| مقـالات
نعتقد أحيانا بحكم الظروف التي تلمُّ بنا والمواقف التي نتعرض لها من الآخرين وبالذات ممن يهمنا أمرهم، نعتقد أننا مجرد أرقام حسابية بالنسبة لهم أو أننا مجرد تجربة حلوة مرّت عليهم. أو أننا محطة يتوقفون عندها للتزود منها بما يريدون وبما يشبع احتياجاتهم أياً كانت نوعية ذلك الاحتياج.
وهذا من شأنه ان يضايقنا وان نشعر من خلاله بأننا طُعِنّا في أعز ما نملك وهي مشاعرنا الصادقة التي لا نعطيها لأحد بأي سهولة أو في كل وقت لمجـرد المجاملة!.
وهذه تجارب نمر بها من حين لآخر سواء في منازلنا مع أسرنا وعوائلنا أو في محيط العمل أو مع أصدقائنا مما يجعلنا في حالة كآبة وإحباط الأمر الذي يجعلنا حساسين تجاه أي شيء ومن أي شخص حتى لو كان هذا الانسان غال علينا، ولكن ربما لأنه عزيز وغال ربما كان هو ضحيتنا الأولى التي نفشّ فيه غليلنا من أول لقاء لنا معه أيا كانت نوعية هذا الحديث على اعتبار انه هو الذي يفهمنا وهو الذي يقدر موقفنا وهو الذي يتحملنا وهو الذي لا يمكن ان )يزعل( منا وهذا هو المهم في الموضوع.
وحقيقة الأمر، ان الانسان منا وهو في مثل هذه الحالة لا يلام خصوصا إذا كان محاطا باحباطات متعددة وخيبات أمل متواصلة واحساس مرير بأنه لا يستحق ما يحدث له من معاملة مجحفة وتجاهل. والتجاهل هنا لا يكون بالمقاطعة عن الحديث والامتناع عن التواصل ولكن التجاهل قد يحدث عن طريق التقليل من صدق مشاعرك تجاه الطرف الآخر لدرجة تشعرك أنك أنت الملام دوما وأنت من يجب ان يغير سلوكه وأنت.. وأنت..!
ولكن الألم الآخر الذي تشعر به بجانب احساسنا بأننا مهملون أو هامشيون أو أننا لا نعني ذلك القدر من الأهمية بالنسبة لمن نحبهم. ان الألم الآخر هو أننا بعد وقت قصير وقصير جدا نشعر بأننا المخطئون في حقهم وبأننا سوف نكون السبب في خسارتهم أو فقدهم أو )زعلهم( منا وهذا ما يجعلنا نبحث عن الأعذار الواحدة تلو الأخرى كي تعود اليهم مرة أخرى حتى لو تطلب الأمر الاعتذار منهم ليس لأننا أقل شأنا منهم أبداً.. ولكن لأننا نحب بصدق ولا نتصور بيننا وبين أنفسنا أننا سوف نخسر هذه الصداقة أو العلاقة العاطفية القوية الصادقة أو تكون سببا في خسارتها.
ولأن المسألة متعلقة بالمشاعر والأحاسيس والعواطف فكل شيء جائز وكل شيء قابل للتبرير بل وحتى قابل للمفاوضة ان لم نبالغ في ذلك لأننا لا نريد ان نخسر أعز ما نملك وأصدق ما نشعر به من تجارب حلوة لا تعوض بل إننا نحرص وبكل ما نملك ان نتمسك ولو بخيط رفيع يبقي على ما بيننا من حب وود وتواصل خصوصا حينما نعرف أننا لا نتعامل مع أي انسان! بل مع انسان يستحق ان نتمسك به وان نحافظ عليه. انسان يستحق ان نحزن من أجله حينما نخسره أو مجرد شعورنا أننا سنفتقده.
وحتى أولئك الشباب الذين يعتقدون مجرد اعتقاد أنهم لا يلاقون الاهتمام الكافي والرعاية المطلوبة من الوالدين فهذا لا يعني أنهم على حق باستمرار، وإن كان احساس الكثير منهم صحيح لعوامل عديدة لأن الأب وكذلك الأم ليسا كأي انسان إنهما شيء كبير وكبير جدا وقد تصدر منهما تصرفات تزعج أبناءهم الشباب ولكن هذا لا يعني عدم اهتمامهما بهم وسؤالهما عنهم بدليل ان أي أب يتمنى ان يكون ابنه افضل منه لأنه جزء منه.
* همسة*
من قال لك يوماً..
إنك في قائمة انتظاري؟
في آخر أولوياتي؟
في ذيل اهتماماتي؟
من قال لك ذلك؟
***
فأنت لم تكن كذلك يوما..
لست كأي انسان
منذ عرفتك..
ولن تكون كذلك..
بإذن الله..
حتى وان كنت بعيداً عني..
بحكم سفرك..
حتى وان كنت عاتباً عليّ..
بحكم تصرفاتي معك
***
وكيف تكون كذلك
وأنت أجمل بداية عرفتها.
وأنت أصدق رواية عشتها.
***
فها أنذا سافرت كما ترى..
ابتعدت عنك..
فماذا تغير فيّ؟
لا شيء أبداً..!
***
فها هي مشاعري نحوك..
لم تتغير ولم تتبدل..
وهاهي أشواقي لك..
لم تخبُ.. بل زادت!
وهاهي صورتك أمامي
وها أنت معي..
بكل مواقفك وطرائفك..
لم تفارقني لحظة واحدة..
***
أبعد هذا..
تخشى لامبالاتي لك؟!
وعدم اهتمامي بك؟!
وعدم سؤالي عنك؟!
كيف يكون هذا..
كيف وأنت من أنت؟
ألا يكفي أنك الوطن..
الذي أحنّ للرجوع إليه..
مهما طال مكوثي بعيداً عنه؟
ألا يكفي أنك الأرض..
التي لا أفرط فيها أبداً..
مهما غبتُ عنها طويلا..
بل ألا يكفي أنك الأم..
التي أتمنى ان ارتمي في أحضانها..
فأظلّ فيها للأبد؟
***
|
|
|
|
|