة لم تفت في عضد تلك الشعوب مما يجعل تطلعاتنا ممكنة لو احسنا التصرف والنهج العلمي بأن نواكب ونستعيد مكانتنا على ان نتحد اولا وقبل كل شيء.
على ان المؤلم ان اجهزتنا الإعلامية تبالغ في التفاخر بما ليس ايجابيا فنقرأ في وسائل الاعلام اننا اكبر دولة في استيراد ما نحتاجه او نملك ثروات هائلة أو حتى مساحة جغرافية شاسعة. ان ترديد مثل هذه الأقوال لا يخدم اهدافنا البعيدة بل ان انتصاراتنا الرياضية ليست هي المستقبل الذي ننشده لانها لا تعدو ما يشبه الحالات الطارئة مثل الحوادث المرورية التي جعلتنا في مقدمة الدول التي تفقد مواطنيها في حوادث مؤسفة ومؤلمة. فكم ارجو ان نتوقف عن التفاخر بالسلبيات ونستعيض عنها بالايجابيات العلمية مثل تطور الاكتشافات وايجاد تلك القاعدة الصناعية التي تفتح الطريق نحو جيل ناهض مدرك لاهدافه وتطلعاته الحضارية بعد ان نهيئ له سبل العمل عن طريق اتاحة كافة الفرص الكفيلة بتحقيق آماله في غدٍ سعيد ان شاء الله ومع ذلك فقد سعدت بأن أرى صناعة محلية تتمثل في منتجات مراعٍ منتشرة في بعض الدول العربية بما فيها دولة زراعية كبرى هي مصر العربية ذات التاريخ الزراعي العريق وهكذا يكون شعورنا بالفخر الوطني على سبيل المثال لا الحصر.
للمراسلة / ص.ب 6324
الرياض 11442
I-AL-homiedan@hotmail.com
|
|
|
|
|