| مقـالات
سمعت عن أحد الآباء المدخنين، الذي صعق بعد نجاح وتفوق ابنه البالغ من العمر ثماني سنوات، بطلبه أن تكون هدية نجاحه علبة سجائر، لتكتمل رجولته، ويحقق شيئا من ذاته خاصة لدى من يعتبرهم قدوة ويحاول محاكاتهم في جميع شؤونهم الحسن منها والسيئ!! حينها لم يجد الأب - المتهم - ما يسعفه للرد على فلذة كبده، إلا بالصمت الذي يلي لحظة النطق بالحكم في ردهات المحاكم عقب استكمال جميع الأدلة والبراهين ولكن الطفل باغت والده في هذه الأثناء بتكرار الطلب نفسه بكل ما تحمله مرحلته العمرية من براءة، لعله يجد القبول.
لم يتساءل ذلك الأب ويتوقف أمام «خلفية» طلب ابنه، بل اكتفى بزجره وتوبيخه على الهدية المطلوبة التي أعقبت حصاد ما كان يزرعه الابن طوال أيام السنة من جد واجتهاد، بل لم يستفسر كيف استقرت هذه العادة في ذهن الابن، حتى تجرأ وطلبها، رغم أن كل ذي لب حصيف يصفها بـ« القاتل البطيء» لكل جزء من أعضاء الجسم سواء القلب أو الأوعية الدموية أو الجهاز التنفسي أو الجهاز الهضمي هذا من الناحية الطبية، ولا أظن ثمة من يجهل حكمها من الناحية الشرعية، أما من الناحية الاقتصادية - لغة الأرقام - فلنفرض أن مدخناً يدخن علبة سجائر واحدة في اليوم يعني أنه يدخن في السنة 365 علبة، وعلى أساس أن ثمن العلبة 5 ريالات فسيكون الانفاق السنوي له على هذه العادة السيئة يساوي خمسة وعشرين وثمانمائة بعد الألف، ولو سلَّمنا بأن مدينة ما تعدادها حوالي مليون نسمة، وأن نسبة الذكور فيها 600 ألف نسمة، افترض أن نسبة المدخنين بينهم 35% فسيكون عدد المدخنين 210 ألف مدخن - وبما أن تكلفة المدخن الواحد خمسة وعشرون وثمانمائة بعد الألف - إذاً فإجمالي إنفاق المدخنين السنوي سيكون 000.325.38 ريال، وإن من الأجدر أن تنفق هذه المبالغ المهدرة في المجالات ذات النفع العام والخاص، وتدعيم المشروعات الخيرية والاجتماعية والاقتصادية، وكما قال الشاعر:
إنما التدخين جرم
وهو للأمراض باب
تُنهكونَ الجسم سُقماً
لم تخافوا من عقاب
قد خدعتم بانذهالٍ
بين لذات السراب |
وتحت منظار التحليل النفسي لا صحة لما يُشاع عن فوائد للتدخين، من إسهامه في حل بعض المشكلات النفسية والجسدية، بل هي من قبيل الأباطيل التي لا أصل لها أيها الأب والأخ والصديق.. إلخ.
فهل ينتظر كل مدخن أن يأتي ذلك اليوم، الذي سيطلب منه ابنه علبة سجائر هدية للنجاح حتى يقلع عن التدخين؟!
alotaibi_o@hotmail.com
|
|
|
|
|