| مقـالات
ناقشت ـ شدو ـ في المقالتين السابقتين ما للأرقام الإحصائية الصادقة من اهمية للتخطيط التنموي، إضافة الى ما هنالك من العراقيل والمعوقات الثقافية والإدارية والعلمية التي تحول دون تحقق نجاح التعداد السكاني.. ومن ضمن هذه المعوقات مفهوم )المشاركة( بالتعداد السكاني: فلما لهذا المفهوم من اهمية قصوى وتأثير بالغ في نجاح عملية التعداد، فإنه من الواجب الأخذ بالاستراتيجيات الموجهة وطويلة المدى لغرض تفعيل المشاركة المأمولة التي لن تتحقق الا من خلال رفع الوعي الاجتماعي اللازم لادراك اهمية ما للتعداد من اهمية، وهذا امر لم ولن يتحقق خلال سنة واحدة ـ كما كانت عليه التوعية في السابق ـ حيث إن المشاركة عملية تربوية شاملة ومستمرة، خصوصا في ظل التفاوت الصارخ في مستويات الوعي الاجتماعي لدينا، فكما هو معلوم، فهناك من يقلل العدد الحقيقي لأولاده خوفا من )العين!!(، بينما لا يذكر البنات ألبتة خوفا من )الفضيحة!!(، بل ان هناك من تعتوره الريبة فيحجم عن المشاركة خشية )تجنيد الأبناء، مثلا!(، في حين أن هناك من يدفع به الطمع في )الإعانة كما كانت هي العادة سابقا!( الى المبالغة في اعداد اعضاء أسرته!، وعلى العموم فالعقوبة جزء من عملية زراعة الوعي ولذا فمن الواجب تفعيلها، لاسيما ان هناك امرا ساميا كريما ـ لا تحضرني تفاصيله او تاريخه الآن ـ ينص على العقوبة في حال عدم المشاركة، كما هو الحال في الدول المتقدمة التي تجرِّم قوانينها احجام مواطنيها عن المشاركة في التعداد السكاني الى حد الحرمان من حق التصويت أو الانتخاب.
إن من الواجب كذلك دمج التعداد السكاني والمساكن، مع التعدادات الفرعية الاخرى ضمانا للتنسيق وللاستفادة كذلك من تراكمية التجربة والخطأ، بالاضافة الى ضرورة التوسع في تعاريف مفهوم الإحصاءات الحيوية المستخدمة في التعداد لتشمل ما استجد في عالم اليوم من مفاهيم ومؤشرات ديموغرافية وخلافها. وثمة مجالات لها من الاهمية ما لحجم السكان من اهمية ولهذا فمن الواجب العمل على تجاوز التركيز )المخل( على حجم السكان الى )ما يؤثر ويتأثر ويقود وينجم وينتج ويتعلق..( بهذا الحجم من التغيرات )والمتغيرات( وغيرها من الظواهر التي من ضمنها على سبيل المثال ـ معدلات المواليد والوفيات والأعمار، والتوزيع الجغرافي، والخصوبة Fertility ، والإخصاب Fecundity )وبينهما فروق!(، ومعدلات الأمية، والبطالة، إضافة الى الممارس من الانشطة الاقتصادية، والدخل الفردي ومصادره، والممارسات الصحية وغير الصحية، وانماط الاستهلاك، وعوامل الطرد والجذب في الأرياف والمدن، والكثافة السكانية، ومثلها الكثافة العمرانية، ومعدلات التحضر، وآثار الظواهر المستجدة كبرامج السعودة والخصخصة والاستقلال الوظيفي/ المادي للمرأة، والطلاق، والعنوسة، والعلاقة التقنية بوسائل الاتصال.. وخلافها.
ما تم استعراضه حتى هذه النقطة تمحور حول دور )مصلحة الإحصاءات العامة( في الداخل فقط، غير انه من الواجب تفعيل دور هذه المصلحة ليشمل الخارج كذلك، وأمر كهذا يتطلب ـ من ضمن ما يتطلب ـ صياغة اهدافها ومسؤولياتها الخارجية انطلاقا من كمية ونوعية ما اتيح لها في الداخل من أدوار، مما يعني ضرورة تمكينها من متابعة كل ما يستجد في عالم المقاييس والمؤشرات التنموية التي تصدرها مختلف المنظمات والمراكز والمؤتمرات وورش العمل المتخصصة في العالم، خصوصا الاصدارات والتقارير الدورية المعدة من قبل برامج التنمية البشرية الصادرة عن هيئة الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها كاليونسكو، ومنظمة العمل. وخلافهما.
عليه ففي المقالة القادمة، تستعرض شدو الأسباب الملحة الداعية الى ضرورة تفعيل دور مصلحة الاحصاءات العامة خارجيا.. مستميحا إياكم العذر لعدم تمكني من الاجابة عن السؤال الذي قطعت على نفسي وعدا الاجابة عنه اليوم، فقد ألجأني ضيق الحيز الى )تمديد( هذه السلسلة من المقالات الى يوم )الاحد القادم( إن شاء الله.. أما )شدو( الخميس فتظل كعادتها: )المنتجع!( هروبا من جفاف شدو يومي الأحد والثلاثاء.. علما بأن الدعوة عامة..!
للتواصل: ص. ب 454 رمز 11351 الرياض
|
|
|
|
|